سبب إخراج بني النضير من المدينة

سبب إخراج بني النضير من المدينة
سبب إخراج بني النضير من المدينة

سبب إخراج بني النضير من المدينة هو ؟ هذا هو المشهور في كتب السيرة، والمتأمل في السيرة النبويّة وتاريخ اليهود، يدرك مدى غدرهم، وخيانتهم، وعدائهم للإسلام والمسلمين، ولكن ما هو الصحيح في سبب إجلاء يهود بني النضير من المدينة؟ هذا هو موضوع مقالتنا التالية، عن بنو النضير، وسبب إخراجهم من المدينة، وأحداث الغزوة.

من هم بنو النضير

هم قوم من اليهود يقطنون بالقرب من المدينة المنورة، وكان بينهم وبين المسلمين اتفاق سلام، ولكن طبيعة اليهود المجبولة على الغدر والخيانة أبَت إلا أن تحملهم على نقض العهد الذي بينهم وبين المسلمين، مع العلم أن اليهود ليسوا من أهل الحرب والمواجهة، ولكنهم من أهل الدسائس والمؤامرات والحيل، فكانوا يحاولون إيقاع المسلمين عن طريق حياكة أبشع المؤامرات، ولكن من دون أن يقوموا بالمواجهة أو القتال.

وبعد معركة أُحد، ظهرت عندهم العداوة والغدر بشكل علني، فأخذوا يتصلون بالمنافقين والكفار من أهل مكة، ويعملون معهم بحياكة المؤامرات ضد المسلمين، إلى أن وصل بهم الحال إلى التآمر على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم.[1]

شاهد أيضًا: وثيقة المدينة المنورة نظمت العلاقة بين المسلمين واليهود من خلال بنود منها

سبب إخراج بني النضير من المدينة

المشهور والمعروف في كتب السيرة أن سبب إخراج بني النضير من المدينة هو تآمرهم على الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءهم يطلب منهم الإعانة على دفع ديّة قتيلين من بني عامر الّذين قتلهما عمرو بن أميّة الضمري، فأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه موافقون على تلبية طلبه، ثم اجتمعوا مع بعضهم البعض والرسول صلى الله عليه وسلم عندهم جالس، واتفقوا على الغدر به، فطلبوا من رجلٍ منهم، أن يصعد أعلى البيت ليُلقي صخرة على النبي ليقتله، فوقع الاختيار على عمرو بن جحش بن كعب، فوافق على طلبهم، وصعد عمرو بن جحش أعلى البيت ليُلقي بصخرته على النبي، فجاء أمرٌ من السماء يخبر الرسول الكريم بما يُحاك له، فكشف الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم، ثم حاصرهم  بجيشٍ من المسلمين، حتى تمّ إجلاؤهم إلى بلاد الشام، وإخراجهم من المدينة المنورة. روى هذا ابن إسحاق عن يزيد بن رومان في حديث مرسل، أورده الألباني رحمه الله في الأحاديث الضعيفة.[2]

شاهد أيضًا: من قواعد التعامل مع الفتن

الصحيح في سبب إجلاء بني النضير

وقد جاء سبب إخراج بني النضير من المدينة بسند صحيح متصل، قال الحافظ بن حجر: “وروى ابن مردويه قصة بنو النضير بإسناد صحيح إلى مَعْمر عن الزهري قال: أخبرني عبدالله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب كفار قريش عبدالله بن أُبي وغيره ممن يعبدون الأصنام قبل معركة بدر، يهددونهم لإيوائهم النبي وأصحابه ويتوعدونهم بغزوهم، فأراد أُبي ومن معه قتال المسلمين، فنبههم الني من ذلك، وأخبرهم بأنها مكيدة من منافقين وكفار قريش، فتراجعوا عن أمرهم، وبعد معركة بدر، كتب كفار قريش إلى اليهود يخبرونهم بأنهم أهل السلاح والمال والحصون يتهددونهم، فأجمع بنو النضير على الغدر بالمسلمين.

فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أخرج لنا ثلاثة من أصحابك، ويلقاك ثلاثة من علمائنا، فإن آمنوا بك اتّبعناك، فهمّ الرسول بالخروج لهم مع الصحابة، وكان مع اليهود الثلاثة خناجر للغدر بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأرسلت امرأة من بني النضير إلى أخٍ مسلم لها في المدينة تخبره بأمر بني النضير والخطة الذي حاكوها، فأخبر أخاها النبي بذلك، فرجع مع أصحابه قبل أن يصل إليهم، وفي صباح اليوم التالي حاصرهم النبي، ثم حاصر بني قريظة فعاهدوه، ثم حاصر بني النضير، وقاتلهم حتى وافقوا على الجلاء، فهدموا بيتوهم وأخذوا معهم الأبواب والشبابيك والخشب، وتم جلاهم من ديارهم إلى الشام”.[3]

شاهد أيضًا: الصحابة رضي الله عنهم لهم فضائل كثيرة ومن الأحاديث التي تدل على ذلك

غزوة بني النضير

كانت غزوة بنو النضير بعد معركة أُحد في ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، عندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة رضي الله عنه، إلى يهود بنو النضير يأمرهم بأن يخرجوا من المدينة ولا يسكنوا بالقرب من المسلمين بسبب غدرهم، فتأهبوا للرضوخ إلى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم والخروج من المدينة، ولكن أخبرهم المنافقون بأنهم سيقفون معهم ضد المسلمين، وأرسل لهم عبدالله بن سلول يخبرهم بأن يثبتوا في ديارهم، وأنهم سيقاتلون المسلمين معهم، فاستقر رأيهم على المناورة، وبعثوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرونه بأنهم لن من ديارهم، وليفعل ما بدا له.

فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ودام حصارهم لست ليالٍ فقط، وقيل خمس عشرة ليلة، فقذف الله تعالى الرعب في  قلوبهم، فعزموا على الجلاء، وافق الرسول على جلائهم على أن يخرجوا من المدينة بأنفسهم وذرياتهم فقط، وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح، فوافقوا على ذلك، ولكنهم لشدة حقدهم، قاموا بتخريب بيوتهم بأيديهم ليحملوا معهم الأبواب والشبابيك حتى لا يستفيد منها المسلمون، ثم حملوا النساء والأطفال ظهور الإبل، وذهب غالبيتهم إلى بلاد الشام، فاستولى الرسول وأصحابه على ديارهم وأرضهم وأموالهم، وجاءت أحداث غزوة بنو النضير  في سورة الحشر، فقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}.[4]

وفي نهاية المقال نكون قد تعرّفنا إلى سبب إخراج بني النضير من المدينة، ومن هم بنو النضير، وتعرّفنا إلى الرواية المشهورة والصحيحة في سبب إخراجهم، وتاريخ وأحداث غزوة بنو النضير.[5]