اول سورة نزلت كاملة وما هي اخر سورة نزلت كاملة

اول سورة نزلت كاملة هو الموضوع الذي سيطرحه هذا المقال، فقد توقف العلماء عند هذا الموضوع، واختلفوا فيما نزل من أول القرآن وما نزل آخره، فمنهم من صنّف نزول أوائل الآيات، ومنهم من توقف عند نزول أول السّور كاملةً، ولا بدّ من التنويه على ورود بعض الروايات حول أوائل وأواخر ما نزل من القرآن الكريم، وفي هذه المقالة سنتعرف معا على اول سورة نزلت كاملة في القرآن الكريم.[1]

القرآن الكريم

لمعرفة اول سورة نزلت كاملة من القرآن الكريم يجب أن يتمّ التعريف بشكلٍ أكبر إلى كتاب الله عزّ وجلّ، فالقرآن الكريم كتابٌ نزل إلى الأرض قبل أكثر من ألفٍ وأربعمائة سنة، وكان نزوله على أكرم الخلق سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهو كلام الله ووحيه والتشريع الأول للإسلام والمسلمين، يتعبّد به المسلمون بتلاوته، ويهتدون ويتّعظون به، قال تعالى في سورة آل عمران: {هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ}،[2] وكما كان القرآن هدايةً للنّاس وموعظةً لهم، كان منهلًا للعلم وإخبارٍ عن كل شيء، قال تعالى في سورة الزمر: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}،[3] وفيه شفاءٌ للقلب وراحةٌ للبدن والنفس، قال تعالى في سورة الإسراء: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}،[4] فعلى  المسلم الحقّ أن يتمسّك بكتاب الله ولا يفارقه، وأن يمتثل تعاليمه ويتّبع هداه فانه قد أفلح من استمسك به، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَبشِروا، فإنّ هذا القرآنَ طرفُه بيدِ اللهِ، و طرفُه بأيديكم، فتمسَّكوا به، فإنكم لن تَهلِكوا، و لن تَضلُّوا بعده أبدًا”،[5] فما هي أوّل السّور نزولاً في هذا الكتاب الكريم.[6]

اول سورة نزلت كاملة

اختلف أهل العلم في تحديد اول سورة نزلت كاملة في القرآن الكريم، فقد وردت ثلاث رواياتٍ حول تحديد أوّل السور نزولًا، وفيما يأتي سيتمّ ذكر ما جاء في الروايات الثلاث:[7]

• الرواية الأولى: إن اول سورة نزلت كاملة هي سورة الفاتحة لما ورد عن عمرو بن شرحبيل “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسَلَّمَ كانَ إذا برَزَ سَمِعَ منادِيًا ينادي يا مُحمَّدُ فإذا سَمعَ الصَّوتَ انطلَق هارِبًا فقال له ورَقَةُ بنُ نَوفَلٍ إذا سَمِعتَ النِّداءَ فاثبُتْ حتَّى تَسمَعَ ما يقولُ لكَ فلمَّا برزَ سمِعَ النِّداءَ فقالَ لبَّيكَ قال قُلْ أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللَّهِ ثُمَّ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حتَّى فرغَ مِن فاتِحَةِ الكِتابِ”.[8]
• الرواية الثانية: والتي ذكر فيها أهل العلم  أنّ سورة المدّثر هي اول سورة نزلت كاملة من القرآن الكريم، حيث ذكر ذلك ورجحه الحافظ السيوطي في كتاب الإتقان، وقد ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: “سأَلْتُ أبا سلَمةَ: أيُّ القرآنِ أُنزِل أوَّلُ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] قُلْتُ: إنِّي نُبِّئْتُ أنَّ أوَّلَ سورةٍ أُنزِلت مِن القرآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] قال جابرٌ: لا أُحدِّثُك إلَّا ما حدَّثنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: جاوَرْتُ في حراءٍ فلمَّا قضَيْتُ جِواري نزَلْتُ فاستبطَنْتُ الواديَ فنوديتُ فنظَرْتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شِمالي فلم أرَ شيئًا فنوديتُ فنظَرْتُ فوقي فإذا أنا به قاعدٌ على عرشٍ بينَ السَّماءِ والأرضِ فجُئِثْتُ منه فانطلَقْتُ إلى خديجةَ فقُلْتُ دثِّروني دثِّروني وصُبُّوا علَيَّ ماءً باردًا فأُنزِلت علَيَّ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1 – 3]”.[9]

•  الرواية الثالثة: قالوا فيها إنّ اول سورة نزلت كاملة من القران الكريم هي سورة الفاتحة، وأوّل آيةٍ نزلت هي قوله تعالى من سورة العلق: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}،[10] وإنّ أوّل ما نزل من أوامر التبليغ للرّسالة هي المدّثر.

وهذه الروايات الثلاث تجعل المرء يدرك أنّ العلماء حصروا اختلافهم في ثلاث مواضع فقط، وأنّ هذا الخلاف محصورٌ بين السّور الثلاث التي وردت فيما سلف ذكره: العلق، والمدثر، والفاتحة، لكن من المعروف والثابت أن سورة العلق لم تنزل كاملةً، فبقي الخلاف على أوّل السور نزولاً كاملة في كتاب الله محصورٌ ما بين سورتي المدّثر والفاتحة، والغالب أنّها المدثر، والله ورسوله أعلم.

آخر سورة نزلت كاملة

الخوض في الحديث عن اول سورة نزلت كاملة من القرآن الكريم يستوجب ذكر آخر السور نزولًا فيه، وكما اختلف أهل الذكر والعلم في السورة الأولى، اختلفوا في آخر السور نزولًا أيضًا، وقد وردت ثلاث رواياتٍ في ذلك سنوردها تباعًا فيما سيأتي:[11]

• الرواية الأولى: يشير بها أهل العلم إلى سورة النصر، كما ورد عن ابن عباس في الحديث الصحيح: “قالَ لي ابنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ، وَقالَ هَارُونُ: تَدْرِي، آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ القُرْآنِ، نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، قالَ: صَدَقْتَ”.[12]
• الرواية الثانية: فقد ورد فيها سورة براءة أو سورة التوبة، وذلك لما ورد في الحديث الصحيح: “عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ في الكَلَالَةِ} [النساء: 176]”.[13]
•  الرواية الثالثة: قيل فيها أنّها سورة المائدة، وذلك استنادًا لما ورد في الحديث الصحيح ممّا روي عن السيّدة عائشة رضي الله عنها: “دخَلتُ على عائِشةَ فقالت: هل تَقرَأُ سُورةَ المائِدةِ؟ قال: قُلتُ: نَعَمْ. قالت: فإنَّها آخِرُ سُورةٍ نزَلَتْ، فما وجَدتُم فيها مِن حَلالٍ فاستحِلُّوه، وما وجَدتُم فيها مِن حَرامٍ فحَرِّموه. وسألتُها عن خُلُقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالت: القُرآنُ”.[14]

اول سورة نزلت كاملة مقالٌ تطرقنا فيه إلى ماهيّة القرآن الكريم وفضله وقداسته، وبيان أنّ تلاوته عبادة، والتمسك به راحةٌ نفسية وجسدية، وتحدثنا تفصيلًا عمّا ورد في الروايات عن أول السور نزولًا كاملة من القرآن الكريم، وعن آخر سورةٍ نزلت كاملة فيه.