اول من قرأ القران جهرا في مكة

اول من قرأ القران جهرا في مكة

اول من قرأ القران جهرا في مكة هو أحد الصحابة الكرام السباقين إلى الإسلام، من أعلام الأمة الإسلامية وعلمائها، لم يخشى المشركين وأذاهم، وتلقى العذاب وتحمل المشقة في سبيل الدعوة الإسلامية، ورفع كلمة الحق، وسنذكر في هذا المقال من هو الصحابي الذي كان اول من قرأ القران جهرا في مكة، وإسلامه ومكانته وفضله بالإسلام، والعبر المستفادة قصة من جهره بالقرآن الكريم أمام المشركين.

اول من قرأ القران جهرا في مكة

اول من قرأ القران جهرا في مكة بعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد كان كفار قريش يُؤذون المسلمين في مكة أشد أنواع الإيذاء، ويُضايقونهم بمختلف الوسائل ليضيقوا عليهم ويمنعونهم من نشر الدعوة، ويرفضون الاستماع لهم أو الاستماع للقرآن الكريم خوفًا من أن يتأثروا به، فخاف الصحابة من أذاهم ولكن أرادوا جعل الكفار يستمعون له، فاجتمعوا يومًا من أجل التشاور واختيار شخص منهم ليجهر بالقرآن الكريم في مكة، ويُسمعهُ للكافرين، فقالوا: والله ما سَمِعت قُرَيْش هذا القرآنَ يُجْهَرُ لَهَا به قَطّ، فمن رجلٌ يُسْمِعُهم؟ فقال عبد اللّه بن مسعود: أَنَا، فقالوا: إِنا نخشاهم عليك، إِنما نريد رجلًا له عشيرةٌ تمنعه من القوم إِن أَرادوه! فقال: دَعُونِي، فإِن الله سيمنعني، وفي وقت الضحَى جاء إلى المقام، وكفار قريش في أنديتهم، فقام عند المقام، وبدأ يتلو من سورة الرحمن بعلو الصوت، ويُسمع الكافرين، فأخذوا يُؤذونهُ ويضربون وجهه، وهو مستمرٌ بالقراءة، ثم عاد إلى الصحابة فلما رأوا ما فعل الكفار بوجهه قالوا: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أَعداءُ الله قط أَهونَ عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم غَادَيْتُهم بمثلها غدًا؟ قالوا: حَسْبُك، قد أَسمعتهم ما يكرهون، فكان اول من جَهرَ بالقرآن الكريم أمام الكفار في مكة بعد النبي الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- دون أن يخاف أذاهم وما سيلقاهُ من بطشهم.[1]

شاهد أيضًا: من اول من الف في احكام القران

عبد الله بن مسعود

هو عبد الله بن مسعود الهُذلي، يُكنى بأبو عبد الرحمن، ويُلقبه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بابن أم عبد، وهو اول من قرأ القران جهرا في مكة، نال شرف خدمة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في معظم شؤونه، فكان صاحب نعليه وسواكه وطهوره، يُلازمه في أغلب سفره، وينهلُ من هدي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ويتعلم منه، وقد قال فيه حُذيفة: “ما أعرف أحدًا أقرب سمتًا وهديًا ودلًّا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم من ابن أمِّ عبد”، وكان عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- كثير الحكم والمواعظ، له تأثير كبير في سامعيه، من أئمة المسلمين، شديد التحري والدقة فيما يتعلمهُ ويعلمهُ لتلاميذه، حريصًا كل الحرص على فهم القرآن الكريم ومعرفة معانيه، توفي -رضي الله عنه- عن عمرً يقربُ الستين عامًا، في سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، توفي في المدينة المنورة ودُفن في البقيع.[2]

إسلامه

كان من أوائل المسلمين اللذين اعتنقوا الإسلام، فهو سادس شخص يؤمن بالرسول الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- ويؤمن بدعوته، وعن سبب دخوله الإسلام أنه كان يومًا يرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فمر به الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ومعه أبو بكر -رضي الله عنه- ،فقال له: “يا غلامُ! هل معك من لبنٍ، فقلتُ: نعم، ولكني مُؤتَمَنٌ، قال: ائْتِني بشاةٍ لم يَنْزِ عليها الفحلُ، فأتيتُه بعَناقٍ، فاعْتقَلَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثم جعل يمسح الضَّرْعَ ويدعو، حتى أَنزلَتْ، فأتاه أبو بكرٍ رضوانُ اللهِ عليه بشيءٍ، فاحتلَب فيه، ثم قال لأبي بكرٍ: اشرَبْ، فشرب أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه، ثم شرب النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بعده، ثم قال للضَّرْعِ: اقْلُصْ، فقلَص، فعاد كما كان،  قال : ثم أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ! علِّمْني من هذا الكلامِ، أو من هذا القرآنِ، فمسح رأْسي، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: إنك غلامٌ مُعلَّمٌ، قال: فلقد أخذتُ من فيه سبعين سورةً ما نازعَني فيها بشَرٌ”[3]، واستجيبت دعوة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- هذه له، فأصبح من أحفظ الصحابة للقرآن الكريم، وأعلمهم وأفقههم، فيقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- “لقد أخذت من فِيهِ سبعين سورةً ما نازعني فيها بشر”.

مكانته

هو اول من قرأ القران جهرا في مكة وقد حصل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- على مكانة عالية عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إثرَ مرافقته له، وحظي بما لم يحظ به أي أحد آخر من الصحابة بالقرب من الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ودخول بيته، فقد أذن له النبي بالدخول عليه في أي وقت، وقال عنه صلّى الله عليه وسلّم: “لو كنتُ مؤمِّرًا على أمَّتي أحدًا من غيرِ مشورةٍ منهم لأمَّرتُ عليهم ابنَ أمِّ عَبدٍ[4]، وقد كان -رضي الله عنه- نحيفًا قصيرًا دقيق الساقين، وصعد مرةً على شجرة فبانت ساقيه، فضحك الصحابة على شدة نحافته، فقال لهم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على ذلك وقال: “ما تَضحَكونَ؟ لَرِجْلُ عَبدِ اللهِ أثقَلُ في الميزانِ يومَ القيامةِ مِن أُحُدٍ[5].

فضله

كان عبد اله بن مسعود اول من قرأ القران جهرا في مكة وهو سادس شخص دخل الإسلام، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة المنورة، وشهد بدرًا وأحدًا وكافة المشاهد مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وفي غزوة بدر كان هو الذي أجهزَ على أبي جهل، ولازم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دائمًا، وكان يخدمه ويصاحبه وبالأخص في سفره، وروى عنه الكثير من الأحاديثالنبوية الشريفة، كما كان حكيمًا وفقيهًا ومعلمًا، له الكثير من التابعين الذين أخذوا عنه علمًا جمًا، حتى أصبحوا هم علماء الدنيا من بعده.[6]

العبر المستفادة من قصة الجَهر بالقرآن

بعد أن بيّنا أن عبد الله بن مسعود هو اول من قرأ القران جهرا في مكة سننتقل لبيان العبر المستفادة من جهره بالقرآن الكريم، ففي قصة جهر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بالقرآن الكريم أمام مشركي مكة الكثير من العبر والغايات المُستفادة، ومنها نذكر:[7]

  • مهما كان الأذى الذي تعرضَّ له المسلمون على يد المشركين لم يرتدوا عن دينهم أو تضعف همتهم، فابن مسعود -رضي الله عنه- ضُرب وأُوذي من قبلهم ولكن أكمل تلاوة القرآن أمامهم بشجاعة، وكان مستعدًا أن يعود مرة أخرى إليهم ويتلو القرآن أمامهم، وبصبره وشجاعته هو والصحابة الآخرون رضوان الله عليهم استطاعوا نشر الإسلام، وإعلاء راية الحق.
  • كان المشركون على علم بعظمة كتاب الله، ومدى تأثيره في النفوس، لذا كانوا يحرصون على منع المسلمين من الجهر به حتى لا يتبعهم الناس، ويتنشر الإسلام، وتزول سلطتهم.
  • كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يبلغ الصحابة بما أمرهم الله تعالى بالجهر به أو إخفائه من العبادات، وكان -صلّى الله عليه وسلّم- يجهر بصلاته ما استطاع، ويجهر بالقرآن الكريم، وذلك من أمر الله له، وعمد كفار قريش إلى الاستهزاء به، ولكنهم ما استطاعوا منعه.
  • على الرغم من عدم وجود قبيلة لعبد الله بن مسعود تحميه من أذى الكافرين إلّا أنّه آثر الجهر بالقرآن الكريم على حياته.

شاهد أيضًا: اسباب جحود كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم

مرت الدعوة الإسلامية بالكثير من العقبات، وواجهت العديد من الصعوبات، ولكن بوجود الرسول المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- والمسلمين من حوله الذين آمنوا برسالته وبعظمة الدين الذي جاء به، استطاعوا نشر الإسلام وإيصاله لسائر الدول، بصبرهم وثباتهم ووقوفهم في وجه الكافرين، في هذا المقال ذكرنا من هو الصحابي الذي كان اول من قرأ القران جهرا في مكة، وإسلامه ومكانته وفضله بالإسلام، والعبر المستفادة من جهره بالقرآن الكريم أمام المشركين.

المراجع

  1. ^ sahaba.rasoolona.com , أول من جهر بالقرآن بمكة , 11-3-2021
  2. ^ islamweb.net , عبد الله بن مسعود , 11-3-2021
  3. ^ صحيح الموارد , عبد الله بن مسعود، الالباني، 1804، حسن.
  4. ^ الجامع الصغير , علي بن أبي طالب، السيوطي، 7466، صحيح.
  5. ^ تخريج سير أعلام النبلاء , علي، شعيب الأرناؤوط، 1/478، صحيح.
  6. ^ islamstory.com , عبد الله بن مسعود , 11-3-2021
  7. ^ islamweb.net , جرأة في الحق وثبات على الشدائد , 11-3-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *