من هو مؤلف كتاب كليلة ودمنة
جدول المحتويات
من هو مؤلف كتاب كليلة ودمنة، موضوع أثار الجدل وكثرت فيه الأقاويل، حيث إن كتاب كليلة ودمنة يتضمّن مجموعة من القِصص، تَرجمهُ عبدالله بن المقفّع إلى اللغة العربيّة، وصاغه بأسلوبه الأدبي، أجمع الكثير من الباحثين على أن الكتاب يعود لأصول هنديّة، وكتب باللغة “السنسكريتية” في القرن الرابع الميلادي، ومن ثم ترجم إلى اللغة “الفهوية” في أوائل القرن السادس الميلادي بأمر من كسرى الأول، وسنعرض في هذا المقال لمؤلف كليلة ودمنة، وتأثير الكتاب على الأدب العالمي، ولقصص من الكتاب.[1]
معلومات عن كتاب كليلة ودمنة
ترتبط مجموعة القصص المتضمّنة في الكتاب بالحِكمة والأخلاق، ويرجّح أنها تعود لأصول هندية، حيث يروي الكتاب قصة ملك هندي طلب من حكيمه أن يؤلف له خلاصة الحكمة بأسلوب مسلّي، لكن النص العربي على أي حال لم يُترجم عن الأصل الهندي إذ يبدو أنه انتقل لعدّة لغات قبل وصوله للعربية، معظم شخصيات قصص كليلة ودمنة عبارة عن حيوانات بريّة، لها رمزيات عدة، فالأسد يمثل الملك، وخادمه الثور الذي يحمل إسم “شتربة”، وأخيرا كليلة ودمنة وهما اثنتين من حيوان “ابن آوى” وشخصيات عديدة ممتعة أخرى، حيث تدور قصص الكتاب بالكامل ضمن الغابة وعلى ألسنة هذه الحيوانات.[1]
شاهد أيضا: أفضل الكتب للقراءة
من هو مؤلف كتاب كليلة ودمنة
مؤلف كتاب كليلة ودمنة هو الفيلسوف بيدبا، حيث تبدأ قصة تأليف الكتاب بغزو الإسكندر لبلاد الهند وثورة الشعب عليه، والتي أدّت بالتالي الى تولّي الملك “دبشليم” العرش، وقد كان مغروراً ظالماً، مما دفع الفيلسوف “بيدبا” إلى نصحه، فسجنه الملك، لكنه ندم فيما بعد، فأطلقه وقرّبه إليه وجعله وزيراً له، يستشيره في كلّ الأمور، وقد طلب منه أن يضع خِبرته ونصائحه في كتاب، فكان هو مؤلف كتاب كليلة ودمنة هذا الكتاب الذي يرمي إلى إصلاح الأخلاق وتهذيب العقول، وكل ذلك على لسان “كليلة ودمنة”، وهما حيوانان من الفصيلة الكلبية، أصغر حجما من الذئب، والحديث على لسان الحيوانات ليس إلا من قبيل الأدب الرّمزي، ثم توالت الترجمات على مر العصور حتى ترجمه “عبدالله بن المقفع” إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدا في القرن الثاني الهجري الموافق للقرن الثامن الميلادي.[2]
شاهد أيضا: من هو مؤلف كتاب تاريخ دمشق
تأثير كتاب كليلة ودمنة على الأدب العالمي
كان للكتاب تأثير على عدد من الأغمال الأدبية العالمية، فقد وجد بعض الباحثين تشابها بين بعض حكايات كليلة ودمنة و”خرافات إيسوب” وكذلك بينها وبين “خرافات ماري” الفرنسيّة، بالإضافة إلى قصص مشهورة أخرى، وقد وجد أيضا بأن هنالك خرافات حيوانية مماثلة في معظم ثقافات العالم، ويجد البعض أن الهند هي المصدر لهذا النوع من الخرافات، كما أقرّ كاتب القصص الخرافية الفرنسي “جان دو لافونتين” بأن أعماله مستوحاة من هذا الكتاب، حيث ذكر في مقدمة كتابه الثاني الخاص بالقصص الخرافية التالي: “هذا الكتاب الثاني من الخرافات الذي أقدمه للجمهور، لا بدّ أن أعترف بأن الجزء الأكبر منه مستوحى من كتاب الحكيم الهندي بيلباي”. كما يرى البعض بأنه أصل بعض حكايات الكتابين الشهيرين “ألف ليلة وليلة” و “سندباد” وكذلك العديد من الأعمال الأدبية الغربية من قصص وقصائد ونحوها.[1]
شاهد أيضا: من هو مؤلف ملحمة الغدير
قصص من كتاب كليلة ودمنة
كذلك نورد بعض القصص التي اختار مؤلف كتاب كليلة ودمنة أن يضمّنها رسائله للملك، وهي عبارة عن حكايات تدور بين حيوانات في غابة.
القرد والنجار
زعموا أن قردًا رأى نجارًا يشق خشبةً، وهو راكب عليها، وكلما شق منها ذراعًا أدخل فيه وتدًا. فوقف ينظر إليه وقد أعجبه ذلك. ثم إنّ النجار ذهب لبعض شأنه فركب القرد الخشبة، وجعل وجهه قبل الوتد فلزم الشق عليه، فكاد يغشى عليه من الألم. ثم إن النجار وافاه فوجده على تلك الحالة، فأقبل عليه يضربه، فكان ما لقي من النجار من الضرب أشد ممَا أصابه من الخشبة. ويضرب هذا المثل فيمن يتكلف من القول والفعل ما ليس من شكله.
القملة و البرغوث
زعموا أنَ قملة لزِمت فراش رجل من الاغنياء دهرًا، فكانت تصيب من دمه وهو نائم لا يشعر، وتدبَ دبيبًا رفيقًا. فمكثت كذلك حينا حتى استضافها ليلة من الليالي برغوث، فقالت له: بت الليلة عندنا في دم طيب وفراش لين. فأقام البرغوث عندها حتى إذا آوى الرجل إلى فراشه وثب عليه البرغوث فلدغه لدغة أيقظته وأطارت النوم عنه، فقام الرجل وأمر أن يفتش فراشه فنظر فلم ير إلا القملة فأُخذت فقُصعت، وفرّ البرغوث، ويضرب هذا المثل حين نعلم أن صاحب الشر لا يسلم من شره أحد، ويقال: إن استضافك ضيف ساعة من نهار، و أنت تعرف أخلاقه، فلا تأمنه على نفسك، ولا تأمن أن يصلك منه أو بسببه ما أصاب القملة من البرغوث .
الثعلب والطبل
زعموا أن ثعلبًا أتى أجمة فيها طبل معلق على شجرة، وكلما هبت الريح على أغصان تلك الشجرة حرَكتها، فضربت الطبل، فسُمع له صوتٌ عظيم باهر. فتوجه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته، فلما آتاه وجده ضخماً، فأيقن في نفسه بكثرة الشحم واللحم، فعالجه حتى شقه. فلما رآه أجوف لا شيء فيه قال: لا أدري لعل أفشل الأشياء أجهرها صوتا، وأعظمها جثة.
شاهد أيضا: مؤلف رواية ديفيد كوبر فيلد من 5 حروف
اقتباسات من كتاب كليلة ودمنة
تاليا بعض الاقتباسات الرائعة التي خطّتها يد مؤلف كتاب كليلة ودمنة، والتي يلخّص بها حكمه الجميلة:
- إن أموراً ثلاثة تزداد بها لطافة ما بين الإخوان، واسترسال بعضهم إلى بعض، منها المؤاكلة ومنها الزّيارة في الرَّحل ومنها معرفة الأهل والحشَم.
- يعيش القانع الراضي آمناً مُطمئناً مستريحًا مُريحًا، وذو الحرص والشره لا يعيش ما عاش إلا في تعب ونَصَب وخَوف، فمن كان عاقلًا علم أنه لا ينبغي أن يَعجَل بالعذاب والعقوبة، ولا سيما بعذاب من يخاف أن يندم عليه.
- اثنان لا ينبغي لهما أن يحزنا أبدًا: المجتهد في البرّ والذي لم يأثم قط.
- اثنان لا ينظُران أبداً: الأعمى والذي لا عقل له، فإنه كما أنَّ الأعمى لا يبصر السماء ولا النجوم ولا الأرض، ولا يبصر القريب ولا البعيد ولا أمامه ولا خلفه، كذلك الذي لا عقل له، لا يبصر منفعته من مضرته، ولا يعرف العاقل من الجاهل، ولا الحسن من القبيح، ولا المحسن من المسيء.
- ثلاثة يتمنُّون ما لا يجدون: الفاجر الذي لا ورع له ويريد إذا مات منزلةَ الأبرار في الآخرة، والبخيل الذي يريد منزلة السَّمْح الجواد، والفجرة الذين يسفكون الدماء بغير حقٍّ ويرجون أن تكون أرواحهم مع الشهداء الأتقياء.
- ثلاثةٌ لا يلبَث ودُّهم أن يتصرَّم: الخليل الذي لا يلاقي خليله ولا يكاتبه ولا يراسله، والرجل الذي يُكرمه أحبّاؤه فلا يُنزِل ذلك منهم منزلته ولا يقبله بقبوله، ولكن يستهزئ بهم ويسخر منهم، والمعاطي أخلّاءه في الفرح والنعيم وقُرَّة العين يسألهم أمورًا لا يقدِرون عليها.
- وقد كان يُقال: الفاقة بلاء، والحزنُ بلاء، وقرب العدوّ بلاء، وفراقُ الأحبة بلاء، والسقم بلاء، والهرم بلاء، ورأس البلايا كلها الموت، وليس أحد أعلم بما في نفس الموجَع المحزون ممّن ذاق مِثل مابه.
إلى هنا نكون قد وصلنا لخاتمة المقال، وقد عرفنا من هو مؤلف كتاب كليلة ودمنة وقصة تأليف الكتاب وكيف وصل للعربية بعد مروره بترجمات عديدة، وأخذنا نظرة على بعض القصص والاقتباسات الرائعة منه، وهو كتاب عظيم له بصمة في الأدب العالمي.