هل الاموات يتقابلون وهل الميت يسمع عند غسله

هل الاموات يتقابلون وهل الميت يسمع عند غسله
هل الاموات يتقابلون

هل الاموات يتقابلون ؟ من الأسئلة الهامة الذي سيتم الإجابة عليه في هذا المقال، حيث يُعَدُّ وضع الميت في القبر أوَّلُ مرتبةٍ من بيوت الدار الآخِرة، وأوَّل ما يتعرَّض له الإنسانُ في قبره هي فتنةُ القبر المتمثِّلة باستجواب المَلَكين، وتلك الفترة ثبتت في الكِتاب والسُنَّة، وتكون تلك الأسئلة بعدما يجيء هذان المَلَكَان ويسألانهِ ثلاثة أسئلةٍ: من ربك؟ وما دينك؟ وماذا تقول في الرَّجل الذي بُعِثَ فيكم؟ قال تبارك وتعالى عن هذا: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ).

هل الاموات يتقابلون

قد ذكر بعض العلماء أن الموتى المباركين يزورون بعضهم البعض، قال ابن القيم في كتاب الروح: هل تلتقي أرواح الموتى وتزور وتناقش أم لا؟ إنها أيضًا مسألة مشرفة وعظيمة، والإجابة هي: أن النفوس نوعان: أرواح معذبة، وأرواح مباركة؛ حيث ينشغل المعذب بالعذاب، والأرواح المباركة المرسلة غير المسجونة، تتلاقى وتزور بعضها، وتتذكر ما كان منها في الدنيا، وماذا كان أهلها.[1]

هل الميت يسمع عند غسله

وبعد أن تم ال<ابة على سؤال، هل الأموات يتقابلون جدير بالذكر إنَّ شعور الإنسان عقب مغادرة روحه منه هو من الموضوعات التي لم يتحدَّث عنها الشَّرع بصورة جلية، وهو من الموضوعات الغيبيَّة التي لا يصحُ الحوار عنها إلّا إذا أتى فيها دليل قطعي، والأحسن للإنسان أن يتوقف عن الحوار والخوض في مثل تلك الموضوعات الغيبيَّة.

وقد ورد في عدد محدود من كتب العلماء أنَّ روح الميت تكون في يد الملك في مواجهة جسمه، وقيل إنَّ الرُّوح تنظر إلى من يغسل جسمها وتعرفه وتعلم ما ينتج ذلك حولها، وقيل إنَّ هنالك عدد محدود من الأحاديث في ذلك الشأن والتي أخرجها أحمد بن حنبل والطبراني وأبو داود وآخرين، ومن تلك الأحاديث ما حكم بالضَّعف، فالخلاصة حيثًا أنّ ذلك الشأن -أي شعور الميت بمن يغسله- من الموضوعات التي هي مصدر نقيض بين منكر لها ومؤمن بها، والله تعالى أعلم وأحكم.[2]

هل العذاب والنعيم للجسد والروح أو للروح فقط

لقد اختلف العلماء بينما لو كان إيذاء الضريح ونعيمه للرُّوح والجسم أو للرُّوح وحدها، فجمهور أهل العلم من المتكلّمين والفقهاء ذهبوا حتّىَّ النعيم والنَّعيم يكون للرُّوح والجسم معًا، وذهب الغزالي وابن هبيرة حتّىَّ العذاب والنَّعيم يكون للرُّوح لاغير، أمَّا ابن تيميَّة قال مصرحًا بأنَّ العذاب والنَّعيم تارةً يكون للرُّوح مجتمعةً مع الجسم وتارةً يكون للرُّوح وحدها.

أمَّا الذري فقد صرح بأن العذاب والنَّعيم يكون للجسم بعدما يردَّ الله الرُّوح إليه أو لجزءٍ منه، بينما صرح ابن جرير الطبري إنَّ الميت يتعرَّض للحساب أو النَّعيم في قبره إلا أن من ولكن تُرَد له روحه، ومع هذا فهو يحس بالوجع، وقد ذهب ابن القيم حتّىَّ أحكام عالم البرزخ من إيذاء أو نعيم التي تجري على الأرواح والأجساد تكون تابعةً للرُّوح، مثلما كانت الرُّوح تابعةٌ للجسم في الحياة الدُّنيا.

شاهد أيضًا: هل الميت يرى أهله في الدنيا ومتى يراهم ومتى يحجب عنهم

هل يرى الميت جنازته

لقد ذهب العلماء من أهل السُّنة والجماعة حتّىّ الميت يشاهد مستقرّ روحه بعدما يخرج جسمه، فالإنسان إذا خرج منه روحه فإنّه يشاهده ويتبعه ببصره حتى يشاهد مآله إلى نعيم أم إلى جحيم، فلقد ورد عن الرَّسول -عليه الصلاة والسلام- أنَّ الإنسان وقتما يكون في وضعية الوفاة فإنَّه قادرٌ على مشاهدة روحه وهو يطلع إلى بارئه.

ومن الأدلّة على هذا الحوار الذي روته أمُّ سلمة أمُّ المؤمنين لدى وفاة قرينها الماضي والدي سلمة رضي الله سبحانه وتعالى عنهما، فلقد كان شاخصًا ببصره، فأغمض النَّبي -فوقه الصَّلاة والسَّلام- عينيه، وتحدث: “إنَّ الرُّوحَ حيثَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ”، إلا أنّ الطريقة والمصلحة التي يشاهد بها الميت روحه أو حتَّى الفترة التي يشاهد بها الميت روحه مجهولة وغير معلومة؛ وهذا لأنَّ ماهيَّة الروح مجهولة لا تُعرَف، وقد صرح عز وجل في سورة الإسراء: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.[3]

كيف يعيش الميت في القبر

إن الميت لا يحس بفوات الدهر سوى شيئًا يسيرًا، لكن إحساس الميت بذهاب الزمن أدنى من إحساس النائم به، يقول ابن عثيمين رحمه الله: اعلم أن الدهر فيما يتعلق للميت يذهب سريعاً كأنه ليس بشيء، أمات الله رجلاً مائة عام ودليل ذلك قوله تعالى: “قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، وهي مائة سنة.

لقد بيَّن رسول الله أنَّ كل أهل الأرض عرضة لأن تتحلل أجسامهم ويأكلها الدود، الصالح من بينهم وغير الصالح، ماعدا الأنبياء، وتلك كرامة لهم من الله في مماتهم، وقد حرَّم الله سبحانه وتعالى على الأرض طعام أجسام الأنبياء عليهم الطمأنينة، وما ور عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنَّه صرح: “ليسَ مِنَ الإنْسانِ شيءٌ إلَّا يَبْلَى، إلَّا عَظْمًا واحِدًا وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، ومِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيامَةِ”.

وفي تفصيل إحساس الميت بأكل الدود له وتحلُّله كان لأهل العلم تفصيلين، لو كان الميت من أهل الصلاح وقد كان مؤمنًا إيمانًا مستقيمًا، فإنَّه لا يحس بذلك الوجع، هذا لما فيه من إيذاء في التحلُّل وتناول الدود له، وذلك ما يتناقض مع وعد الله ورحمته في ما تناقلته كتب أهل السنة وكتابه الكريم، عن أنَّ الله لا يعذِّب المتقين لكن يرحمهم، ويخفِّف عليهم، وما تلك سوى أجساد والروح هي من لدى الله وحين موت الميت ترجع تلك الروح إلى الله.[4]

شاهد أيضًا: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه

هل الأموات يشتاقون للأحياء

وقد قال بعض العلماء  بناء على ما جاء في السنة وما جاء في القرآن الكريم  أن الميت لا يعلم ولا يعلم ما يجري حوله ولا يشعر بشيء إلا إذا ذهب إلى قبرًا، ترجع إليه روحه، ويأتيه الملكان ويسألانه، فيعني أن الميت لا يعرف أحوال الناس، ولا حتى أحوال أهله أو غيرهم.

هل يحس الميت بالثلاجة

اتفق أهل السنة والجماعة إلى أن كل إنسان يسأل عقب وفاته، ضريح أم لم يدفن، فلو أكلته السباع أو أحرق حتى بات رماداً، أو نسف في الرياح، أو غطس بحريا، لسئل عن أعماله وجوزي بالخير خيرًا أو بالشر شرًا.

إلا أن الله تعالى دفع أنظار العباد وأسماعهم عن رؤية هذا وستره عنهم، إبقاءً عليهم ليتدافنوا؛ لأنهم لو رأوا العاصي على وضْعه عقب الوفاة لما دفنوه، وليس للجوارح الدنيوية تمكُّن وعي شؤون الملكوت سوى من شاء الله. صرح عليه الصلاة والسلام: المسلم إذا سئل في قبره يشهد أن لا إله سوى الله وأن محمدا النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك قول الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)، رواه البخاري ومسلم بمعناه.

فالمُشار إليه بكلمة (القبر) فترة ما عقب الوفاة؛ لأن غالب الناس يقبرون عقب وفاتهم، صرح الإمام أحمد: نؤمن بإيذاء الضريح وبمنكر ونكير، وأن العبد يسأل في قبره (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)، أي في القبر.[5]

أجبنا في هذا المقال على سؤال: هل الأموات يتقابلون ؟ وتبيّن أن القول الراجح هو أن الميت لا يشعر بمرور الوقت، كما تعرفنا على العديد من الأمور المتعلقة بالميت والروح وأغلبها من الغيبيات التي لا يجوز للإنسان الخوض بها.

المراجع

[2]مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 304. بتصرّف08-08-2021
[3]مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 304. بتصرّف08-08-2021
[4]مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 304. بتصرّف08-08-2021