ما اسم الخليفة الراشد الذي استحدث منصب المحتسب
جدول المحتويات
ما اسم الخليفة الراشد الذي استحدث منصب المحتسب ؟ الحسبة في الاسلام هي إزالةُ المنكر إن ظهر فعله، والأمر بالمعروف إن ظهر تركه، وكان نظام الحسبة يمثل نظامًا رقابيًّا متكاملًا مع النظام الاجتماعي والسياسي في المجتمع. والمعروف هو ما أمر الشارعُ بفعله، والمنكَر ما نهى الشارع عنه، ومع التطور الحضاري تظهر السلوكيات والعادات، فتخضع لتحسين الشرع وتقبيحه، دون أن يخضع الشرع لها. [1]
ما اسم الخليفة الراشد الذي استحدث منصب المحتسب
يعد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هو أوَّل مَن وضع نظام الحسبة، وقد كان يستخدم السوط في معاقبة المخالفين، وقد استمرَّت وظيفة الحسبة في العصر الأموي، كما نقلها الأمويون إلى الأندلس، وكانت هذه الوظيفة من أهم الوظائف الشرعية وقتها، إلا أن هذا المصطلح لم تتحدَّد معالِمُه، ليُصبِح عَلمًا على مؤسسة مثل القضاء والشرطة إلا بسبب اهتمامِ العباسيين في العصر العباسي الأوَّل بجعل شريعة الإسلام هي أساس حكمهم، وذلك لمقاومة حركات الزندقة، والناشرين الفساد، وصارَتْ وظيفة المحتَسِب في القرن الرابع للهجرة من الوظائف الثابتة الأركان في كل الدولِ الإسلامية.[1]
وقد تولّى الرسول صلى الله عليه وسلم الحسبة بنفسه، واتبعها من بعده الخلفاء، ثم صارت من ولايات الإسلام، ومن أنظمة الحكم التي جرى عليها الولاة، وقد عيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سعد بن سعيد على سوق مكّة. وتذكر المصادر أنّ الخليفة عمر بن الخطاب ولّى إحدى الصحابيات وهي الشفاء بنت عبد الله العدوية على سوق المدينة، وكانت لها منزلة كبيرة، وقد كان يقدّمها في الرأي، كما تولّت السيدة سمراء بنت نهيك الأسديّة هذا المنصب أيضًا، كذلك كان الخليفة علي -كرم الله وجهه- يمرّ في الأسواق لينهي عن الغش في الكيل والوزن، ويوصي أصحاب السلع بالحق.[1]
صفات المحتسب في الإسلام
أجمل فقهاء المسلمين وفي مقدّمتهم الشيزري الشروط التي يجب توفّرها في المحتسب ومنها:[2]
- أن يكون فقيهًا عالمًا بأحكام الشريعة.
- أن يعمل بما يعلم بأن لا يكون فعله مخالفًا لقوله.
- أن يقصد في قوله وفعله وجه الله تعالى.
- أن يكون مخلصًا في النية، لا يشوبه رياء ولا مراء.
- وأن يكون مواظبًا على سنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
- القيام بالفرائض والواجبات.
- أن يتصف بالرفق، ولين القول، وطلاقة الوجه، والأخلاق الحميدة عند أمره للناس ونهيهم.
- أن يكون عفيفًا عن أموال العباد.
- أن يكون متورّعًا عن قبول الهديّة من أرباب الصناعات، فهي من قبيل الرشوة.
- أن يلزم أعوانه بما التزمه من الشروط.
- أن يكون بالغًا، عاقلاً.
- أن يكون ذا رأي وصرامة في الدين، وعلم بالمنكرات الظاهرة.
- ان يكون من أهل الاجتهاد.
النظام الاداري في عهد عمر بن الخطاب
تميز النظام الإداري في عهد عمر بن الخطاب بأنه كان نظامًا منهجيًا راقيًا، وذلك لاعتمادها على الشريعة الإسلامية بما فيها من جوانب الكمال في السياسة الراشدة، واثبات صلاحيتها لكلِّ زمان ومكانٍ؛ فهي شريعة الله الرَّبَّانيَّة الخالدة، وكان التقسيم الإداري يتضمن:[3]
تقسيم الولايات ومُتابعة الولاة
لما تولَّى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الخلافة، اتَّسَعَتْ الدولةُ الإسلامية، من خلال توسُّع الفُتُوحات؛ فتطلَّب الوضْع الجديدُ وضعَ نظام إداريّ حقيقيّ؛ يُعينُه على إدارة الدَّولة الواسعة، والإشراف على مواردِها، فقسم الدولة إلى ولايات؛ وكان يختار لكلِّ إقليم واليًا، ممن يَتَوَسَّم فيهم الصلاح والقدرة على إدارة شؤون الولاية، والقِيام بالمهام المُلْقاة عليهم. وقد كان مِن مهام الوالي: إمامة الناس، والقضاء بينهم بالحقِّ، وتقْسيم الغنائم والعُشُور، وجَمْع الزكاة والجِزْية والخَرَاج.
القضاء
أنزل الله القرآن على رسوله – صلى الله عليه وسلم – متضمنًا الشرائعَ والأحكام، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يفصل بين الناس، ويطبق الحدود والأحكام، وقد استعان ببعض أصحابه في ذلك، فبعث معاذًا إلى اليمن ليكون قاضيًا ومعلِّمًا، كما بعث عليًّا – رضي الله عنهما. وعندما تولَّى عمر بن الخطاب، واختلط العربُ بسكان البلاد التي فتحوها، وازدادَتِ القضايا في الأمصار تعذَّر على الخليفة النظرُ فيها كلها، ومثله الولاة، فعمل عمر على فصل القضاء عن الولاية، وعيّب القضاة في البلاد المفتوحة، فولَّى أبا الدرداء قضاءَ المدينة، وشريحًا الكندي قضاء الكوفة، وغيرهم.
الحسبة
هناك إشارات التاريخية على أن الحِسبة نشأتْ منذ عهْد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقد مارسها بنفسه، وكان يفوَّضها أحيانًا إلى غيره، وتبعه في ذلك الخلفاء الراشدون، ثم أصبحت بعد ذلك من الولايات الدينية، ويرى بعضُ المؤرخين أنها نشأت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، فقد وضع أُسسَها، كما كان يقوم بها بنفسه، ثم أوكلها إلى رجل أطلق عليه لقب “المحتسب”.
تدوين الدواوين
لما قدم أبو هريرة من البحرين ومعه خمسمائة ألف درهم، خطب عمر بالناسَ، وقال : “إنه قد جاء مال كثير، فإن شئتم أن نكيل لكم كِلْنا، وإن شئتم أن نعدَّ لكم عَدَدْنا، وإن شئتم أن نزن لكم وزنَّا لكم”، فقال رجل من القوم: “يا أمير المؤمنين، دوِّن للناس دواوينَ يُعطون عليها، فدوَّن عمر الديوان”. ومن المعلوم أن عهْد عمر عهد الفُتُوحات، وفيه كوَّن الجيوش، ليفتح العراق وفارس والشام ومصر، ولضمان سير الجيوش، وحرصًا على تجهيزها؛ أنشأ ديوانَ الجند، الذي كان يسجَّل فيه أسماء المقاتلين، ووجهتهم، وأعطياتهم وأرزاقهم.
بينا فيما سبق ما اسم الخليفة الراشد الذي استحدث منصب المحتسب وجعله من الوظائف في المجتمع الإسلامي، وهذا الخليفة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي تميز عهده بكثرة الفتوحات الإسلامية، وتنوع المسلمين من الأمصار المختلفة واختلاطهم بالعرب فكان لا بد من استحداث هذا المنصب.