من مظاهر الأمانة حفظ حقوق الآخرين
من مظاهر الأمانة حفظ حقوق الآخرين ، الأمانة أحد الأخلاق التي حث الإسلام عليها ورغب بها، وكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يلقب بالصادق الأمين، فلابد للمسلم الحق أن يهذب أخلاقه، ويبتعد عن الغدر والخداع، والخيانة، وأن يتقرب الى الله عز وجل بحسن أخلاقه، وفي هذا المقال سنتحدث عن الأمانه، ومجالاتها الواسعة، والفوائد التي تعود على من تخلق بخلق الامانة.
الأمانة
الأمانة مصدر قولهم: أمن يأمن أمانة أي صار أمينا، وهو مأخوذ من مادّة (أم ن) الّتي تدلّ على سكون القلب، وأما اصطلاحا قال الكفويّ الأمانة: كلّ ما افترض الله على العباد فهو أمانة كالصّلاة والزّكاة والصّيام وأداء الدّين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار، وقال في موضع آخر: كلّ ما يؤتمن عليه من أموال وحرم وأسرار فهو أمانة، فالأمانه مجالها عام وواسع ويشمل جميع الامور المتعلقة في الدنيا والاخرة، وليس كما يظن بعض الناس أن الأمانة مقتصرة على حفظ أمانات الآخرين.[1]
من مظاهر الأمانة حفظ حقوق الآخرين
إن من مظاهر الأمانة حفظ حقوق الآخرين، وللأمانة مجالات متنوعة يصعب حصرها، فهي واسعة جدًا ومن هذه المجالات مايلي:[2]
- حفظ الاسرار: فمن الأمانة حفظ اللسان عن إفشاء الأسرار، وهذا من خلق المسلم الحق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما المجالسُ بالأمانة)[3]، وقال المباركفوري – رحمه الله – في شرحه للحديث: “حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها على ما يقع فيها من قول وفعل؛ فكأن المعنى ليكن صاحب المجلس أمينا لما يسمعه ويراه”.
- رعاية الزوجين لحقوق بعضهما: فعلى الزوجين احترام بعضهما البعض، وعدم تجسس أحدهما على الأخر، وأن يلتمسا الأعذار لبعضهم، وعليهم بحفظ أسرار بيتهم، وهذه الأمانة من أعظم أنواع الأمانات، وقد حرَّم الإسلام إشاعة ما يَحْدُث بين الزوجين.
- تربية الاولاد تربية صالحة: وتعد هذه الأمانة من أخطر الأمانات وأعظمها، لإن أساس المجتمع وركيزته هي الأسرة، فإذا صلحت تربية الأبناء صلح المجمع كله، وإذا فسدت تربية الأبناء فسد المجتمع كله، فهذه الأمانة تقع على عاتق الأب والأم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئولٌ عن رعيته)[4]، وقال الإمام النووي – رحمه الله -: “الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيءٌ فهو مطالبٌ بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته”، ويقول ابن القيم – رحمه الله: “فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوها صغارا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا”.
- الوفاء بالعقود والعهود: وهي تشمل جميع أنواع العقود كعقد البيع والشراء والإيجار وغيرها من العقود فيجيب على المسلم الحق أن يلتزم، بما عليه من واجبات ولا يغش في البيع أو الشراء، وهذا يشمل الكافر فلا يجوز خداعه والمكر به فيجب على المسلم الإلتزام بالوعد المقطوع.
- رد الودائع: فقد كان حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يلقب بالصادق الأمين، حتى أن قريش مع كرهها له عليه السلام، لم تستطع انكار أمانته بل كانو يضعون الودائع عنده، وما أعظمها من لحظة حين أراد المشركون قتل رسول الله، ومع ذلك أبى أن يخرج من مكة المكرمة الإ بعد أن رد الأمانه والودائع إلى أهلها، وهذا يشعر المسلم الحق بأهمية رد الودائع لأصحابها.
فوائد الأمانة
وللأمانة فوائد كثيرة، وفيما يلي بعضًا منها:
- سبب لزيادة روابط المحبة بين أفراد المجتمع.
- سبب لقرب العبد لربه واستشعاره بوجوده فهو يراعي أدق التفاصيل، لكي يحفظ الأمانه بمفهومها الشامل، ويتجنب عصيان الله عز وجل.
- تنفي الصفات السيئة عن الفرد المسلم مثال صفة الغدر والخيانة والنفاق، وذلك لأن خلق الأمانة عكس النفاق والغدر والخيانة.
- سبب من أسباب ارتقاء وسعادة المجتمع، فعندما تحفظ الأمانات ينتشر الأمان بين أفراده، ويشعر الناس بالراحة لذلك، فلا يخافون ويقلقون من الغدر والخيانة أو المكر، وتعم الثقة بين الأفراد.
إن من مظاهر الأمانة حفظ حقوق الآخرين، وبينا في هذا المقال أن مجالات الأمانة واسعة ولاتقتصر على حفظ الأمانات أو ردها فهي تشمل جميع جوانب الحياة، وبينا الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع إذا تخلق أفراده بخلق الأمانة.