رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر

رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فمع دخول شهر رجب يبحث الكثير من المسلمين عن فضائل هذا الشهر وما يتبعه من شهور الخير وخصائصها التي خصّها المولى -سبحانه وتعالى- بها دون غيرها من سائر الشهور، وذلك لتحرّي الخير والفوز بثواب هذ الشهور المباركة، لذا يهتمّ موقع محتويات عبر هذا المقال بتقديم نبذة عن الأشهر الكريمة الثلاثة وذكر الأقوال التي وردت في فضائلها وأهميتها.

رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر

قال أحد السلف : ” رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر ، فمن لم يزرع في رجب ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟! “، وقيل أنّ من ذكر هذه المقولة الجميلة هو أبو بكر البلخي -رحمه الله- وهو أحمد بن محمد بن الحسن أبو بكر البلخي الذهبيّ، وقال بعض أهل العلم أيضًا: “السنة مثل الشجرة و شهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام قطفها والمؤمنون قطافها جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر”، وذلك للإشارة إلى أنّه يجب على المؤمن أن يستعدّ لدخول شهر رمضان المبارك بزرع بذور الإيمان في النفوس منذ رجب، وسقيّتها في شهر شعبان، ليحصد المرء ثمار ما زرعه في رمضان من الأجر والثواب بإذن الله تعالى.[1]

شاهد أيضًا: ما هي الاشهر الحرم وسبب تسميتها بالحرم

فضل شهر رجب

كذلك الخوض في بيان قول رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر يقتضي بيان ما ورد في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة من آيات كريمة وأحاديث شريفة تشير إلى فضائل شهر رجب، حيث لم يرد في هذا الشهر أي تخصيص للعبادات دون غيره من الشهور، قال الإمام ابن حجر رحمه الله: “لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه ، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه.. حديث صحيح يصلح للحجة،وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره”، وقال أيضاً: “وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب ، أو في فضل صيامه ، أو صيام شيء منه صريحة: فهي على قسمين: ضعيفة ، وموضوعة ، ونحن نسوق الضعيفة ، ونشير إلى الموضوعة إشارة مفهمة”، ولكن من فضل شهر رجب أنّه من الشهور الحرم التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم وأكد عليها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الشريف، ومما ورد في ذلك:

• قال الله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.[2]
• عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إنَّ الزمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خلَق اللهُ السماواتِ والأرضَ ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا ، منها أربعةٌ حُرُمٌ ، ثلاثٌ مُتوالياتٌ ، ذو القعدةِ وذو الحجَّةِ والمحرَّمُ ، ورجبُ مُضَرَ بين جُمادَى وشعبانَ“.[3]

شاهد أيضًا: مناسبات شهر رجب عام 1443

فضل شهر شعبان

بعد بيان ماهيّة قول رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر لا بدّ كذلك من ذكر فضل شهر شعبان والآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة الشريفة الواردة في ذلك:[4]

• عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: “يا رسولَ اللَّهِ ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ ؟ ! قالَ : ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ“.[5]
• عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصومُ حتى نقولَ: لا يُفطِرُ، ويُفطِرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، وما رأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استكمَلَ صِيامَ شَهرٍ قَطُّ إلَّا رَمضانَ، وما رأيتُه في شَهرٍ أكثَرَ منه صيامًا في شَعبانَ“.[6]
• كذلك روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ“.[7]

شاهد أيضًا: دعاء شهر شعبان شجرة النبوة

فضل شهر رمضان

أمّا ما ورد في فضل شهر رمضان المبارك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وبعد الخوض في الحديث عن رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر سيتمّ ذكر ما يأتي:[8]

• نزل فيه القرآن الكريم كما قال الله تعالى في سورة البقرة: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ}.[9]
• فيه تفتّح أبواب الجنّة وتغلّق أبواب النار وتصفّد فيه الشياطين، وذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ“.[10]
• اختصّ الله سبحانه وتعالى شهر رمضان من بين شهور السنة بفرض الصيام فيه، وهو من أجلّ العبادات وأعظم الطاعات، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ“.[11]
• جعل الله فيه ليلة القدر وهي ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ“.[12]
• في شهر رمضان يستجيب الله الدعاء ويعتق عباده من النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لِكُلِّ عبدٍ صائِمٍ دعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ عِندَ إفْطارِهِ ، أُعْطِيَها في الدُّنيا ، أوْ ذُخْرٌ لَهُ في الآخِرَةِ“.[13]
• جعل الله فيه أجر العمرة تعدل أجر حجّة، فقد روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: “قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنَ الأنْصَارِ، – سَمَّاهَا ابنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا -: ما مَنَعَكِ أنْ تَحُجِّينَ معنَا؟، قالَتْ: كانَ لَنَا نَاضِحٌ، فَرَكِبَهُ أبو فُلَانٍ وابنُهُ، لِزَوْجِهَا وابْنِهَا، وتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عليه، قالَ: فَإِذَا كانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ، فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ حَجَّةٌ أوْ نَحْوًا ممَّا قالَ“.[14]

شاهد أيضًا: كيف كان يودع الرسول شهر رمضان والأعمال التي يقوم بها في رمضان

رجب كالريح وشعبان كالغيم ورمضان كالمطر مقالٌ فيه تمّ بيان ما ورد في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة وبعض أقوال السلف الصالح عن فضائل شهر رجب وشهر رمضان المبارك وشهر شعبان.