هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط

هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط
هل يجوز صيام عاشوراء فقط

هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط من الأسئلة الهامة التي سيتم الإجابة عليه في هذا المقال، فيوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وهو من الأيام التي كان قريش يصومها في العصر الجاهلي، وقد قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بصيامه، حيث كان صائمًا منذ ذلك الحين، وأمر المسلمين بالصيام بعد هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، وهو من أيام السنة المباركة في الإسلام، الذي يستحب صيامه لأجر عظيم كتبه الله تعالى للصائمين في هذا اليوم.

هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط

يكره تخصيص يوم عاشوراء بالصيام فليس أمرًا متفق عليه بين العلماء، فبعضهم يظن أنه لا يكره إفراده، لكن الأفضل صيام اليوم الذي يسبقه أو صيامه، وبعده، واليوم التاسع أفضل من الحادي عشر، أي الأفضل أن يصوم قبله بيوم عند النبي صلى الله عليه وسلم: “لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع” أي بالعاشر،  وقد ذكر بعض العلماء أن لصيام عاشوراء ثلاث حالات:[1]

  • الحالة الأولى: صيام يوم قبله، أو بعده بيوم.
  • الحالة الثانية: إفرادها بالصوم.
  • الحالة الثالثة: أن يصوم قبلها بيوم وبعدها بيوم، وذكروا أن أكمل ما قبله بيوم، وبعده بيوم، ثم صيام التاسع والعاشر، ثم صيام العاشر والحادي عشر، ثم خصصه بالصوم،  وما يظهر من إفراد بالصيام: ليس مكروهًا، بل الأفضل أن يدرج قبله بيوم أو بعده.

حكم صيام يوم عاشوراء

إن صيام يوم عاشوراء مستحب في الشريعة الإسلامية، فعن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ)، و عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ، وَمَن أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ)،

الحكمة من صيام يوم عاشوراء

يصادف يوم عاشوراء يوم خلاص موسى – عليه السلام – مع من آمن بدعوته، وهلاك فرعون وقومه، فصام موسى عليه،  الحمد لله -سبحانه- على خلاصه، وصومه مشرّع بفضل الله على نعمته ونصره، لذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على صيام يوم عاشوراء، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهم: (قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: ما هذا؟، قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قالَ: فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ).[2]

شاهد أيضًا: ما هي قصة صيام يوم عاشوراء

حكم إفراد عاشوراء بالصيام

اختلف العلماء في حكم إفراد يوم عاشوراء بالصيام، فذهبوا في ذلك إلى قولين:

  • القول الأول: قال جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: يجوز صيام يوم عاشوراء وحده بغير كراهة، ابن عثيمين.
  • القول الثاني: قال الحنفية: يكره صيام يوم عاشوراء وحده دون صيام اليوم الذي يسبقه أو بعده مع اتفاقهم مع جمهور العلماء في الحصول على أجر صيام عاشوراء بالصيام وحده.

صيام عاشوراء إن وافق يوم سبت

يصح صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم سبت بشرط أن يكون صيامه قبله بيوم أو بعده، ورأى بذلك جمهور العلماء من الشافعية والحنفية والحنابلة، صوم يوم السبت: يقصد به من صام يوم السبت لأنه يوم السبت بصيام نفل مطلق، وليس لعاشوراء، أو عرفات، أو القضاء، أو الكفارة، أو غير ذلك، خروج على خلاف العلماء.[3]

مراتب صيام يوم عاشوراء

صيام يوم عاشوراء كثير من الأجر والنعمة، ولعل أهمها أنه يكفر كل ذنوب السنة التي تسبق صيامه، وأنه من السنة أيضا صيام عاشوراء في غيره من الأيام، من شهر محرم، بقصد انتهاك المسلمين لليهود الذين يصومون يوم عاشوراء وحده، مما يجعل صيام يوم عاشوراء ينقسم إلى ثلاث درجات، تتراوح من الأكثر فضيلة إلى أقلها على النحو التالي:

  • المرتبة الأولى: أن يصوم المسلم مع صيامه يوم عاشوراء وما قبله واليوم الذي يليه وهو خير المسلم.
  • المرتبة الثانية: أن يصوم المسلم يوم تاسوعاء مع يوم عاشوراء، وهو ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: ” لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لأصومنَّ التَّاسِعَ”، ولكن مات الرسول قبل أن يصومه، فينبغي على المسلمين الصوم لتطبيق السنة، النبي الكريم.
  • المرتبة الثالثة: على المسلم أن يصوم يوم عاشوراء فقط، إلا أنه فاته بعض الأجر، ومع ذلك فإن الصيام وحده فيه أجر كبير بإذن الله تعالى.

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام يوم قبل عاشوراء ويوم بعده

فضل صيام عاشوراء وتاسوعاء

وفيما يأتي بيان الأدلة التي تبيّن فضل صيام عاشوراء وتاسوعاء:

  • عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ).
  • عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَومٍ فَضَّلَهُ علَى غيرِهِ إلَّا هذا اليَومَ، يَومَ عَاشُورَاءَ، وهذا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ).
  • عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: ما هذا؟، قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قالَ: فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ).

حكم صيام تاسوعاء وعاشوراء

يستحب صيام تاسوعاء وعاشوراء لفضائلهما المذكورة في الأحاديث الصحيحة السابقة، أشار ابن القيم – رحمه الله – إلى ثلاثة مستويات من صيام يوم عاشوراء، وهي كالتالي:[4]

  • صيام يومين أحدهما يسبق يوم عاشوراء والآخر يليه، وهو: أفضل وأكمل المراحل.
  • صوم تاسوعاء وعاشوراء مما دلت عليه أكثر الأحاديث، صيام يوم عاشوراء وحده، وأما إفراد التوسعة بالصوم، فهو مخالف للمذهب الديني، ويدل على عدم فهم أقوال الآثار وأساليبها.

سبب صيام يوم عاشوراء

جاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة، فوجد اليهود صائمين يوم عاشوراء، وعندما سألهم عن سبب صيامهم، أجابوا أنه يوم يكون فيه الله – العلي حفظه موسى – عليه السلام – وقومه، وغرق فرعون وجيشه، وكان موسى – صلى الله عليه وسلم – صائماً.

فصامها الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بصومها،  قال للصحابة: (أنتُمْ أحَقُّ بمُوسَى منهمْ فَصُومُوا)، ولعله كان يصوم قبل ذلك،  لأنه لا يوجد في الحديث ما يدل على أن هذا الوقت كان وقت بدء صيام عاشوراء، وعندما أخذ الرسول – صلى الله عليه وسلم – الأمر بصيام عاشوراء، لم يكن على غرار: بل على اليهود اقتداء بموسى عليه السلام،  عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في هذا الصدد: (فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ)،

وقد ورد ذكر قصة خلاص موسى – صلى الله عليه وسلم – وغرق فرعون في القرآن الكريم في قوله تعالى: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)، فقرر موسى – صلى الله عليه وسلم – أن يخرج مع قومه،  فتبعهم فرعون حتى بلغوا البحر.

فأمر الله تعالى موسى -عليه السلام- بضرب البحر بعصاه حتى ينقسم إلى قسمين، حتى يتمكن موسى وقومه من العبور، لكن فرعون لم ينتبه لما رآه، و وواصل غطرسته، وانضم هو وجنوده إلى موسى  وقومه، وأغرقه الله تعالى – هو وجنوده، ونجى موسى – عليه السلام – ومن آمن به، مع العلم أنه يستحب لمن يصوم يوم عاشوراء أن يصوم معه في التاسع أو الحادي عشر من محرم، من أجل انتهاك اليهود،  لأنهم كانوا يصومون العاشر فقط، ويصومون اليوم الذي يسبقه، أو اليوم الذي يليه يضمن للصائم أن يحذر من الوقوع في الخطأ الذي قد يقع عند تحديد بداية الشهر القمري.

شاهد أيضًا: حكم دعاء يوم عاشوراء واستجابته

أجبنا في هذا المقال على سؤال: هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط ؟ وتبيّن أن الحكم العام للصيام في يوم عاشوراء أو تاسوعاء هو الاستحباب، ولكن إذا تم تخصيص أحد الأيام يصبح حكم التخصيص مكروهًا.

المراجع

[2]سليمان الجاسر، شهر الله المحرم فضائل وأحكام، السعودية: مدار الوطن، صفحة 7-8. بتصرّف06-08-2021
[3]الدكتور مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992)، كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 98، جزء 2. بتصرّف06-08-2021
[4]الدكتور مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992)، كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 98، جزء 2. بتصرّف06-08-2021