ما هو الطائر الذي يحرم قتله في الحل والحرم

ما هو الطائر الذي يحرم قتله في الحل والحرم، هو من الأسئلة الشّائعة ما بين النّاس التي يجب معرفة الحكم الشّرعي فيها، لما يترتّب عليها من أحكام شرعيّة مُتعلقة بها، وخاصّة أنّ القرآن الكريم ذكر الكثير من الحيوانات التي لكلٍّ منها قصّةٌ مُعيّنةٌ، لها من العِبر والعِظات التي تترك أثرًا في حياة المسلم.

الطيور في القرآن الكريم

ذكر الله-تعالى- في كتابة الكريم الكثير من الحيوانات التي لها دورٌ مُهمٌ في كل المواقف التي وُجِدت فيها، وفي ذِكرها عِبرٌ وعِظات للبشر؛ لعلّهم يَتعِظون، ولكلّ منها آياتٌ ظاهرةٌ على دلائل قدرة الله-تعالى- في الكون، فمنها من يمشي على أربع، ومنها ما يمشي على اثنين، ومنها ما يُحلّق في السّماء بجسمٍ له ريش قادرٌ على رفع جسمه في السّماء لِيُخالف قانون الجاذبيّة الأرضية، حيث قال تعالى: “أَوَلَمْ يَرَوا إِلىَ الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافّاتٍ ويَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ الَّا الرَّحمَنُ انَّهُ بِكُلِّ شَي‏ءٍ بَصِيرٌ”[1]فالله-تعالى- يدعو المسلمين إلى التّفكر والتّأمل في عالم الطيور الدّالة على عظمة خلقه -سبحانه- كيف أبدع في خلقه للطّيور القادرة على قبض أجنحتها ومن ثمّ بسطها؛ لترتفع في السّماء، ومن الطّيور التي ذكرها الله-تعالى- في كتابه:

• الغُراب:إنّ الغراب من الكائنات الحيّة التي يبحث في الأرض بمنقاره ورجليه؛ ليحصل على رزقه، وقد يدفن ما يُنبشه، وهو من فصيلة الطيّور التي تمتاز بلون ريشها الغامق المائل للسّواد، الذي تشاءم العرب منه وانقبضوا للونه، وقد تمّ ذكره في قصة قابيل وهابيل ابني آدم -عليه السّلام- حيث قام قابيل بقتل هابيل بسبب الغيرة الشّديدة؛ ليكون أوّل من ارتكب جريمة قتلٍ في العالم كافّة، فلم يدرِ قابيل كيف يُواري جثّة أخيه، فبعث الله-تعالى- غُرابيْن يقتتلان، فقُتل أحدهما، وقام الآخر بحفر حفرةٍ بمنقاره، ودفن أخيه المقتول، فكان هذا درسًا لقابيل، حيث قام مُتأثرًا ونادمًا على ما فعل، فدفن أخيه مُتحسّرًا في التّراب[2]
• طائر السّلوى: هو طائر يُشبه السّمانيّ، و قيل هو السّمانيّ نفسه، وهو من الأمور التي أرسلها الله-تعالى- على بني إسرائيل في عهد موسى-عليه السّلام- وهما المنّ والسّلوى[3] حيث قال الله-تعالى- فيه “وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ”[4] وهو طائر حجمه صغيرٌ، يوجد في بعض مناطق أوربا، وقد يوجد في بريطانيا، وهذا الطّير يُعدّ من طيور الدّجاجيات الذي له المقدرة علي الطيّران والهجرة، حيث يقضى فصل الصيّف في أوربا، وفي فصل الشّتاء يُهاجر إلي أفريقيا.[5]
• الهدهد: هو من الطّيور النّادرة التي لها عُرفٌ مُميّز على رأسها، بلونٍ بنُيٌّ فاتحٌ، مرقطٍ من أطرافه بالرِّيش الأسود، ونصفه الأسفل أسودٌ مرقط ٌبالرّيش الأبيض بشكلٍ مُنظّمٍ وجميل ، ويتميّز بطريقةٍ فريدةٍ في الطّيران، ويتغذى على الحشرات و الدّيدان واليّرقات، فهو يُعدّ من أصدقاء الفلاحين الذي يُنظّف الأرض من الآفات، وسيجيب المقال عن سؤال ما هو الطائر الي يحرم قتله في الحل والحرم.[6]

ما هو الطائر الذي يحرم قتله في الحل والحرم

أجاب الفقهاء عن سؤال ما هو الطائر الذي يحرم قتله في الحل والحرم، فكانت الإجابة هو طائر الهدهد الذي يُعدّ أفضل من الحَمام في استخدامات النّقل والاتصال؛ لأنّه من أسرع الطّيور طيرانًا، والذي يطير لوحده من دون الجماعة في طيرانه؛ لقوة دفاعه عن نفسه، وهو كذلك من الذين لديهم قدرة على تحمل الجوع والعطش، ويمتاز بذكاءه ومكره، وقد تمّ ذِكره في قصة مملكة سبأ في عهد النّبيّ سليمان-عليه السّلام- عندما تفقّد الطّير في مجلسه الذي يعلم كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في مملكته؛ لما أوتيَ من حكمة عظيمة، وقدرةً على فهم لغة الحيوانات.

فقد علِم بأنّ الهدهد غير موجود في مكانه، فبدأ يالسّؤال عنه، بدليل ما قاله الله-تعالى- في كتابه: “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ”[7]وقد كانت إجابة الهدهد توحي بعظيم ما شاهد وما رأى، فقد أحاط بكل ما رأى علمًا وفهمًا، حتى أنّ النّبي سليمان-عليه السّلام- شدّه ما قاله، وهذا ينمّ عن ذكاء الهدهد ومكره، فقد جاء بخبرٍ عظيمٍ وأكيدٍ عن مملكة سبأ التي تحكمهم امرأة، ويعبدون الشّمس من دون الله-تعالى- فقد وصف الهدهد حال المملكة بكلّ ما أوتيَ من قدرةٍ على التّمييز، وبعقلٍ يوحي بالذّكاء.[8]

لماذا نهى الرسول عن صيد الهدهد

إنّ الإجابة عن سؤال ما هو الطائر الذي يحرم قتله في الحل والحرم ، فقد كان طائر الهدهد الذي أحاط بعِلم مملكة سبأ، ووصف حالهم بأدقّ التّفاصيل، وقد نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن قتله أو صيده، حيث قال في رواية يرويها عبدالله بن عباس-رضي الله عنهما- قال: (إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نهى عن قتلِ أربعٍ من الدوابِّ ؛ النملةِ، والنحلةِ، والهدهدِ، والصّردِ)، فالهدهد هو دليل سُليمان- عليه السّلام-الذي لا يضُرّ ولا يُؤْذي، فقد حُرّم قَتله أو صيدِه؛ لأكل لحمه،[9] وهذا قول جمهور أهل العلم، فدليلهم أنّ ما نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن قتله من الحيوانات يُحرم أكل لحمه، إلّا عند المالكية والمختلف عند بعض الحنابلة فقد قالوا بجواز أكل لحمه؛ لأنّه ليس من ذوات المخلب، ولا يأكل الجيف.[10]

وفي الختام إنّ السّؤال الذي طُرِح في أول المقال وهو ما هو الطائر الذي يحرم قتله في الحل والحرم ، فإنّ الإجابة عنه كان طائر الهدهد الذي تمّ ذِكره في سورة النّمل الذي خصه الله-تعالى- بالتّشريف لما قدّمه من دورٍ مُهمٍّ في الإحاطة عن مملكة سبأ وشرككهم بالله تعالى.