رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم

رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم

رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شرع صلاة الجماعة، وجعلها تفضل صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة، ومن المعلوم أيضًا أنَّ صلاة الجماعة تحتاج إلى رجلٍ يتقدم المصلين ويصلي بهم، وهو ما يُسمى بالإمام، فمن الأحق في إمامة المصلين؟ ومن الأولى بها عند الأئمة الأربعة؟ وما هي شروط الإمام؟ كلُّ هذه الأسئلة سيتمُّ الإجابة عليها في هذا المقال، وفيما يأتي ذلك:

رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم

إنَّ الأصل في هذا الباب هو حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: “يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فإنْ كَانُوا في القِرَاءَةِ سَوَاءً، فأعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ في بَيْتِهِ علَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بإذْنِهِ”،[1] وبناءً على ذلك فإنَّ أولى الناس بالإمامة هو الأفقه، ثم الأقرأ، ثم الأورع، ثم الأقدم هجرة وولده، ثم الأسن في الإسلام، ثم النسيب، ثم الأحسن سيرة، ثم الأحسنُ ذِكْرًا، ثم الأنظف بدنًا وثوبًا، ثم الأحسن صوتًا، ثم الأحسن صورة، فمتى وجد واحد من هؤلاء قدم، وإن اجتمعوا أو بعضهم رتبوا هكذا، فإن استويا وتشاحا أقرع، وفيما يأتي الحكمة من هذا الترتيب:[2]

  • إنَّ الأفقه يقدم على الأقرأ، لأنَّ الحاجة إلى فقه الصلاة أهم من الحاجة إلى حفظ الكثير من سور القرآن الكريم وآياته.
  • أمَّا تقديم الأنظف بدنًا وثوبًا والأحسن صوتًا ونحوها من الفضائل؛ فلأنَّها تفضي إلى استمالة قلوب المصلين وكثرة جمعهم، وقبولهم لإمامهم وتعظيمهم له، فضلا عن خشوعهم وتأثرهم بقراءته.

شاهد أيضًا: حكم الابتداء بالنافلة إذا أقيمت الصلاة

الأولى بالإمامة عند الأئمة الأربعة

اختلف العلماء في تحديد الأحقيّة بالإمامة، وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراءٍ وأقوالٍ، بيانها فيما يأتي:

  • الأحناف: ذهبوا إلى أنَّ الأعلم بأحكام الفقه أولى من الأقرأ.[3]
  • المالكية: قالوا باستحباب تقديم السُّلطان للإمامة، ثمّ ربّ البيت، والمُستأجِر يُقدَّم على المالك، ثمّ الأعلم بالفقه، فالأعلم بالحديث، فالأعلم بالقراءة، ثمّ الأكثر عبادةً، ثمّ الأكبر سِنّاً، ثمّ صاحب النَّسَب، ثمّ الأفضل خُلُقاً، فلباساً، ويُلجَأ إلى القُرعة إن تَساوى اثنان في الصفات نفسها.[4]
  • الشافعية: الأولى بالإمامة الإمام الراتب، ثمّ الإمام الأعظم، ثمّ نائبه، وإن لم يتحقّق ذلك؛ فالأفقه في أحكام الصلاة، ثمّ الأصحّ قراءةً، ثمّ الأكثر حِفظًا للقرآن، ثمّ الزاهد، ثمّ الأكثر وَرَعًا، فالمهاجر، ثمّ الأسبق بالإسلام، ومن ثمّ صاحب الشرف والنَّسَب، ثمّ حَسَن الذِّكر، فالأنظف، ثمّ الأجمل صوتًا، فالأحسن خُلقًا، فوجهًا، فالأبيض ثوبًا.[5]
  • الحنابلة: الأولى بالإمامة الأقرأ للقرآن، فالأعلم بأمور الفقه، ومن ثمّ الأكبر سنًّا، ثمّ الأشرف مكانةً، ثمّ الأقدم هجرةً.[6]

ما هي شروط الإمام

بعد الإجابة على سؤال “رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم؟” سيتمُّ بيان شروط المتصدر للإمامة، وفيما يأتي ذلك:[7]

  • الإسلام: وبناءً على ذلك فإنَّ الصلاة خلف الكافر لا تصح، وسواء أكان كفره بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، بينما الفاسق، اختلف الفقهاء في الصلاة خلفه على قولين، وفيما يأتي بيان ذلك:
    • عدم جواز إمامة الفاسق، وإلى ذلك ذهب الحنابلة والمالكية.
    • جواز إمامة الفاسق وإلى ذلك ذهب الحنفية والشافعية، وهو أيضًا القول المعتمد عند المالكية، ورواية عند الحنابلة.
  • العقل: وبناءً على ذلك فإنَّ إمامة السكران والمجنون لا تصح؛ حيث أنَّ صلاتهم لأنفسهم غير صحيحة فالأولى أن تكون لغيرهم غير صحيحة.
  • البلوغ: اختلف الفقهاء في إمامة الصبي غير البالغ للبالغ على أقوال، وفيما يأتي تفصيلها:
    • لا تصحُّ إمامة الصبي غير البالغ بالبالغ مطلقًا، وإلى ذلك ذهب الأحناف.
    • لا تصحُّ إمامة الصبي غير البالغ بالبالغ في صلاة الفرض وتصحُّ في صلاة النفل، وهذا مذهب المالكية والحنابلة.
    • تصحُّ إمامة الصبي غير البالغ بالبالغ في صلاة الفرض والنفل، وهذا مذهب الشافعية.
  • الذكورة: حيث اتفق الأئمة الأربعة على عدم جواز إمامة المرأة والخنثى بالرجل، ودليلهم في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأَةً”.[8]
  • القدرة على النطق بالقراءة: حيث أنَّ غير القادر على النطق لا يستطيع الإتيان بأركان الصلاة كقراءة الفاتحة وتكبيرة الإحرام، ولا بالواجبات.
  • السلامة من الأعذار: وقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين، وفيما يأتي بيانها:
    • يُشترط في الإمام أن يكون سالمًا من الأعذار كسلس البول وانفلات الريح، وإلى ذلك ذهب الحنفية والحنابلة، وهو قولٌ عند الشافعية.
    • لا يُشترط في الإمام أن يكون سالمًا من الأعذار المذكورة؛ حيث أنَّه مثل هذه الأعذار معفيٌ عنها في حقِّ صاحبها فيُعفى عنها في حقِّ غيره.
  • نية الإمامة: اختلف الفقهاء في حكم نية الإمام للإمامة على قولين، وفيما يأتي بيانها:
    • تُشترط النية للإمام في الإمامة، وهذا مذهب الحنابلة.
    • لا تُشترط النية للإمام في الإمامة بل هي مستحبة، وهذا مذهب المالكية والشافعية.

شاهد أيضًا: حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة

وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام مقال رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم، والذي تمَّ فيه بيان الأحقُّ بالإمامة حسب ترتيب الشرع الحنيف، مع الدليل من السنة النبيوة المطهرة، كما تمَّ بيان أولى الناس بالإمامة عند الأئمة الأربعة، وفي الختام تمَّ بيان شروط الإمام.

شاهد أيضًا: يؤمر الطفل بالصلاة إذا بلغ سن 

المراجع

  1. ^ صحيح مسلم، مسلم، أبو مسعود عقبة بن عمرو، 673، حديث صحيح
  2. ^ aliftaa.jo , ترتيب الأولى بالإمامة في صلاة الجماعة , 17-3-2021
  3. ^ كتاب الفقه الميسر، عبدالله الطيار، ص391 , https://al-maktaba.org/book/33241/391 , 17-3-2021
  4. ^ كتاب أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك»، أبو بكر الكشناوي، ص246
  5. ^ نهاية الزين، نووي الجاوي، ص131 , https://al-maktaba.org/book/6146/131 , 17-3-2021
  6. ^ كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي، شمس الدين الزركشي، ص80 , https://al-maktaba.org/book/21743/606#p1 , 17-3-2021
  7. ^ كتاب الفقه الميسر، عبدالله الطيار، ص386-390 , https://al-maktaba.org/book/33241/386 , 17-3-2021
  8. ^ صحيح البخاري، البخاري، أبو بكرة نفيع بن الحارث، 4425، حديث صحيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *