من خصائص الحضارة الإسلامية

من خصائص الحضارة الإسلامية

من خصائص الحضارة الإسلامية التي كان لها بالغ الأثر في رسم معالم ثقافة وشعوب المنطقة العربية وغيرها العديد من شعوب وسكان المناطق الأخرى التي وصل إليها الدين الإسلامي، وسيتطرق موقع محتويات من خلال المقال التالي إلى موضوع من خصائص الحضارة الإسلامية مرورًا باستعراض أبرز سمات الحضارة الإسلامية وتصنيفات الحضارة التي ساهمت معًا في بزوغ مفهوم الحضارة الإسلامية مع الإضاءة على أهم معالم هذه الحضارة والتي لا تزال آثارها واضحةً حتى الآن.

ما هو مفهوم الحضارة

شهد مفهوم الحضارة عدة تغيرات عبر الزمن، وحتى اليوم يجري استخدام هذا المفهوم بطرق مختلفة، وبشكل عام يمكن القول إن مفهوم الحضارة هو مصطلح يستخدم لوصف المجتمعات البشرية ذات المستوى المتقدم من حيث التطور العلمي والثقافي والتكنولوجي، ومن الناحية اللغوية يرتبط مصطلح الحضارة بالمجتمعات الحضرية الموجودة في الدولة في الوقت الذي يتم فيه تنحية البدو الذين غالبًا ما يفتقرون إلى وجود وطن دائم لهم، وعلى صعيد آخر يقوم البعض بتوسيع مفهوم الحضارة بحيث تعني الثقافة أو التقاليد الإقليمية وهذا ما يمكن فهمه بسهولة عند الحديث عن الحضارة المصرية أو الحضارة الصينية أو حضارة إيجه أو حتى عن الحضارة الإسلامية التي تشمل عدة مناطق ودول.[1]

شاهد أيضًا: ابرز منجزات الحضارة الاسلامية في النظام المالي

التعريف بالحضارة الإسلامية

قادت الفتوحات الإسلامية التي توجهت نحو الشرق والغرب خلال القرنين السابع والثامن الميلادي إلى ولادة الإمبراطورية الإسلامية الواسعة ذات الأطراف المترامية والتي امتزجت فيها الحضارة الإسلامية ذات الطابع العربي بحضارة وثقافة المناطق التي وصل إليها الإسلام فتشكلت نماذج جديدة من الثقافات رسمت ملامح الحضارة الإسلامية المعروفة اليوم، ومنذ ظهور الإسلام نهضت الدول الإسلامية وسقطت بشكل متتابع، إلا أنها استطاعت استيعاب واحتضان الثقافات المختلفة فبنت مدنًا عظيمةً وأقامت شبكةً تجاريةً واسعةً، كما شهدت تطورًا كبيرًا في مجالات الفلسفة والعلوم والطب والقانون والفن والعمارة والهندسة وغير ذلك، وتعتبر الحضارة الإسلامية اليوم مزيجًا من مجموعة واسعة من الثقافات التي تصب في بوتقتها تلك الحضارات المنتشرة في قارة آسيا الوسطى وصولًا إلى شمال إفريقيا وبعض المناطق الأخرى من العالم.[2]

شاهد أيضًا: الحضاره الاسلاميه اعم واشمل من الحضارات السابقه وذلك بسبب

من خصائص الحضارة الإسلامية

حمل المسلمون العرب ثقافتهم البدوية البسيطة إلى المناطق التي وصل إليها الإسلام فامتزجت هذه الثقافة بالثقافات الموجودة هناك لينتج عن ذلك ما عرف فيما بعد بالحضارة الإسلامية، وفيما يلي مجموعة من أبرز خصائص الحضارة الإسلامية:

  • صبت الحضارة الإسلامية جل اهتمامها على بناء الإنسان من كافة النواحي ومنذ ولادته بهدف تهيئته اللبنة الأساسية في المجتمع للممارسة دورها على أتم وجه.
  • تميزت الحضارة الإسلامية بالانفتاح لتجمع بين القديم والحديث في إطار أخلاقي أهملته الكثير من الحضارات التي سبقتها.
  • تعتمد الحضارة الإسلامية على تعاليم القرآن الكريم وأسس الشريعة الإسلامية العادلة والمتكاملة في إدارة الشؤون الحياتية للناس.
  • رسخت الحضارة الإسلامية مفهوم الولاء للدين دون الأخذ بعين الاعتبار للعرق أو اللون أو القومية، الأمر الذي ساعد في تنوع الحضارة الإسلامية مع تنوع البيئات المسلمة.
  • دعت الحضارة الإسلامية المسلمين إلى طلب العلم وحضت على كسبه.
  • شجعت الحضارة الإسلامية على إرساء مبدأ عمارة الأرض والاهتمام بالعلم والعمل بإتقان ورفعت العامل المجد إلى درجة العابد الزاهد.
  • شجعت الحضارة الإسلامية على نشر دين التوحيد وتحرير العقول من عبودية المادة.

شاهد أيضًا: توصل الخزافون المسلمون في القرنين الثالث والرابع بعد الهجرة لاكتشاف أساليب جديدة

من سمات الحضارة الإسلامية

منذ ظهور الإسلام نهضت الدول الإسلامية وسقطت بشكل متتابع، إلا أنها استطاعت استيعاب واحتضان الثقافات المختلفة فبنت مدنًا عظيمةً وأقامت شبكةً تجاريةً واسعةً. وسنبين فيما يلي مجموعة من السمات التي ميزت الحضارة الإسلامية عن غيرها من الحضارات والثقافات الأخرى:[3]

التوحيد

تقوم العقيدة الإسلامية في جوهرها على التوحيد، وهو الإيمان بوجود خالق واحد مدبر للكون ومتصرف في شؤونه، ويحمل ركن التوحيد صرح الحضارة الإسلامية إذ تستند جميع الأعراف والقواعد والقوانين والأنظمة في المجتمع الإسلامي إلى القرآن الكريم والسنة النبوية والقائمة في جوهرها على التوحيد.

الطهارة وتنقية الذات

سعى الإسلام إلى إصلاح الفرد النواة الأساسية في إصلاح المجتمع انطلاقًا من مبدأه القائل بأن كل الشرور التي تظهر في العالم تنشأ من الذات الداخلية الفاسدة، لذا عمل الإسلام على بناء الفرد بعيدًا عن الفساد والانحطاط اللذان يقودان إلى انحطاط وفساد اجتماعي يؤدي إلى انهيار المجتمع، وبهذا الشكل أصبحت تنقية الذات سمة حيوية من سمات الحضارة الإسلامية.

كرامة الإنسان

رسخت الحضارة الإسلامية مفهوم كرامة الإنسان رافعةً شعار كل الرجال والنساء مكرمون مزيلةً تلك الأفكار التي كانت سائدةً قبل نزول الإسلام والتي كانت تقول بأن الشرف والكرامة محفوظة لطبقات معينة تبعًا للعرق أو القوة أو الثروة، وبحسب الإسلام فإن كل روح مخلوقة ومرسلة إلى الأرض هي روح نبيلة تستحق الاحترام، ولهذا سجدت الملائكة لآدم.

المساواة

ألغى الإسلام أي تمييز بين البشر اعتمد على اللون أو الطبقة أو العرق، ففي الإسلام لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح، وفي الإسلام يقف الأغنياء والفقراء والحكام والخدم في صف واحد دون أي تمييز، لذا كانت المساواة سمة مميزة من سمات الحضارة الإسلامية.

العدالة الاجتماعية

تعتبر العدالة الاجتماعية أحد سمات الحضارة الإسلامية البارزة، ففي الإسلام لا يجوز الظلم ولا تجوز الشفاعة لظالم، وقد أمر الله تبارك وتعالى بأن يشهد الإنسان بالحق ولو على نفسه أو على أقربائه، وفي السيرة النبوية الكثير من الأحاديث التي تشهد بذلك.

القيم الأخلاقية

تعتبر القيم الأخلاقية الرفيعة أحد السمات البارزة للحضارة الإسلامية، وتعرف القيم الأخلاقية بأنها مجموعة العادات والتقاليد والسلوكيات السائدة والمقبولة أو التي يعتبرها المجتمع جيدةً، وفي الإسلام لا يجوز الكذب، ولا الجشع، إنما يسود الاحترام والحب ودفع الصدقات ومساعدة الآخرين وإكرام الضيف.

التسامح

يدعو الدين الإسلامي إلى التسامح الذي يعتبر أحد سمات الحضارة الإسلامية البارزة، ففي الإسلام دعوة إلى التغاضي عن عيوب الآخرين والغفران لهم ومسامحتهم وتحمل معتقداتهم وآراء الدينية الخاصة، وكل ذلك ينعكس على المجتمع الذي سيصبح مجتمعًا مسالمًا.

تطبيق القانون

يرفع الإسلام شعار “لا أحد فوق القانون، والجميع متساوون أمام القانون”، وفي السيرة النبوية الكثير من الأمثلة على سيادة القانون ومن بينها قصة تلك الفتاة ذات النسب العريق والتي قامت بالسرقة فاستحكم الناس في قطع يدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “والله لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها”.

شاهد أيضًا: الحضارة الإسلامية هي إرث تشاركت فيه جميع الشعوب، والأمم التي دخلت الإسلام

من معالم الحضارة الإسلامية

كان للإسلام ولعلماء المسلمين تأثير واضح في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وفيما يلي مجموعة من معالم الحضارة الإسلامية التي لا تزال بصماتها واضحةً حتى اليوم:[4]

الحضارة الإسلامية والعلوم

أدى تدخل علماء الإسلام خلال فترة الانحطاط الأوروبي إلى حفظ التراث العلمي والفلسفي للعالم القديم الذي كان على وشك الضياع، وخلال 4 قرون من الزمن شكلت التطورات العلمية الإسلامية أساس المعرفة في العالم، ويشير بعض الباحثون التاريخيون إلى أن كتابات علماء المسلمين كان لها بعد كبيرًا أدى إلى ظهور الحضارة الغربية كما هي عليه الآن.

الحضارة الإسلامية والتجارة

عمل الكثير من العرب في التجارة قبل نزول الإسلام، ومع بدء الدعوة والإسلامية على نطاق واسع استمر هؤلاء في تجارتهم التي بدأت بالتوسع شيئًا فشيئًا، فتفوقوا في صناعة السفن وعلم الفلك وأجهزة القياس العلمية ووصلت المنتجات العربية إلى أقصى بقاع العالم، ويومًا بعد يوم بدأت بعض الألفاظ العربية تخالط الثقافات الأخرى مثل قطن “الموسلين”، وهو قطن يتم إنتاجه في مدينة موصل في العراق، وكذلك هو الحال من أجل النسيج الدمشقي من دمشق، والفسطاط من مصر.

شاهد أيضًا: الأساس الأول للحضارة الإسلامية وأصلها هو اللغة العربية

الحضارة الإسلامية وفن العمارة

استخدم الغرب لفظة “أرابيسك” لوصف التصميم الفريد الذي ميز الفن العربي الإسلامي، فالمساجد العظيمة التي تم بناؤها لم تكن أماكنًا للعبادة فقط، إنما كانت أماكنًا للعلم والتعلم وأيضًا، وهي لا تزال شاهدًا رائعًا على فن وإبداع المهندس الإسلامي، ومن أبرز المساجد ذات التصميم الفريد المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد الأقصى في القدس، والجامع الأزهر في مصرن والجامع الأموي الكبير في دمشق، والجامع الأزرق في إسطنبول، ومسجد قرطبة في إسبانيا، وتجدر الإشارة إلى أن معظم هذه المساجد يحتوي على لوحاتٍ من الفسيفساء ذات الجمال النادر والتي غالبًا ما تم رسمها باستخدام اللونين الأزرق (للسماء والبحر) والأخضر (للنباتات).

تصنيفات الحضارة الإسلامية

تعتبر الحضارة الإسلامية نتيجة لتفاعل وتكامل مجموعة من الحضارات والتي يمكن تصنيفها على النحو التالي:

  • حضارة الدول: وهي الحضارات المحلية المرتبطة بالثقافات السائدة في الدول التي دخل إليها الإسلام أثناء الفتوحات الإسلامية.
  • حضارة الدين الإسلامي: وهي مجموعة القيم والمبادئ والأفكار التي جاء بها الدين الإسلامي وبدأ بنشرها على لسان نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق.
  • حضارة مستوردة: وهي مجموع ما نقله علماء وفلاسفة الدين الإسلامي من تعاليم وأفكار وعلوم وصلت إليهم من حضارات أخرى متألقة.

وقد أدى تفاعل هذه الأنواع الثلاثة من الحضارات وتكاملها معًا إلى نشوء ما يعرف اليوم بمفهوم الحضارة الإسلامية.

شاهد أيضًا: انطلقت الحضارة الإسلامية من المدينة المنورة صواب خطأ

تفاعل الحضارة الإسلامية مع الحضارات الأخرى

لم تشهد العقود الأربعة الأولى من ظهور الإسلام تمازجًا للثقافات المختلفة، إنما جرى نقلها عبر إطار القيم الإسلامية، وفي بعض الحالات تم استيعابها داخل الحضارة الإسلامية، ويؤكد الباحثون التاريخيون أن الإسلام كان قناةً لنقل الحضارة والثقافة الغربية، فالاتصال مع بلاد الفرس واليونان أثر كثيرًا في ظهور الموسيقى التي بدأت ترافق الشعر والنثر، كما أن دخول الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد إلى مصر كان سببًا في تأثر الفلسفة الإسلامية فيما بعد بكتابات فلاسفة اليونان كأرسطو وسقراط، ويمكن القول أن تأثير الإسلام ساعد في بزوغ بوادر النهضة الأوروبية والتي ارتكزت إلى الكتابات التي تم ترشيحها من قبل فلاسفة المسلمين، وعلى رأسهم الشيباني الذي بدأ باعتماد طريقة الحالة لتدريس القانون الإسلامي الدولي، والتي أصبحت فيما بعد أساسًا لكتابات القانونيين الغربيين.

شاهد أيضًا: يشتمل النظام الإداري في الحضارة الإسلامية على عدد من العناصر

وبهذا يختم المقال الذي تناول موضوع من خصائص الحضارة الإسلامية مرورًا باستعراض أبرز سمات الحضارة الإسلامية وتصنيفات الحضارة التي ساهمت معًا في تشكيل مفهوم الحضارة الإسلامية مع الإضاءة على أبرز معالم الحضارة الإسلامية التي لا تزال آثارها واضحةً حتى الآن.

المراجع

  1. ^ worldhistory.org , Civilization , 19/05/2022
  2. ^ thoughtco.com , Islamic Civilization: Timeline and Definition , 19/05/2022
  3. ^ scholarlywriteups.com , Characteristics of Islamic Civilization , 19/05/2022
  4. ^ mei.edu , Islamic Civilization , 19/05/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *