من هو النبي الذي لبث في بطن الحوت

من هو النبي الذي لبث في بطن الحوت

من هو النبي الذي لبث في بطن الحوت حيث ذكر الله تعالى في محكم تنزيله قصصًا عدة لبعض الأنبياء والمرسلين، وجعل في قصصهم عبرة وذكرى لأولى الألباب والأبصار، ومن بين الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم سيدنا يونس -عليه السلام- وقصة عجيبة له مع حوته السائر بأمر الله، فدعونا نعرف أكثر عن صاحب الحوت.

من هو النبي الذي لبث في بطن الحوت

النبي الذي لبث في بطن الحوت هو نبي الله يونس عليه السلام، حيث ابتلعه حوت ولفظه بعد دعوته لقومه إلى عبادة الله تعالى، وسنشهد في السطور القادمة بعض التفاصيل عن دعوة أصل دعوة يونس -عليه السلام- لقومه، وما الذي أوصله لبطن الحوت.

 دعوة يونس إلى قومه

هو نبي الله يونس بن متَّى -عليه السلام- الذي يمتد نسبه لبنيامين شقشق سيدنا يوسف -عليه السلام-، وقد بعثه الله إلى أهل نينوى بالموصل في العراق، حيث انتشر بينهم الشرك والضلال، فاتخذوا من الأصنام آلهة لهم من دون الله.

دعا يونس عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام لمنهم كذبوه وكفروا وأصروا على شركهم، وقيل أنهم استمر في دعوتهم لعبادة الله تعالى دهرًا قدر بثلاث وثلاثين عامًا فلم يستجيب لرسالته إلا رجلان، فلم يئس منهم وعدهم بعذاب من الله تعالى جزاء كفرهم وتمردهم، وخرج من بلادهم، إلا أن خروجه كان قبل أن يأذن الله له بذلك.

يونس في بطن الحوت

بعد خروج سيدنا يونس عليه السلام من بلده ركب سفينة مع قوم، فلما بلغوا بسفينتهم عرض البحر، اضطربت السفينة وهاج البحر فلم يجدوا لهم مستقرًا إلا أن يلقوا بأحدهم إلى البحر تخفيفًا للحمل، وبالفعل اقترعوا على الأمر أيهم سيتم إلقائه إلى البحر الهائج، فلما سحبوا سهم القرعة خرج اسم يونس عليه السلام، لكنهم لم يحبذوا أن يكون سيدنا يونس هو من يلقى إلى اليم لما رأوا فيه من صلاح وتقوى، فأعادوا القرعة مرارًا، وفي كل مرة يخرج اسم سيدنا يونس عليه السلام، فألقى يونس بنفسه إلى البحر.. وهنا ابتلعه حوت ضخم!

ومن الطبيعي لأي إنسان في هذا الوضع أن يظن أنها نهايته وحتفه، إلا أن سيدنا يونس قد ظل على قيد الحياة بداخل الحوت، فعلم أن نجاته تلك ما هي إلا لطف ورحمة من الله تعالى، ومكث في ظلمات بطن الحوت ثلاثة أيام ما بين شكر وتسبيح لله سبحانه وتعالى مرددًا: ﴿ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين﴾ حتى أخرجه الحوت -بأمر من الله تعالى- على اليابسة، لتبنت عليه شجرة من يقطين يستظل بظلها وينتفع من ثمرها.[1]

شاهد أيضًا: كم لبث يونس في بطن الحوت

 توبة قوم يونس

بعد مضي سيدنا يونس لسبيله بعيدًا عن قومه بدأت أمارات العذاب من الله تعالى في الظهور، فغشيتهم سحب سوداء ذات دخان، فأيقنوا أنه عذاب من الله تعالى وسارعوا إلى سبل التوبة والهداية والاستغفار متضرعين إلى الله سبحانه أن يكشف عنهم عذابه ويغفر لهم ذنوبهم، يتقبل منهم إيمانهم، فقبل الله تعالى توبتهم.

وبعد أن خرج سيدنا يونس عليه السلام من بطن حوته رده الله تعالى إلى قومه المؤمنين فلبث بينهم دهرًا يعلمهم الصلاح والتقى، إلا أن حالهم هذا لم يدم إلى الأبد فعادوا إلى كفرهم وعنادهم، فأرسل الله عذابه عليهم، ودمرت مدينتهم.

ذكر سيدنا يونس في القرآن

ورد ذكر سيدنا يونس عليه السلام في أكثر من موضع من آيات الذكر الحكيم، حتى أن سورة من القرآن الكريم قد سميت باسمه ألا وهي سورة (يونس) والتي ورد فيها قوله تعالى: ﴿ فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين﴾.

وكذلك وردت قصته -عليه السلام- في الآيات التالية: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُون، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِين، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيم، فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِين، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيم، وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِين، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُون، فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين﴾.

وذكر اسمه صريحًا أيضًا في آيات أخرى منها:

  • ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾
  • ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِين﴾
  • كما ذكر -عليه السلام- بألقاب أخرى كصاحب الحوت، وذا النون- والنون هو الحوت- في آيات منها قوله تعالى:
  • ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُوم﴾
  • ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.[2]

شاهد أيضًا: دعاء يونس في بطن الحوت

دعوة يونس عليه السلام

لما أراد الله سبحانه وتعالى أن يعلم نبيه يونس -عليه السلام- ضرورة الصبر على الدعوة وعدم الاستعجال والغضب ابتلاه بما مر به من رمي بالبحر، والإلقاء في ظلمات بطن الحوت، فلما فطن سيدنا يونس إلى مراد الله تعالى به استمسك بالتسبيح الذي وردت صيغته في قوله تعالى: ﴿ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين﴾، إذ هي الصيغة الكاشفة للغم، الجامعة للتسبيح والاعتراف بعظيم فضل الله تعالى على العبد، وفي فضلها يقول خير المرسلين ﷺ في الحديث الشريف: “دَعْوةُ ذي النُّونِ إذ دَعا وهو في بطْنِ الحُوتِ: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيءٍ إلا اسْتجاب اللهُ لَهُ” [رواه الألباني].[3]

وفي النهاية نكون قد علمنا من هو النبي الذي لبث في بطن الحوت، فإنه لا شك أن أنبياء الله تعالى ورسله هم أشد الناس ابتلاءً، وصبرًا ومجاهدة في سبيل دعوته سبحانه وهداية الناس إلى سبل النجاة في الدنيا والآخرة، فاللهم صلِّ وسلم وبارك على جميع الأنبياء والمرسلين الكرام، وعلى إمامهم وخاتمهم نبينا ﷺ.

المراجع

  1. ^ alukah.net , يونس عليه السلام , 25-4-2021
  2. ^ islamweb.net , قصة يونس في القرآن الكريم , 25-4-2021
  3. ^ wikiwand.com , يونس , 25-4-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *