سورة الناس مكية ام مدنية .. التعريف العام بسورة الناس

سورة الناس مكية ام مدنية

سورة الناس مكية ام مدنية ؟ سؤالٌ يُطرح لمعرفة مكان نزول الدّعوة الإسلامية، ولتصوّر الحياة التي لازمت نزول القرآن الكريم بوساطة روح القُدُس جبريل -عليه السّلام- ولمتابعة الأحداث والمواقف التي كانت سببًا لنزولها، حينها يُدرك المسلم خطاب الله-تعالى- له في كتابه، فيستقر الإيمان في القلب، ويزداد يقينًا بالله تعالى.

التعريف العام بسورة الناس

هي السَّورة الأخيرة في المصحف الكريم من الجزء الثلاثين، وهي من سُوَر المفصّل التي آياتها قصار، حيث أنّ عدد آياتها 6 آيات، وقد نزلت بعد سورة الفلق، ويُطلق عليها وعلى سورة الفلق بالمعوذتَيْن؛[1] لأنّها ابتدأت بطلب الاستعاذة، والعوَذ هو الملجأ،[2] فهذه السّورة مشتملة على الاستعاذة والإلتجاء بربِّ النّاس وخالقهم بأن يحميهم من شرور الشّياطين ووساوسُها المُتسلّطة على البشر،[3] فقد أورد مسلم في صحيحه أنّ كلَّ إنسان له قرينه من الشّيطان يوسوس له لارتكاب الفواحش، حيث قال عبدالله بن مسعود-رضي الله عنه-أنّ رسول الله قال: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ)[4] والاستعانة بالله هو اللّجوء إليه-سبحانه- في كل الأوقات، وقد اختلف العلماء في معرفة نوع سورة الناس مكية ام مدنية، وفيما يأتي تفصيلُ مُبسط عن ذلك.

سورة الناس مكية ام مدنية

استمر نزول القرآن الكريم على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ثلاثة وعشرون سنة، ما بين مكة المُكرمة وما احتوت آياتها على تربية إيمانيّة بحتة، وما بين المدينة المنوّرة والحياة الجهاديّة، وقد اختلف العُلماء في كون سورة الناس مكية ام مدنية حيث ذهب عبدالله بن عباس-رضي الله عنه- إلى أنَّ سورة النّاس سورة مدنية كسُورة الفلق التي جاءت بعدها من حيث ترتيب المصحف، بينما ذهب قتادة في فريقٍ آخر أنَّ سورة النّاس مكيّةٌ لا مدنية، وقد قال محمد الطَّاهر بن عَاشور في كتابه “التحرير والتنوير”عن سورة النّاس:(هي مكّيّةٌ في قول الّذين قالوا في سورة الفلق: إنّها مكّيّةٌ، ومدنيّةٌ في قول الّذين قالوا في سورة الفلق: إنّها مدنيّةٌ، والصّحيح أنّهما نزلتا متعاقبتين، فالخلاف في إحداهما كالخلاف في الأخرى)[5]

فضل سورة الناس

تحتوي آيات سورة النّاس على صفات الله-عزّ وجلّ- المتمثّلة بالرُّبوبيّة والمُلك والألوهيّة، فالله -تعالى-ربُّ السّموات والأرض، ومالك هذا الكون، وإلهه المُستحقّ للعبادة، ومن فضّل سورة النّاس ما يأتي: [6]

حصنٌ للمسلم

فقراءة المعوذتيْن والإخلاص صباحًا ومساءً ثلاث مراتٍ تكفيه من شرور االشيطان التي قد يحدث للإنسان، فهي كالحصن له، وهي تكفي عن الأذكار الأخرى،[7] حيث قال عبدالله بن خبيب-رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “(خرجنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمَةٍ شديدةٍ نطلبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصليَ لنا ، فأدركناه ، فقال : أصليتم ؟ فلم أقلْ شيئًا ، فقال : قلْ . فلم أقلْ شيئًا ، ثم قال : قلْ. فلم أقلْ شيئًا ، ثم قال : قلْ : فقلتُ : يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ ؟ قال : قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ).”[8]

من آبات الرّقيّة الشّرعيّة

فقد كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقرؤها كلّ ليلة؛ حيث كان يجمع كفيه فيقرأ المعوِّذتيْن والإخلاص ثمّ يمسح جميع ما تصل إليه يده من جسده، وقد قال ابن القيّم في كلامه عن المعوِّذتين: (المقصود الكلام على هاتين السّورتيْن وبيان عظيم منفعتهما، وشدّة الحاجة بل الضّرورة إليهما، وأنّه لا يستغني عنهما أحد ٌقط، وأنّ لهما تأثيرًا خاصًا في دفع السّحر، والعين، وسائر الشّرور، وأنّ حاجة العبد إلى الاستعانة بهاتين السورتيّن أعظم من حاجته إلى النّفس، والطّعام، والشّراب، واللّباس»

في الختام، الاختلاف في سورة الناس مكية ام مدنية هو اختلافٌ لا يُشكّل فارقًا في بيات منزلة القرآن الكريم وفضله، إنّما الأهمّ من ذلك هو تعظيمه في قلوب العباد، واتخاذه منهجًا في طريق الحياة الإسلاميّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *