لماذا يوجد للمطر أكثر من رائحة

لماذا يوجد للمطر أكثر من رائحة

لماذا يوجد للمطر أكثر من رائحة ، إذ أنّ الكثير والعديد من الناس يلحظون رائحة تخرج عقب هطول الأمطار في مُختلف مناطق العالم، هي ذاتها الرائحة التي نستنشقها عند الحِراثة أو حتى عند تصفيف العشب الأخضر وريّه بالماء. وهذه الرائحة هي مصدر للسعادة عند العرب منذ القدم، ومصدر إلهام للشعراء والكُتاب في العالم، فكانوا يستخدمونها في أدبياتهم وشعرهم، [1] وفي هذا المقال سنوضح ما هي هذه الرائحة وما أسبابها.

لماذا يوجد للمطر أكثر من رائحة

يرجع ذلك إلى تأثير النباتات والبكتيريا بالإضافة إلى تأثير غاز الأوزون، ولا بد من التذكير في البداية أن المطر في حد ذاته ليس له رائحة لكن انتشار هذه الرائحة في الجو يرتبط ببداية نزوله، وهي تنتج عن تفاعل ماء المطر مع التربة الجافة. وقد وثق العلماء الأستراليون لأول مرة عملية تشكل هذه الرائحة التي أطلقوا عليها اسم “البتريكور” في عام 1964، كما درس علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا آليات العملية خلال السنوات الماضية. [2] 

تأثير النباتات والبكتيريا

يقول العلماء إن مصدر هذه الرائحة هو النباتات والبكتيريا، وهي عبارة عن مزيج من المركبات الكيميائية العطرة، بعضها من الزيوت المتأتية من النباتات، لكن مكوناتها الرئيسية تعود إلى البكتيريا الشعاوية (الأكتينوبكتيريا) وهي بكتيريا غير هوائية تعيش في التربة، ويمكن العثور على هذه الكائنات الدقيقة الصغيرة في المناطق الريفية والحضرية وكذلك في البيئات البحرية. وتحلل البكتيريا الشعاوية المواد العضوية الميتة أو المتحللة إلى مركبات كيميائية بسيطة مخصبة للتربة تساهم في نمو النباتات والكائنات الحية الأخرى. تنتج هذه البكتيريا خلال نشاطها مركبا عضويًا يسمى “جيوسمين”، وهو الذي يعطي رائحة المطر أو البتريكور، وتجعلها تركيبتها الكيميائية المعقدة ملحوظة بشكل خاص لدى البشر حتى عند مستويات منخفضة للغاية، إذ يمكننا استنشاق رائحة الجيوسمين حتى إن كان تركيزها لا يتجاوز أجزاء قليلة في كل تريليون جزء من الهواء. وخلال فترة طويلة من الجفاف عندما لا تمطر لمدة طويلة يتباطأ معدل نشاط التحلل الذي تقوم به البكتيريا الشعاوية، لكن قبيل هطول المطر مباشرة يصبح الهواء أكثر رطوبة وتبدأ الأرض في التبلل، فتساعد هذه العملية على تسريع نشاطها لتنتج كميات أكبر من مركب الجيوسمين. وعندما تسقط قطرات المطر على الأرض خاصة على الأسطح المسامية مثل التربة الفضفاضة أو الخرسانة فإنها تطلق من هذه المسام جزيئات صغيرة تسمى الهباء الجوي ومعها مركب الجيوسمين ومركبات البتريكور الأخرى التي قد تكون موجودة على الأرض أو مذابة داخل قطرة المطر فتنقلها الرياح إلى المناطق المحيطة. وإذا كان هطول الأمطار غزيرًا بدرجة كافية يمكن لرائحة بتريكور أن تتنقل في الهواء بسرعة في اتجاه الريح وتنبه الناس إلى أن المطر قريب. وتنتهي الرائحة في النهاية بعد مرور العاصفة وبداية جفاف الأرض، وتبقى البكتيريا الشعاوية في حالة الانتظار جاهزة لمساعدتنا في معرفة متى قد تمطر مرة أخرى. [2] والملفت للانتباه أيضًا، هو استخدام هذا النوع من البكتيريا في إنتاج أنواع من المضادات الحيوية الطبية المنتشرة في الصيدليات، أما بالنسبة لمركب “جيوسمين”، فيستخدم اليوم في صناعة وتركيب العطور. [3]

رائحة الأوزون

رائحة أخرى مرتبطة بالمطر هي رائحة الأوزون، فخلال العواصف الرعدية يمكن أن يكسر البرق جزيئات الأكسجين والنيتروجين في الغلاف الجوي ليكون أكسيد النيتريك، فتتفاعل هذه المادة مع المواد الكيميائية الأخرى في الغلاف الجوي لتشكيل الأوزون الذي له رائحة حادة شبيهة برائحة المحاليل التي تحتوي تركيزا ضعيفًا من الكلور. وعندما يقول شخص ما إنه يمكن أن يشم رائحة الأمطار القادمة فقد تكون ناتجة عن عاصفة تقترب حملت الأوزون من السحب إلى أنفه. لكن لماذا تبدو رائحة المطر ممتعة للتنفس؟ يعتقد بعض العلماء أن البشر ورثوا عاطفتهم لرائحة المطر من الأجداد الذين اعتمدوا على النباتات والحيوانات للبقاء على قيد الحياة، وكل منها أكثر وفرة في المواسم الممطرة من مواسم الجفاف. [3]
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي بينَا فيه لماذا يوجد للمطر أكثر من رائحة ، كما أوضحنا تأثير كل من النباتات والبكتيريا والأوزون على ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *