جبر الخواطر

جبر الخواطر
جبر الخواطر

جبر الخواطر المنكسرة وتضميد جراح القلوب المنهكة هي صفات لا يتحلى بها سوى أصحاب القلوب النقية والفطرة السليمة، فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى لنكون عونًا لبعضنا البعض فتحث جميع الأديان السماوية على ضرورة إرساء مبدأ الإحسان في مختلف التعاملات الإنسانية. ولجبر الخواطر في دين الإسلام نصيب كبير فقد وردت العديد من الأحاديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تحث على جبر خواطر الناس بشتى الطرق المختلفة مبينًا لنا عظم أجرها وأثرها في النفس، لذا من خلال هذا المقال نسلط الضوء على التعاليم الدينية المختلفة الواردة في القرآن والسنية النبوية الشريفة التي تحث على جبر الخواطر.

جبر الخواطر

  • جبر الخواطر هي صفة إنسانية وخلق ديني عظيم من يحملها في قلبه دل ذلك على سلامة نفسه وفطرته ونقاء روحه وإيمانه بربه، فلا يمكن أن يصدر من صاحب النفس الطيبة والأخلاق الحسنة كلمة أو فعل توقع الحزن في قلب شخص آخر.
  • أيضًا هو سر سعادة البشرية وإن كان مبدأً رئيسيًا في مختلف تعاملاتنا اليومية لما كان في العالم قلب واحد يحمل داخله غل أو حقد أو كراهية، فبالرغم من بساطة الأفعال المرتبطة به إلا أن أثره عميق على النفوس فمجرد ابتسامة صغيرة كفيلة بإدخال السرور على قلب حزين، وكلمة طيبة صادقة كافية لإسعاد قلب مكسور.
  • المقصود بجبر الخاطر هو تخفيف حزن وهم البائسين، وطمأنة قلوب الخائفين، والتعامل مع الناس برفق ولين فلا تنطق ولا تفعل سوى ما يرضي رب العالمين، أيضًا يشمل كلمة طيبة تشجع بها من فقد الأمل، ونصيحة تقدمها لمن بحاجة إليها، ومساعدة المحتاجين وغيرها الكثير والكثير من الأفعال التي لا يمكن إحصاؤها فجبر الخواطر ينبغي أن يكون حاضرًا في أذهاننا في كل وقت وحين ليشمل كافة تعاملاتنا مع الآخرين.

جبر الخواطر في الإسلام

  • بالنظر لمختلف التعاليم الدينية في الدين الإسلامي سنجد أنها تؤسس في مجملها لتأليف القلوب ونشر المحبة والسلام بين الناس وهذا ما نستشفه مما جاء في السنة النبوية الشريفة ومن القرآن الكريم.
  •  ومن أعظم الأمثلة التي تدل على مكانة جبر الخاطر في الإسلام هي قصة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع الأعمى التي ودر ذكرها في سورة عبس في قوله تعالى :”عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى”.
  • فانزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات معاتبةً لنبيه الكريم لإعراضه عن الأعمى الذي جاء يسأله في أمور الدين وهو جالس مع كبار كفار قريش يحاول هدايتهم، فكان الأعمى يلح في سؤال رسول الله دون أن يعلم انشغاله عنه بآخرين وقد ظهر على وجه النبي الكريم العبوس كما جاء في القرآن الكريم، لتنزل هذه الآيات كمعاتبة للنبي لإعراضه عن الأعمى وجبر لهذا الرجل الذي حرم من نعم البصر، وما أنزل المولى عز وجل هذه الآيات إلا موعظةً وعبرةً للعالمين.[1]

حدي عن جبر الخواطر

أما بخصوص السنة النبوية الشريفة فهي زاخرة بالأحاديث الشريفة التي تحث في مضمونها على جبر الخواطر ومنها:

  • نخرج الصدقات لمساعدة المحتاجين وللتقرب أكثر رب العالمين لكن هل يمكن أن نتصدق بالابتسامة وننال أجر من الله عليها، هذا ما يحدثنا به النبي الكريم في قوله :”تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة“، فمجرد الابتسامة في وجه الآخرين يمنحك الله عليها أجر الصدقة، فإن كان المال يفك كروب المحتاجين فالابتسامة تؤلف بين القلوب وتزيل الهموم.
  • أيضًا مما جاء في السنة النبوية الشريفة ويحث على جبر الخواطر وعظم أجرها من الله سبحانه وتعالى هو قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- :”من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة“، فإن نفست عن مؤمن كربة ألا تجبر بذلك خاطره، وإن يسرت له ما تعسر من شئون ألا تجبر بذلك خاطره، وإن سترت عيبه وحفظت سرت ألا تطمأن قلبه وتهدأ من روعه وتجبره، فجبر الخواطر يمكننا العثور عليه دائمًا في شتى الأمور وإن لم يذكر صراحةً نستدل عليه من أثره.

دعاء جبر الخواطر

الله سبحانه وتعالى هو خير من نلجأ إليه لجبر انكسار قلوبنا ولقضاء حوائجنا التي بها يطيب خاطرنا فهو الجبار الكريم، لذا فيما يلي نقدم لكم عدد من الأدعية التي يمكنكم الاستعانة بها ليجبر الله خواطركم:

  • اللهم يا أرحم الراحمين إنك مطلع على الغيب وتعلم ما في قلبي من هم وحزن، فاللهم اكشف همي وأزل غمي وأجبرني يا ذا الجلال والإكرام.
  • اللهم إني أسألك باسمك الأعظم الذي تعطي به السائلين وتجيب به الداعين أن تفرج كربي وترزقني السكنية والطمأنينة وأنت اللطيف الحليم.
  • يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير فاللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك ما علمتنا إياه وما لم تعملنا إياه أن ترزقني من فضلك الواسع مالاً مباركاً فيه وأن تقضي عني ديني وأنت السميع العليم.
  • اللهم إني أعوذ باسمك من أرذل العمر ومن الحاجة للناس، اللهم لا تحوجني لأحد من خلقك واغنني بك عن سؤال  العالمين يا أكرم الأكرمين.
  • اللهم إني أسألك سكون القلب وطمأنينة النفس وطيب العيش وقضاء الدين يا ذا الجلال والإكرام.
  • يا الله يا أرحم الراحمين أصلح لي نفسي وأصلح لي معاشي وأهدني صراطك المستقيم وأنت اللطيف الخبير.

حكم عن جبر الخاطر

جاء في جبر الخواطر الكثير من الحكم ومنها:

  • في بعض الأحيان لا يستدعي الأمر سوى التصرف بلطف واهتمام لتغيير حياة شخص ما.
  • قدم المعروف للناس بغض النظر عما هم عليه، اجعلها نابعة فقط مما أنت عليه.
  • اصنع المعروف للناس دون انتظار مقابل، فيومًا ما سيرد الأمر إليك بطريقة أو بأخرى.
  • يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :”لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ“.
  • أصغر الأفعال النابعة من القلب بإمكانها ترك أثر بالغ في قلوب الآخرين.
  • يمكنك أن تحقق باللين والرفق ما لا يمكنك تحقيقه بالقوة.
  • قول لطيف تجبر به من أمامك كافي لإسعاده لبقية اليوم لذا لا تبخل به.
  • جبر الخاطر هو القاعدة العامة التي تندرج تحتها مختلف التعاملات بين البشر.
  • لا يوجد في هذا العالم أجمل من قلب حنون رؤوف بمن حوله.
  • لا يهم مدى قوتك المهم مدى نقاء قلبك وكيفية تعاملك مع الآخرين.
  • اصنع المعروف مع الجميع وإن لم يكونوا أهلاً له، فأنت أهلٌ له.
  • أهم الصفات التي ينبغي أن تسكن جميع القلوب هي اللين والرفق.
  • إن أردت كسب محبة الجميع تحدث بلطف، وتعامل بإحسان.
  • من أعظم العبادات الخفية التي يتقرب بها العبد لربه هي جبر خواطر عباده.
  • شخص واحد غير قادر على مساعدة الجميع في العالم، لكنه قادر على مساعدة من حوله.

المراجع

[1]الشيخ نبيل العوضيقصة وآية10/3/2020