هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة

هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة؟، هو عنوان هذا المقال، أنَّ هذه الإفرازات تُسمى بالكدرة والصفرة، وقد وضح الشيخ -ابن عثيمين- أنَّهما عبارة عن سائلان يخرجان من المرأة في بعض الأحيان قبل الحيض، وأحياناً بعده، وأنّ الصُفْرة تُشبه ماء الجروح، والكُدرة ماءٌ ممزوجٌ بحُمْرةٍ، أو بعروقٍ حمراء، تُشبه العلقة،[1] وسيتمُّ تخصيص هذا المقال للحديث عن أحكام الكدرة والصفرة، وفيما يأتي ذلك:

هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة

إنَّ الإفرازات البنية وهي الكدرة والصفرة -كما تمَّ بيان ذلك في مقدمة المقال- تعدُّ حيضًا في فترة الحيض، ولا تعدُّ حيضًا بعد رؤية علامتي الطهر وهما: القصة البيضاء أو الجفاف التام، ودليل ذلك ما رُوي عن أم عطية نسيبة بنت كعب أنَّها قالت: “كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفْرَةَ شيئًا”،[2] وبناءً على ذلك فإن رأت المرأة الكدرة أثناء فترة الحيض فلا يجوز لها الصيام، أمَّا إذا نزلت الكدرة بعد رؤية المرأة لعلامة الطهر فإنَّ الصيام يكون واجبًا في حقِّها،[3] وسيتمُّ فيما يأتي بيان ماهية الإفرازات البنية في المذاهب الفقهية وعند العلماء المعاصرين، وفيما يأتي ذلك:

شاهد أيضًا: حكم الاغتسال من الحيض بعد طلوع الشمس في رمضان

آراء المذاهب الأربعة في الإفرازات البنية في غير أيام الحيض

بعد الإجابة على سؤال هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة؟ سيتمُّ بيان آراء الأئمة الأربعة في هذه الإفرازات، حيث  أنَّهم اختلفوا في ماهية الكدرة والصفرة إلى أقوال، وسيتمُّ في هذه الفقرة ذكر أقوالهم بشيءٍ من التفصيل، وفيما يأتي ذلك:[4]

• الحنفية والحنابلة: قالوا بأنَّ الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض لا تعدُّ حيضًا.
• المالكية والشافعية: قالوا بأنَّ الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض تعدُّ حيضًا.

شاهد أيضًا: نزول إفرازات بنية قبل الدورة هل أصلي أم لا

آراء المعاصرين في الإفرازات البنية

قام المعاصرين بدراسة مسألة الإفرازات البنية والحديث عنها، وكانت أقوالهم تدور حول أقوال المذاهب الأربعة، وسيتمُّ فيما يأتي ذكر بعض أقوال العلماء المعاصرين في ذلك:

• ابن باز: قال ابن باز بأنَّ الإفرازات البنية إن سبقت الحيض أو لحقته ولم تكن متصلة به فلا تعدُّ حيضًا، أمَّا إن كانت متصلة به فإنَّها تعدُّ منه.[5]
• ابن عثيمين: ذهب ابن عثيمين إلى أنَّ الإفرازات البنية لا تعدُّ حيضًا إن سبقت الدورة أو لحقته، أمَّا إن رأتها المرأة أثناءفترة الحيض فتعدُّ حيضًا، فإن كان حَيض المرأة عادةً سبعة أيّامٍ، ورأت الدم في أوّل يومَين، ثمّ رأت الإفرازات البُنّية في اليوم الثالث والرابع، وفي اليوم الخامس والسادس رأت دم الحَيض، فإنّ تلك الإفرازات تُعَدّ من الحَيض؛ لأنّها بين دَمَين، أمّا إن شاهدت الإفرازات، ثمّ حاضت، فلا تُعَدّ تلك الإفرازات من الحَيض، وكذلك إن طهرت من الحَيض، ثمّ رأت الإفرازات؛ فلا تُعَدّ حَيضًا.[6]
• يوسف القرضاوي: ذهب الشيخ القرضاويّ إلى أنّ الإفرازات البُنّية لا تُعَدّ حَيضاً إن كان نزولها قبل الحيض، أو بعد الطُّهر.[7]
  

شاهد أيضًا: حكم قراءة القرآن للحائض من الجوال في رمضان

أقل الحيض وأكثره

عند الحديث عن الإفرازات البنية يتوجب الحديث عن أكثر الحيض وأقله؛ ليُعلم متى تكون حيضًا يمنع الصيام ومتى تكون استحاضة ولا تمنع الصيام، وقد اختلف العلماء في أقل الحيض وأكثره على أقوال، وفيما يأتي ذكرها:[8]

• الأحناف: قالوا بأنَّ أقل الحيض ثلاثة أيامٍ بلياليهن، وأكثره عشرة أيام، وما زاد عن ذلك يعدُّ استحاضة.
• المالكية: لا حدَّ لأقل الحيض عندهم، أمَّا أكثرة فخمسة عشر يومًا، وما زاد عن ذلك يعدُّ استحاضة.
• الشافعية والحنابلة: قالوا بأنَّ أقل الحيض يومٌ وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا، وما زاد عن ذلك يعدُّ استحاضة.

حكم صيام المستحاضة

في ختام مقال هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة، سيتمُّ بيان حكم صيام المرأة المستحاضة، مع العلم أن الاستحاضة هي دمٌ يخرج من المرأة في غير وقت الحيض بسبب مرضٍ أو فساد، وهو عبارة عن سيلان الدم من العرق العاذل -وهو عرق في أدنى الرحم- في غير أوقاته،[9] وإنَّ المرأة المستحاضة تأخذ حكم الطاهرات، لا تختلف عنهنَّ في شيء في وجوب العبادات، ودليل ذلك قول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: “جاءتْ فاطِمةُ بِنتُ أبي حُبَيشٍ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امرأةٌ أُستَحاضُ فلا أطهُرُ، أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ قال: لا، اجتَنبي الصَّلاةَ أيَّامَ مَحيضِكِ، ثم اغتَسِلي، وتوَضَّئي لِكُلِّ صَلاةٍ، ثم صَلِّي، وإنْ قَطَرَ الدَّمُ على الحَصيرِ. وقد قال وَكيعٌ: اجلِسي أيَّامَ أقرائِكِ، ثم اغتَسِلي”،[10] وبناءً على ذلك فإنَّ صيام المستحاضة واجبٌ عليها في شهر رمضان وإن استمرَّ نزول الدم عليها.[11]

شاهد أيضًا: هل يجوز للمرضع الإفطار في رمضان

هل يجب الغسل على المستحاضة

بالنسبة لحكم اغتسال المرأة المستحاضة من أجل الصلاة فقد ذهب فقهاء المذاهب الأربعة إلى أنّ الغسل لا يلزم المرأة إلَّا مرةً واحدةً وذلك عند إدبار حيضتها، مع العلم أنَّ الشافعية والحنفية والحنابلة قالوا بوجوب الوضوء في حقِّها عند كلِّ صلاة، بخلاف المالكية الذين قالوا باستحباب ذلك وعدم وجوبه،[12] وأمّا في الصيام فلم يذكروا وجوب الاغتسال عليها، والله أعلم.[13]

شاهد أيضًا: ما طريقة الغسل الصحيحة من الحيض بناء على السنة النبوية

وبذلك يكون قد تمَّ الوصول إلى ختام مقال هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة والذي تمَّ فيه الحديث عن حكم الصيام حال نزول الإفرازات البنية، وبيان ما إن كانت حيضًا أم لا عند الأئمة الأربعة والعلماء المعاصرين، كما تمَّ بيان أكثر الحيض وأقله، وحكم صيام المستحاضة، وحكم الغسل في حقِّها.