ما حكم الاستهزاء بالدين

ما حكم الاستهزاء بالدين

ما حكم الاستهزاء بالدين هو الموضوع الّذي سيتناوله هذا المقال، فالدّين مفرد كلمة الأديان ومعناه في اللّغة الطّاعة والانقياد، ومعنى الدّين اصطلاحاً ما يعتنقه الإنسان ويؤمن به ويدين به من أمور الغيب والشّهادة، وقد كان الدّين عند جميع المرسلين هو دين التّوحيد والعبوديّة لله تعالى وحده، ولمّا جاء الإسلام كان الدّين عند الله الإسلام فلا يُقبَل من النّاس غير الإسلام ديناً.[1]

الدين الإسلامي

أنزل الله سبحانه وتعالى الوحي على رسله بالحقّ وأمرهم جميعاً إبلاغ رسالته والدّعوة إلى عبادته، فأمروا أقوامهم بضرورة توحيده وعدم الإشراك به أحداً من خلقه، فكان الدّين عند الأنبياء والرّسل أجمعين هو الإسلام وهو دين التّوحيد لكن باختلاف الشّريعة والأحكام بينهم، وبنزول الوحي على سيّد الخلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نسخ الأديان الّتي سبقته كلّها، وصار من الواجب اتّباعه واتّباع دين الإسلام الّذي جاء به، فحتّى الأنبياء والرّسل صدّقوا بما جاء به سيّد الخلق، وقد نزل القرآن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفيه تعاليم الإسلام الواجب اتّباعها والتّصديق بها، وكان القرآن من المعجزات الباقية حيث حفظ الله القرآن من التّبديل والتّزوير والتّحريف، ولقد استهزأ الّذين كفروا قبلاً بالأديان كلّها فما حكم الاستهزاء بالدين.[2]

ما حكم الاستهزاء بالدين

نزلت الرّسالة على رسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم وكان مكلّفاً بإبلاغها و تبليغها للنّاس أجمعين، فحمل صلّى الله عليه وسلّم تلك الأمانة و بلّغ تعاليم الإسلام وأخذ يدعوا النّاس لاتّباع ما نزل من عند الله جلّ وعلا، قد حمل الإسلام تعاليم عظيمةً حرصت تعاليمه على تنمية الصّلات الإنسانيّة وتقوية الرّوابط الاجتماعيّة، حتّى جعلت المسلم أخو المسلم وجعلت تعاليم الإسلام النّاس سواسية وأعطت كلّ فردٍ حقوقه وواجباته على أكمل وجه، ولكن مع الأسف الشّديد أنّ بعض مريضي وضعاف النّفوس استهزئوا بالدّين وتعاليمه فما حكم الاستهزاء بالدين، الاستهزاء وهو السّخرية والاستخفاف للتّسلية وغيره من الأمور، فقد ورد عن أهل العلم تفصيلاً لذلك فمنه ما هو كفرٌ أكبر يُخرِج من الملّة ومنه ما هو فسقٌ ومنه ما يحتمل الوجهين:[3]

  • فأمّا الاستهزاء بالدين الّذي اتّفق العلماء على أنّه كفرٌ مخرِجٌ من الملّة والعياذ بالله، هو كلّ استهزاءٍ بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم أو استهزاءٌ بالقرآن الكريم، فلقد أجمع أهل العلم على أنّ أيّ استهزاءٍ يطال الذّات الإلهيّة أو شخص النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو آيات المصحف فهو كفرٌ مخرِجٌ من الملّة و لو كان ذلك مزاحاً والعياذ بالله، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}،[4] فعلى البشر جميعاً عدم الاستهزاء بالله سبحانه وتعالى ولا بكتابه الكريم ولا برسوله صلّى الله عليه وسلّم لأنّ ذلك كفراً باتّفاق العلماء.
  • أمّا ما يكون من من الاستهزاء على ذات شخصٍ ما وفعله الدّنيويّ المجرّد فهو كما ورد عن أهل العلم فسقٌ ووجب التّوبة عنه والنّأي عن فعله، فلقد نهى الإسلام عن السّخرية من النّاس لأيّ سببٍ كان، وأمّا الاستهزاء الّذي يحتمل كونه كفراً أو فسقاً فهو الاستهزاء بالمسلم لتديّنه  أو لشكله ومنظره الّذي يوافق الإسلام والسّنّة كاللّحية أوتقصير الثوب، أو الاستهزاء بفعلٍ قام به من الدّين كالصّلاة وقراءة القرآن فقد ورد عن أهل العلم في ذلك أنّه إن كان الاستهزاء لذات الشّرع ولما أمر به الإسلام فذلك كفرٌ، وإن كان الاستهزاء لذات المسلم لشخصه كأن يكون ليس أهلاً ليظهر على أنّه متديّن فذلك فسقٌ ولا يجوز الاستهزاء بأحد.

التوبة من الاستهزاء بالدين

قد حرّم الإسلام السّخرية من الدّين و تعاليمه و السّخرية من الله تعالى و آياته أو السّخرية من رسوله صلّى الله عليه و سلّم، و ذكر ما حكم الاستهزاء بالدّين فممّا لا شكّ فيه أنّ الاستهزاء بالدّين أو السّخرية ممّا جاء به هو كفرٌ مخرجٌ من الملّة، فمن حضر مجلساً تمّ الاستهزاء فيه من الدّين عليه أن ينكر ذلك فإن لم يفعل فعليه أن يخرج من ذاك المجلس وإلّا فقد كان شريكاً في الإثم، فما سبيل التّوبة من الاستهزاء بالدين و كيف يتم ذلك، ذكر أهل العلم أنّ المستهزء بالدّين فقد كفر و خرج من الملّة و عليه فتوبته تكون كتوبة المرتدّ عن دينه، فيتوب عن ردته ويجدّد إسلامه وكأنّه يدخل الإسلام دخولاً جديداً، و عليه أن يتوب توبةً نصوحاً عن العودة لمثل هذا الفعل الشّنيع فلا يقع في الكفر مرّة أخرى و العياذ بالله.[5]

حكم الضحك من كلام فيه استهزاء بالدين

إنّ الدّين عند الله الإسلام وهو الدّين الّذي نزل على سيّد الخلق صلّى الله عليه و سلّم، و قد ذكر أهل العلم ما حكم الاستهزاء بالدّين و تعاليمه أو الاستهزاء بالله  تعالى أو رسوله الكريم وهو الكفر المخرج عن الملّة بإجماع العلماء، و قد يتسائل النّاس إذا كان حكم الاستهزاء بالدّين هو الكفر فما حكم الضحك من كلام فيه استهزاء بالدين، فوجود المسلم في مكانٍ يتمّ فيه الاستهزاء من الدّين يجب عليه أن ينكر ذلك وإن لم يفعل لزم عليه مغادرة المكان أو المجلس وإلّا كان شريكاً في هذا الإثم العظيم، أمّا حكم الضحك من كلام فيه استهزاء بالدّين فإن كان عن رضاً وقبولٍ للمنكر فصاحبه شريك في الإثم و يوقع هذا الأمر في الكفر و العياذ بالله، أمّا إن غلبت عليه نفسه فتبّسم رغم كراهته للاستهزاء ولم يكن تبسّمه عن رضاً لما يقال فالضّحك ليس كفراً لكنّه معصيةٌ و مخالفةٌ لما ورد عن وجوب مغادرة المكان.[6]

أمثلة على الاستهزاء بالدين

إنّ حكم الاستهزاء بالدين كفرٌ و يخرج من الملّة بإجماع العلماء، فلا يجوز للمسلم أن يستهزئ بالدّين أو أن يشارك بالاستهزاء بالدّين أو يضحك على ذلك، وإنّ من يفعل ذلك وجبت عليه توبة المرتدّ عن دينه وعليه تجديد إسلامه بعد كفره كما ورد عن أهل العلم، إنّ الكفّار و المشركين كانوا أوّل من استهزأ بالدّين وفي ذلك أمثلةٌ كثيرةٌ منها ما روي عن أُبيّ بن خلف أنّه جاء إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم وفي يده رميمٌ يفتّته ويذريه في الهواء، وهو يقول مستهزئاً: يا محمّد أتزعم أنّ الله يبعث هذا؟ فقال: “نعم يميتك ثم يبعثك، ثم يحشرك في النار” و بذلك أُبيّ ابن خلف يستهزئ بشكلٍ مباشرٍ من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم و بما جاء به، فما كان له من الجزاء إلّا أشدّ العقاب وسيحشر في جهنّم جزاءً لما عمل.

ومن أمثلة الاستهزاء بالدّين ما روي عن أَبي داوود السجستاني أنّه كان يمشي مع طلّابه فرآهم رجلاً  فسخر منهم وقال ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها و بقوله هذا يستهزئ بحديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عندما قال:” إنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ”،[7] و قد قيل أنّ ذلك الرّجل لم يبرح موضعه حتى جفّت رجلاه و سقط  و مات، فالأمثلة عن الاستهزاء بالدّين كثيرة و أخطرها ما يحدث في عصرنا من استهزاءٍ و سخريةٍ من اللّحية و بمن يعفيها و السّخرية من علماء المسلمين، و الأعظم من ذلك كلّه ما يحصل في الغرب من استهزاءٍ بالرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم.[8]

ما حكم الاستهزاء بالدين هو الموضوع الذي تناوله هذا المقال، حيث تحدّث المقال عن الدين الإسلامي و ذكر ما حكم الاستهزاء بالدين، و تحدّث عن التوبة من الاستهزاء بالدين و بيّن حكم الضحك من كلام فيه استهزاء بالدين، وذكر امثة على الاستهزاء بالدين.

المراجع

  1. ^ dorar.net , تعريف الأديان لغة واصطلاحا , 21/11/2020
  2. ^ islamweb.net , الأدلة على أن الإسلام هو الدين الحق , 21/11/2020
  3. ^ islamqa.info , حكم الاستهزاء بالدين وأهله , 21/11/2020
  4. ^ سورة التوبة , الآية 65
  5. ^ islamqa.info , الاستهزاء بالدين والتوبة منه , 21/11/2020
  6. ^ alukah.net , الجلوس والضحك مع المستهزئين بالدين , 21/11/2020
  7. ^ صحيح الترغيب , الألباني/ أبو الدرداء/70/حسن لغيره
  8. ^ kalemtayeb.com , " نماذج من الاستهزاء " , 21/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *