هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين؟ هو سؤال من الأسئلة التي شكَّلت موضعًا للخلاف، والذي سنقوم بتوضيحه، فإنَّ الفلسفة من العلوم القديمة التي وُجدت منذ عهد اليونانيين والإغريقين القدماء، والتي تمتد وتستمر إلى يومنا هذا، وهي علم يدور حوله علاقته بالأديان الكثير من علامات الاستفهام، ومن خلال سطور هذا المقال سنقوم بذكر العلاقة بين الدين والفلسفة وهل يُمكن التوفيق بينهما.

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

انقسمت الأقوال والآراء حول التوفيق بين الفلسفة والدين إلى قسمين، بين مؤيد للفلسفة ومُؤيد لإمكانية التوافق بينها وبين الدين، وبين مُعارض للفلسفة ومُؤكد على عدم إمكانية توافقها مع الدين، ويُمكن توضيح الرأيين كالتالي:

القول بإمكانية التَّوافق بين الفَلسفة والدين

أكَّد بعض العلماء على إمكانية التوفيق بين الفَلسفة والدّين، وبيَّنوا أنَّ الفلسفة والدين هما أمران فيهما أمور مُشتركة كثيرة، فإنَّ كلاهما يسعى إلى الوصول إلى الحكمة والحقيقة، ولكن بطرق مُختلفة، ولا يوجد أي عائق من توافق الدين والفلسفة، ومن مؤيدي هذا الرأي ابن رشد الذي قام بالدفاع عن الفلسفة وتصحيح بعض الأفكار التي وردت عن بعض الفلاسفة المُسلمين الذين سبقوه، كما شرح بعض نظريات أفلاطون وأرسطو بشكل أصح متوافق مع الدين.[1]

القول بعدم إمكانية التَّوافق بين الفَلسفة والدين

يرى القسم الآخر من العلماء عدم إمكانية التوفيق بين الفَلسفة والدّين بل يجدون أنَّ علم الفلسفة هو علم قائم على فرضيات ونظريات مُخالفة للشريعة، وإنَّ في دراسة الفلسفة انحراف عن أصول الدين فإنَّ فيها تبحراً بعقائد الغيبيات والإلهيات، ومن مؤيدي هذا الرأي ابن تيمية والشافعي، وقد ورد عن الشافعي أنَّه قال: “حكمي في أهل الكلام أن يطاف بهم على العشائر، ويضربوا بالجريد والنعال، ويقال: هذا جزاءُ من ترك كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم”.[2]

تعريف الفلسفة

الفلسفة هي كلمة ذات أصول يونانية تعني حب الحكمة، وهو علم يبحث في أصل الوجود والفكر والمعرفة والعقل، وبالمعنى العام الفلسفة هي علم يبحث عن الحكمة والحقيقة، وقد عرَّف سقراط الفلسفة على أنَّها البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدي إلى الخير، أي أنَّها علم يقوم على الحوارات والنقاشات العقلية والفكرية والاستجواب والجدل والنقد بشكل منهجي ودقيق.

الفرق بين الفلسفة والفكر الإسلامي

بيَّن بعض علماء الإسلام الفرق الجوهري بين الفكر الإسلامي والفلسفة، ووضَّحوا ذلك كالتالي:

  • الفكر الإسلامي: هو فكر يقوم على أساس التفكر وفق الموازين والأسس الإسلامية، ويكون منضبط بأحكام هذا الدين وتشريعاته، وكل تفكر يقوم على هذا الأساس هو فكر إسلامي.
  • الفكر الفلسفي: هو فكر يقوم على التفكر في الكثير من الحقائق الوجودية مثل الغيبيات والفناء والروح وأصل الوجود، وهو فكر يبحث عن الحقائق وأصل الأشياء بطريقة قد يكون فها نقد ومخالفة لبعض العقائد مثل النبوة والإله والعالم الغيبي، دون مُراعاة الأساس الديني والعقائدي.

حكم دراسة الفلسفة

ذهب الكثير من أهل العلم إلى عدم جواز دراسة الفلسفة، وحذروا عن الخوض في هذه العلوم، لأنَّها تؤدي بالإنسان إلى الانحراف عن أصل الشريعة، وتجعله يبتعد عن الأساس الصحيح والسليم للدين، وقد قال ابن القيم: “أين الدين من الفلسفة؟! وأين كلام رب العالمين إلى آراء اليونان والمجوس وعباد الأصنام والصابئين؟! وأين المعقولات المؤيدة بنور النبوة إلى المعقولات المتلقاة عن أرسطو وأفلاطون والفاراب“، إلا أنَّه استُثني من النهي عن تعلم الفلسفة من كان مُتمكنًا من أصول الشريعة الإسلامية وتشريعاته والعقيدة الصحيحة، ومن كان قادرًا على التفريق بين الباطل والحق في هذا العلم، والذي يكون هدفه من هذه الدراسة بيان ضلال الفلسفة ونظرياتها وذلك مع التأكيد على توخي الحذر الشديد، والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: حكم تعلم علم النجوم والفلك وهل يعتبر من التنجيم

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي سلَّط الضوء على تعريف الفلسفة وأجاب عن سؤال هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين، كما ذكر آراء العلماء في ذلك، ووضَّح الفرق بين الفكر الإسلامي والفكر الفلسفي، وبيَّن حكم دراسة الفلسفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *