حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه .. ملخص أحكام قضاء الحاجة

إنّ حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه من  الفطرة التي خلق الله-تعالى- عليها البشر، فهي صفاتُ فِطرية يميل إليها الإنسان لكونها حاجة أساسيّة عنده،[1] وسيذكر المقال حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه.

حكم البعد عن أعين الناس عند قضاء الحاجه

الحاجة جمعها حاجات وحوائج، وهي ما يطلبه الإنسان ويفتقر إليه، وهو التَّغوط والتّبول، وأمّا  قضاء الحاجة اصطلاحًا فهو يُعبّر عن خروجِ البَول والغائط، وقد أخبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن آداب قضاء الحاجة بشكلٍ مُفصَّلٍ حتى تكون هذه الآداب هي منهج حياة الإنسان المُسلم ومنها، دعاء دخول الخلاء والخروج منه، وعدم استقبال القبلة، والاستنزاه من البول، وعدم قضاء الحاجة في طريق النّاس، والتّستر عن أعين النّاس، وغيرها من الآداب،[2] ودليل ذلك ما رواه جرير بن عبد الله-رضي الله عنه- قال: “كنتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأتى الخلاءَ فقضى الحاجةَ ثمَّ قالَ يا جريرُ هاتِ طَهورًا. فأتيتُه بالماءِ فاستَنجى بالماءِ وقالَ بيدِه فدلَك بِها الأرضَ“[3] وقد وضّح رسول الله-صلى الله عليه وسلم-  حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه حيث أنّه أخبر بوجوب التّستّر عند قضاء الحاجة، فإذا  لم يجد المسلم شيئًا يستره فليبتعد عن النّاس، عن عبدالله بن جعفر-رضي الله عنه- أنّه قال: “وقد كان أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ” [4] أي كل مكانٍ مرتفعٍ من الأرض أو حائط نخل وهو البستان،[5] وهذا كله من باب سِترٍ للعورة عن أعين النّاس، ودليل ذلك قوله تعالى: “قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ”[6] ووجه الدّلالة في الآية أنّ ما يجب حفظ الفرج به يكون بالتّستر والابتعاد عن أعين الناس، وقد روى معاوية بن حَيدةَ -رضيَ الله عنه- قال: (قلتُ: يا رسولَ الله، عَوْراتُنا؛ ما نأتي منها وما نذَرُ؟ قال: احفظْ عَورتَك إلَّا مِن زَوجَتِك أو ما ملكَتْ يمينُك. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان القومُ بعضُهم في بعضٍ؟ قال: إنِ استطعتَ ألَّا يَرَيَنَّها أحدٌ فلا يَرَينَّها. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: اللهُ أحقُّ أن يُستحيَا منه مِن النَّاسِ)[7]، وهنالك أماكن لا يجوز قضاء الحاجة عندها قد أخبر عنها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهي قضاء الحاجة في المسجد وعند القبور، وفي أماكن تجمع النّاس وأماكن انتفاعهم.[8]

ملخص أحكام قضاء الحاجة في الإسلام

من خلال ما سبق من الكلام فإنّ حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه واجبٌ على كل مسلمٍ صاحبُ فطرةٍ سليمة جُبِل عليها، والابتعاد عن كلِّ ما يشوبها من انحرافاتٍ تجعل الإنسان يُشابه الحيوانات، من مناظرٍ نشاهدها في العالم الغربيّ تُخالف منهج الإسلام في مفهوم الطّهارة، فتجدهم لا يُبالون بستر العورة، ولا يُراعون كرامة الإنسان الفطريّة في حفظ الفروج التي أمر الله-تعالى- بحفظها عن أعين البشر، ولا يستنزهون من بولهم ولا يستنجون، فلا يملكون ذرَّة نظافة عندهم، وقد لوحظ في الفترة الأخيرة توجههم إلى النّظافة الشّخصيّة في ظلّ جائحة كورونا وخاصّة في قضاء حاجاتهم، وهي مرحلة متأخرة مُقارنة في المنهج الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى الطَّهارة والتَّطهر، لأنّه أساس قبول الأعمال عند الله-تعالى- كالصّلاة والصيّام، وكذلك حفظٌ للنّفس البشرية من انتشار الأمراض.

وفي الختام لا بدّ من التّذكير أن حكم البعد عن اعين الناس عند قضاء الحاجه واجبٌ شرعيّ، وأمرٌ فطريّ جُبِل عليه البشر، حفظًا لكرامة النّفس البشريّة، ووقايةً لها من الأمراض.