افضل مراتب الناس عند المصيبة

افضل مراتب الناس عند المصيبة
افضل مراتب الناس عند المصائب

إنّ وقوع المصائب هو سنة من سنن الله الكونية بعباده، ولكنّ ردّة الفعل تجاه المصائب تختلف من شخص لآخر، فما افضل مراتب الناس عند المصيبة، وكيف يمكن للإنسان أن يصل لهذه المرتبة، وهل كون الإنسان في المراتب الأخرى ولم يصل إلى المرتبة الفُضلى يعني أنّه ليس أجر في مصيبتك تلك، هذا ما سُنجيب عليه في هذا المقال.

المصائب والابتلاءات

المصائب والابتلاءات ما هي إلّا امتحان من الله تعالى لعباده وهو دليل محبّة منه لهم، لأنّ في المصائب أجرٌ عظيم وجزاءٌ كبير للمؤمن، فالبلاء يُمكن أن يكون من تعجيل عقوبة الله للعبد في الدنيا، فجميع المصائب والبلايا الدنيوية لا تساوي شيئًا في مقابل العقوبة الأخروية، وفي وقوع البلاء على الإنسان رفع درجات له وتكفير ذنوب وسيئات، ولكن ليس جميع الناس يواجه المصيبة بهذه العقلية وهذا الإيمان فالنفوس تختلف وقوة الإيمان كذلك، وهذا ما يجعل الناس مراتب عند المصيبة، وفيما يلي من الحديث سيتم بيان هذه المراتب وتوضيح افضل مراتب الناس عند المصيبة.[1]

مراتب الناس عند المصيبة

إنّ المصائب والبلايا ليست بالأمر السهل وقد تُفقد الإنسان عقله، فقد يفقد عزيزًا أو يُضيّع مالًا أو غير ذلك من أنواع البلايا التي لا حصر لها، وقد قسّم العلماء الناس عند وقوع المصيبة إلى أربعة مراتب، وفيما يأتي تفصيلها:[2]

  • الجازع، وهذه المرتبة محرّمة، لأنّ فيها سخَط على قضاء الله وقدره الذي بيده ملكوت السماوات والأرض ويفعل ما يشاء كيفما شاء.
  • الصابر، وهذه المرتبة واجبة، فالصابر يحتمل المصيبة ولكنّه يراها شاقّة وصعبة، وفي نفسه كُره لوقوعها ولكنّه لا يُظهر جزعًا وسخطًا منها، بل يحبس نفسه عن هذا الفعل المحرّم.
  • الراضي، وهذه المرتبة مستحبة، فالإنسان في هذه المرتبة لا يهتم بالمصيبة لأنّه يرى أنّها من عند الله تعالى، فيرضى بها تمام الرضا، ولا يكون في قلبه حسرة بسببها.
  • الشاكر، وفي هذه المرتبة يرضى الإنسان بالمصيبة ويشكر الله عليها.

افضل مراتب الناس عند المصيبة

إنّ افضل مرتب الناس عند المصيبة هي المرتبة الرابعة وهي مرتبة الشاكر، ويمكن أن يصل الإنسان إليها بأن ينظر المؤمن إلى من هو أعظم منه مصيبةً وأكثر، فيشكر الله ويحمده على ما هو فيه، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا تنظُروا إلى مَن هو فوقَكم وانظُروا إلى مَن هو أسفَلَ منكم فإنَّه أجدَرُ ألا ترُدُّوا نِعمةَ اللهِ”،[3] ويعلم أنّ هذه المصيبة هي بب في تكفير سيئاته ورفع درجاته، فالأجر الأخروي يجعله يشكر الله ويحمده ويشعر أنّ هذه المصيبة نعمة، بالإضافة إلى تذكّر الإنسان أنّ أشد الناس باءً الأنبياء ثمّ الصالحون ثمّ الأمثل فالأمثل.[2]

وقد قال ابن القيّم -رحمه الله- أنّ مرتبة الشاكرين تفوق مرتبة الرضا، فالعبد يرضى بالمصيبة ويشكر ربّه عليها كشكره على النعم، والوصول إلى المرتبة الأكمل يكون عندما يرضى العبد عن ربّه في مصيبته ويزداد حبًا له وشوقًا للقائه، وذلك لأنّه يرى في المصائب إحسان من الله تعالى له، ولطفًا وبرًّا به، وتتكشّف له حكمة الخالق من البلاء والكرب، فيلهج لسانه بالشر ويمتلأ فؤاده بالرضا.[4]

حكم الجزع عند المصيبة

إنّ الأجر على المصيبة يكون بمجّرد وقوعها على الإنسان، فإذا صبر الإنسان واحتسب ذلك عند ربّه كان له أجرًا زائدًا عن أجر المصيبة، وكذلك الأمر بالنسبة للرضا بالمصيبة، وقد قال رسول الله: “ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ”،[5] فالصبر على المصائب بشتّى أنواعها هو سبب في مضاعفة الأجور،[6] ولكن قد يُبتلى بعض الناس فلا يكون لديهم صبرٌ ولا جَلَد ويحصل لديهم تسخّط وجَزع، فتصبح المصيبة مصيبتين حيث يحرمهم هذا الجَزع من أجر المصيبة وأجر الصبر عليها والرضا بها، فالسَخط لا ينفع ولا يُفيد وقدر الله ماضٍ، ومن الواجب على المسلم أن يُصبّر نفسه ويقويّها ويحبس لسانه عن التسخّط على أقدار الله.[7]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا الذي بيّنا فيه فضل الصبر على المصائب والرضا فيها، وذكر مراتب الناس في تلّقي الابتلاءات، وما هي أفضل مراتب الناس عند المصيبة، وأنّ الجَزع والفزع لا يرفع المصيبة ولا يُخّفف منها، بل هو وسيلة للحرمان من الأجر، وليس للإنسان سبيل سوى الصبر والرضا.

المراجع

[3]صحيح ابن حبانابن حبان ، أبو هريرة ، 713 ، حديث أخرجه في صحيحه
[5]صحيح البخاريالبخاري ، أبو هريرة ، 5641 ، حديث صحيح