حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه .. دخول الحمام بالجوال الذي فيه قرآن

حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجة

حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه يُعد من الأسئلة التي كثُر طرحها في الأونة الأخيرة؛ لما يترتّب عليها من أحكامٍ شرعيّة، تستوجب معرفة رأيّ الفقهاء فيها، وخاصّة أنّ القرآن الكريم مُنزّه عن النّواقص، فهو كتاب الله-تعالى- المُطهّر، والمحفوظ من التّحريف والتّبديل، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لكنّ المُستجدات كثيرة، والأحداث تتنوّع، والذي يتطلّب معرفة حكم الشّرع فيها.

آداب قضاء الحاجة في الإسلام

إنّ الدّين الإسلامي الحنيف وضع منهجًا سليمًا وواضحًا للنّاس كافّة، مبنيٌّ على الآداب والسّلوكيات التي تضمن للمسلم السّير على نهج الله-تعالى- الذي يريده في الأرض، فوضع الحدود والواجبات التي تُراعي هذا المنهج أن يسير بطريقٍ واضحٍ وسليمٍ، كسنن الفطر، وآداب الأكل والشّرب، وآداب قضاء الحاجة، والتي منها:[1]

  • دعاء الدخول إلى الخلاء والخروج منه:وذلك بأنّ يقول المسلم عند دخول الخلاء (اللهم إنّي أعوذ بك من الخبث والخبائث) وطلب المغفرة عند الخروج منه بقوله (غفرانك).
  • تقديم القدم اليسرى عند الدخول للخلاء، والقدم اليمنى عند الخروج: فالنّبيّ-عليه السّلام- كان يدخل باليُسرى إلى الخلاء، ويخرج باليُمنى.
  • السّترة: أن يستتر عن أعين النّاس عند قضاء الحاجة، ودخول الخلاء.
  • الابتعاد عن القبلة: فلا يجوز استقبال القِبلة، واستدبارهافي حال قضاء الحاجة، فعن أبي أيّوب الأنصاريِّ -رَضِيَ اللهُ عنه- أنّ النّبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قال: (إذا أتيتُم الغائِطَ فلا تستقبِلوا القِبلةَ، ولا تَستَدبِروها ببولٍ ولا غائِطٍ، ولكِن شرِّقوا أو غَرِّبوا)[2]
  • عدم ذكر الله: لا يجوز ذِكر الله-تعالى- في أثناء قضاء الحاجة، كتشميت العاطس، وترديد الأذان، وردّ السّلام.
  • عدم التّكلّم:في أثناء قضاء الحاجة إلّا للضرورة، فقد روى عبدالله بن عمر -رَضي اللهُ عنهما-(أن رجلًا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلّم، فلم يرد عليه).[3]
  • عدم قضاء الحاجة في الطّريق:فقد نهى رسول الله-صلى الله عليه السّلام- عن قضاء الحاجة في طريق النّاس، وتحت الشّجر المُثمر، وأماكن الظلّ النافع للنّاس.
  • عدم الاستنجاء باليمنى: فمن السّنة الاستنجاء باليد اليُسرى.
  • عدم إدخال ما فيه ذكر الله تعالى في أثناء قضاء الحاجة:كالخاتم، أو السّلسلة أو غيرها من الأشياء الي يوجد فيها ذِكرٌ لله-تعالى- وأمّا حكم ادخال المصحف الى مَوضع قضاء الحاجه فهو موضوع المقال الذي سيتمّ الحديث عنه.

حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه

إنّ حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجة لا يجوز، وقد أجمع العلماء على تحريمه لما يتنافى مع احترام كلام الله-تعالى- المُنزّه عن التّحريف والتّبديل، والمُنزّل من اللّوح المحفوظ، وأمّا إذا اضطرّ الإنسان إلى قضاء حاجته ومعه مصحف في جيبه ويخاف إن تركه أن يتعرّض للسّرقة،[4] فقد اختلف الفقهاء ما بين الجواز والكراهة.

فقال الحنابلة والمالكيّةفي حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه بأنه محرّم إلّا للضّرورة، كالخوف من السّرقة أو ضياعه، إلّا أنّ المالكية اشترطوا أن يوضع المُصحف في مكانٍ مستورٍ كالجيْب أو في حقيبة، أمّا الشّافعيّة فذهبوا إلى كراهة حمل المصحف إلى الخلاء من غير ضرورة تقتضيه الحاجة، وبناءً على كلام الشّافعيّة أنّه يترتّب على من أدخل المُصحف إلى موضع قضاء الحاجة من غير ضرورة تقتضيه، فإنّه آثم، وبناءً على قول الفقهاء، فإذا وجد المسلم مكانًا طاهرًا يضع فيه مُصحفه، من غير أن يتعرض للسّرقه فلا يُدخله معه إلى الخلاء، وأمّا إن خاف من السّرقة، أو لم يجد مكانًا طاهرًا يضعه فيه، فيباح له الدّخول به للضّرورة.[5]

حكم دخول الحمام بالجوال الذي فيه قرآن

إنّ حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه مُحرّم باجماع الفقهاء؛ تنزيهًا لكلام الله-تعالى- عن هذه الأماكن، واختلفوا ما بين الجواز والكراهة للضّرورة كما سبق الحديث عنه، فقد قال العدوي المالكي في “حاشيته” : “ويُكره الدُّخُول في مَحلِّ الخلاء بشيء فيه قُرآن أو ذِكْرٍ غيْر مستور، ما لم تَدْعُ إلى ذلك ضرورة”، وأمّا بالنّسبة لحكم دخول الحمّام بالجوّال الذي فيه قرآن، فيُكره دخول الحمام به إنّ كان الجوَال مكتوبًا عليه شيءٌ من القرآن، أو إذا اشتمل عليه اسم الله-تعالى- أو كان يحمل في جهازه برنامجًا للقرآن الكريم، وقد كان مفتوحًا، فيُكره للتّنزيه.

فإنّ خاف عليه صاحبه من السّرقة والضّياع فيدخله معه، ولكنّ إن كان ذلك البرنامج مُغلقًا، ولا تظهر صفحاتٍ فيها اسم الله-تعالى- فلا بَأْسَ بالدُخول به، وكذلك يجوز دخول الحمَام بالجوَال إذا كان يحمل عليه برنامجًا للقُرآن مسجَلًا عليْهِ؛ لأنّه حروف القرآن الكريم لم تظهر، فلا تَكون ضمن ما ذكره العُلماء من الكراهه.[6]

حكم دخول الحمام بايات قرآنية

وبناءً على ما سبق الحديث عنه، فإنّ حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه هو حرامٌ شرعًا بالإجماع، وأمّا حكم دخول الحمّام بايات قرآنية، كمن يحمل معه سلسلة مكتوبٌ عليها آيات قرآنية فإنّه يُكره الدّخول بها في موضع قضاء الحاجة، إلّا إذا خاف عليها من الضّياع، فيجوز له الدّخول بها محافظةً عليها،[7] لما ثبت عن النّبي-عليه السّلام- (أنّه كان إذا أراد دخول الخلاء وضع خاتمه؛ لكونه مكتوبًا فيه: محمد رسول الله)[8]

حكم رمي أشرطة القرآن

انتشرت وسائل كثيرة لحفظ القرآن الكريم عليها كأشرطة الكاسيت، والأقراص الممغنطة التي يوضع عليها القرآن الكريم كتابةً أو تسجيلاً، بهدف التّعليم والاستماع وغيرها، فيتسائل الكثير من النّاس عنها هل تُعامل مُعاملة المُصحف القرآني بالحكم؟ فقد أجاب الفقهاء لهم بأنّها لا تأخذ حكم المصحف القرآني من حيث الطّهارة، فيجوز لمسها من غير طهارة، ويجوز دخول الخلاء بها، وإذا تعرّضت للتّلف فلا حرج في التّخلص منها، برميها، ولا يُعدّ ذلك مُنافيًا لاحترام كلام الله-تعالى- ولا امتهانًا للقرآن الكريم، أو للمواد الدّينيّة المُسجّلة عليها، والأولى عدم رميها إذا كان يُستفاد منها؛ لأنّ فيها الخير الكثير، وأمّا إن كانت تالفةً فيجوز رميها.[9]

وفي الختام فإنّ حكم ادخال المصحف الى موضع قضاء الحاجه هو من المُحرمات التي تُنافي احترام كلام الله-تعالى- المُنزّه من النّواقص.

المراجع

  1. ^ alukah.net , آداب قضاء الحاجة , 7-11-2020
  2. ^ dorar.net , ما يُمنَع من استقباله أو استدباره عند قضاء الحاجة , 7-11-2020
  3. ^ dorar.net , تنزيهُ ذِكر الله تعالى عن الخَلاء , 7-11-2020
  4. ^ islamqa.info , حكم دخول الحمام بالمصحف أو أشرطة القرآن , 7-11-2020
  5. ^ .islamweb.net , مذاهب الفقهاء في دخول الخلاء بمصحف , 7-11-2020
  6. ^ ar.islamway.net , دخول الخلاء بالجوال , 7-11-2020
  7. ^ .al-eman.com , كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء , 7-11-2020
  8. ^ binbaz.org.sa , حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله وآيات قرآنية , 7-11-2020
  9. ^ islamqa.info , حكم رمي القرص والشريط المسجل عليه قرآن أو محاضرة , 7-11-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *