هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين

هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين

هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين ؟ من الأسئلة التي يبحث عنها الكثير من الناس؛ لأنّ طبيعة المؤمن يحزن على موت أحبّته، ويشتاق لمن فقدهم، وأفضل ما يُقدّمه المؤمن للميت أن يترحم عليه ويدعو له كما أوصانا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما يمكن أن يتصدّق عليه، ومن أفضل الأدعية التي يمكن أن يقدمها للميت: اللهمّ أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار، اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسُن أولئك رفيقًا، هذه الأدعية يقدمها المسلم لأخيه المسلم عند موته؛ لينال رحمة الله تعالى، وفي هذا المقال سيتم بيان حكم الدعاء والترحم على غير المسلم.

هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين

إنّ الترحم على أموات غير المسلمين لا يجوز، سواء كانوا من اليهود والنصارى، أو كانوا من غيرهم، لقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}،[1] ولقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “والذي نفسي بيده؛ لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، ولا يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار”،[2] ومن الجدير بالذّكر أنّ خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعاملته الطيبة وأسلوبه الحسن لأهل الكتاب، وعطفه للخلق وغيرها من الأوصاف الطيبة التي كان عليها محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يعدّ سببًا للقول بجواز الترحم على أموات غير المسلمين، لأن الله تعالى وهو القادر على كل شيء وهو أرحم الراحمين قد نهى رسوله وأمّته من بعده أن يدعوا للمشركين ولو كانوا من ذويهم وأقاربهم، وهذا مغاير للدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم للدخول إلى الدين الإسلامي، فإن ذلك جائز.[3]

حكم الترحم على الموتى العصاة

وبعد أن تمت الإجابة على سؤال: هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين ، من الجدير بالذّكر بيان حكم الترحم على العصاة فهل هو كحكم الترحم على غير المسلمين؟ إذا كان مسلمًا مؤكد أنه كان موحدًا لله ومسلمًا يؤمن بأركان الإيمان؛ كالإيمان بالله واليوم الآخر، ولكن خاض العديد من المعاصي فلا مانع من الدعاء له لأنّ ذلك أحوج إليه، والله هو الغفور حيث يغفر لجميع المسلمين، مما يعني جواز الدعاء له بالمغفرة والرحمة؛ لأن المعاصي لا تخرجه من الإسلام، فالخمر والزنا وأشباه ذلك لا يخرجه عند أهل السنة والجماعة لكن يكون ضعيف الإيمان، أما إن كان مشهورًا بشيء آخر يدل على كفره مثل سب الدين، أو إنكار فرائض الله وأحكامه، كإنكار وجوب الزكاة، والاستهزاء بالدين، هذا كافر لا يجوز الدعاء له أو الترحم عليه، أما إذا كان موحدًا ويحب الإسلام، وأنه مسلم يصلي وموحد لا ينكر بالله شيئًا، ولكن بُلي بهذه المعاصي فهذا يدعى له وأمر رحمته والمغفرة له إلى الله.[4]

حكم الدعاء على الظالم بعد موته

إذا حصل ظلم من هذا الميت فإن العفو عن الظالم ومسامحته، وخصوصًا إن كان قريبًا، فهذا الفعل من أعظم القربات وأعلى درجات الطاعات التي يجني المسلم ثمراتها في الدنيا والآخرة، وأمّا حكم الدعاء على الظالم جائز، ولم يوجد من أهل العلم قال خلاف ذلك أو فرق في ذلك بين ظالم حيّ وبين ظالم قد مات، لأنّه معلوم أنّ حكم الدعاء على الظالم الحي جائز، ولكن الدعاء على الظالم موقوف بعدم الدعاء عليه بشيء أعلى من جنايته، فإن الدعاء عليه بأكبر من فعلته يُعدّ صورة من الاعتداء في الدعاء وهو منهي عنه في الإسلام.[5]

إلى هنا نكون قد أجبنا على سؤال: هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين ، كما بينا العديد من الأحكام؛ كالدعاء على الميت الظالم والميت العاصي، وتبين أنّ العبد إذا كان موحدًا لله ومعروفًا بإيمانه لكنه عاصٍ لله تعالى؛ فالدعاء له جائز بخلاف إذا تبين كفره أو كان ظالمًا.

المراجع

  1. ^ سورة التوبة , 113
  2. ^ الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر: عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 2/66 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
  3. ^ www.islamweb.net , الترحم على أموات غير المسلمين من الاعتداء في الدعاء , 27-11-2020
  4. ^ www.binbaz.org.sa , حكم الترحم على مرتكب الكبائر , 27-11-2020
  5. ^ www.islamweb.net , حكم الدعاء على الميت الظالم بـ (الله لا يرحمه) , 27-11-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *