مفهوم تطفيف المكيال والميزان .. الأدلة من القرآن والسنة في النهي عن التطفيف

مفهوم تطفيف المكيال والميزان ، حيث أن تطفيف المكيال والميزان من اقبح المعاصي التي حرّمها الله-تعالى- وجعلها من الكبائر، لأنّ فيها أكل لأموال النّاس بالباطل، وقد رتّب الله-تعالى- على مُرتكبها العذاب الشّديد، فقد أورد الله في كتابه سورةً مُخصصةً في التّطفيف أسماها المُطفّفين، وهي موجودة في الجزء الثّلاثين، وقد ابتدأت بالحديث عن المطفّف، وكيف هو حاله مع النّاس، وما توعّده الله-تعالى- بالعذاب الشّديد.

مفهوم تطفيف المكيال والميزان

التّطفيف هي صغية مُبالغة من طفّ، وهو في اللّغة بمعنى التّعدي، فيقال طَفَّفَ عليه أي أعْطاهُ أقلَّ ممَّا أخذ منْه، وطَفَّفَ المِكيالَ أي بَخَسَهُ، و نَقَصَ منه،[1] وأمّا التطفيف اصطلاحًا فهو مَن طَفّف الكيل إذا قلَّل من نصيب المَكيل له في إيفائه واستيفائه،  فالتّطفيف هو تقليل نصيب المكيل له، وزيادة نصيب المكيل إليه، فإذا اشترى يأخذ بزيادة، وإذا باع يُعطي الأقلّ، فالمُطفّف بالعطاء يأخذ بزيادة، وبالبيع يقلّل، فهذا التّطفيف هالكٌ لصاحبه، كما قال بعض العلماء: ” إذا كان التّطفيف بحق البشر سبب هلاك الإنسان فكيف بالتّطفيف بحق خالق السّماوات والأرض”[2] وسيتحدّث المقال على أنّ تطفيف المكيال والميزان من اقبح المعاصي.

تطفيف المكيال والميزان من اقبح المعاصي

إنّ تطفيف المكيال والميزان من اقبح المعاصي فقد عدَّ الإمام ابن حجر في كتابه ( فتح الباري في شرح صحيح البخاري ) التّطفيف من الكبائر، لأنّ فيه أكل أموال النّاس بالباطل، والتّطفيف يشمل أنواعًا كثيرةً، فهو يشمل الغش في زيادة المِكيال أو نقصانٍ فيه، ويشمل كذلك ما يُسمّى بالإحتكار وهو أن يوهم البائع المُشتري أنّ البضاعة مقطوعة، أو أنّها شحيحة، وهي ليست كذلك، فيتعمّد إلى زيادة سِعرها، لذلك رتّب الله-تعالى- على كل من أخذ مال، وطفّف بالسّعر، أو تلاعب بالميزان، بالعذاب الشّديد، كما قال سُبحانه في كتابه:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}[3] والويل هو وادٍ في جهنّم لو سُيّرَت فيه جبال الدنيا لذابت من شِدِّة حرّهِ، وقد قال الإمام النّيسابوري : ” صدر الله -سبحانه وتعالى- صورة المطفّفين بالنّعي على قوم آثروا الحياة الزّائلة على الحياة الباقية، وتهالكوا على الحرص على استيفاء أسبابها حتى اتّسموا بأخسّ السّمات، وهي التّطفيف “[2]

الآيات القرآنية والأحاديث النّبوية الواردة في النّهي عن التّطفيف

جاء في كتب الفقه الإسلامي أن تطفيف المكيال والميزان من اقبح المعاصي وقد وردت الكثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي دلّت على النّهي عن التّطفيف، ومنها:[2]

• قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}[4] وقد جاء في تفسيرها أنّ الله-تعالى-أمر بإقامة الوزن بالقسط أي بالعدل وأن لا يُبخسوا فيه.
• قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}[5] أي ميزان العدل.
• قال تعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}6
• عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -قال : قال- عليه الصّلاة والسّلام :( خمس بخمس، قيل : يا رسول الله، وما خمس بخمس؟ قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الموت، وما منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر، ولا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النّبات)[7]
• عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال : قال عليه الصّلاة والسّلام :( إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا ).[8]
• عنْ عبْد اللَّه بن عُمر قَالَ :( أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَر الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ)[9]

إنّ تطفيف المكيال والميزان من اقبح المعاصي التي حرمها الله-تعالى- لأنّ فيها أكل أموال النّاس بالباطل ويترتب عليها العذاب الشّديد.