ما حكم الجلوس بين السجدتين وما حكم الدعاء بين السجدتين

ما حكم الجلوس بين السجدتين

ما حكم الجلوس بين السجدتين ؟ تتكون الصلاة التي يصليها المسلم من أركان وأبعاض وسنن، حيث أن الأركان واجبة في الصلاة، ومن ترك ركن منها لا يعتد بصلاته، أما الأبعاض فليست واجبة، إلا أنها تشبه الأركان في أنها تجبر بسجود السهو، وأما السنن فيثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، لكن لا بد للمسلم أن يفعلها حتى ينال الأجر العظيم من الله تعالى، ويكون متبعًا لهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن لم يفعلها عامدًا أو ناسيًا لا يصلي لها سهوًا.

ما حكم الجلوس بين السجدتين

الجلوس بين السجدتين ركن من أركان الصلاة وهو واجب؛ والدليل على ذلك حديث المسيء صلاته، فقد وردفي الحديث النبوي الشريف: “رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ في نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عليه، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وعَلَيْكَ السَّلَامُ، ارْجِعْ فَصَلِّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ، فَقالَ: وعَلَيْكَ السَّلَامُ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَقالَ في الثَّانِيَةِ، أوْ في الَّتي بَعْدَهَا: عَلِّمْنِي يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ: إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فأسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا وقالَ أبو أُسَامَةَ، في الأخِيرِ: حتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا”. [1]

وبناء على ذلك؛ فإن الجلوس بين السجدتين واجب، حيث أنه تبطل الصلاة بتركه، كما لا يشمله الأمر بمتابعة الإمام، وقد كان في معنى كلام الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم؛ إن متابعة الإمام محلها الوجوب في الأفعال الظاهرة، وأكمل حتى قال: ووجوب المتابعة ليس شيئًا منها شرطاً في صحة القدوة إلا تكبيرة الإحرام، فلا تصح صلاة المأموم إن ترك الجلوس بين السجدتين حتى إن تابع فيها الإمام. [2]

كيفية الجلوس بين السجدتين

وتتمثل كيفية الجلوس بين السجدتين أن يفرش المصلي رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب الرجل اليمنى ويثني أصابعها باتجاه القبلة وهو القول الراجح والله أعلم، وقد قال ابن القيم: ” ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الموقع جلسة غير هذه ، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإن الجلسة بين السجدتين، والطمأنينة لها واجبان وهما ركنان من أركان الصلا ، وهذا ما صرح به الحنابلة. [3]

الطمأنينة بين السجدتين

وعلى المسلم عند الجلوس بين السجدتين أن يطمئن فيه، وحد الطمأنينة أن يسكن المصلي في جلسته أدنى سكون معتبر، وقد أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له : “ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا”، فبان أن المطلوب من الجلوس بين السجدتين؛ أن يعتدل فيها، ويطمئن وأن يسكن في اعتداله أيضًا. فإن لم يعتدل الاعتدال الواجب، وبقي إلى السجود أقرب منه إلى الجلوس، فقد صرح العلماء ببطلان صلاته، وقد قال الرملي رحمه الله تعالى: ” مَتَى انْحَنَى حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِتَلَاعُبِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّجُودِ “. [4] والله أعلم. [5]

حكم الدعاء بين السجدتين

الدعاء بين السجدتين من السنن التي ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في ذلك عدة أحاديث نبوية شريفة، منها ما ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: ” اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني واجبُرني واهدِني وارزُقني”. [6] وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله: أقل ما يقال: “رب اغفر لي” لما ورد عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َكَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ : “رَبِّ اغْفِرْ لِي ، رَبِّ اغْفِرْ لِي”.[7]

وقد اختلف العلماء في حكم هذا الدعاء، فذهب الجمهور إلى أنه مستحب وليس من واجبات الصلاة، وذهب الحنابلة إلى أن الدعاء هذا واجب بسبب مواظبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الدعاء بين السجدتين؛ ولأن أفعال الصلاة كلها لا تخلو من ذكر الله، وسائر الأذكار واجبة، فكان حكم الذكر بين السجدتين مثل حكمها، وأن الواجب منه قول: “رب اغفر لي” مرة واحدة، ثم أن الزيادة مستحبة . وما ذهب له الجمهور من الاستحباب قوي؛ بسبب عدم وجود دليل صريح على الوجوب، وهذا اختيار بعض الحنابلة أيضاً. ثم قال الحافظ ابن رجب : “وحكم هذا الذكر بين السجدتين عند أكثر أصحاب أحمد حكم التسبيح في الركوع والسجود، وأنه واجب تبطل الصلاة بتركه عمداً، ويسجد لسهوه”.[8]

بينّا لكم فيما سبق ما حكم الجلوس بين السجدتين في الصلاة، وهو الوجوب لأنه ركن من أركان الصلاة، ومن تركه لا يعتد بصلاته، كما ينبغي على المصلي أن يطمئن في جلوسه، وأن يدعو الله سبحانه ويقول: “رب اغفر لي”.

المراجع

  1. ^ صحيح البخاري , أبو هريرة، البخاري، 6251، صحيح
  2. ^ islamweb.net , حكم ترك الجلوس بين السجدتين , 13/11/2020
  3. ^ alukah.net , الجلوس بين السجدتين وأحكامه , 13/11/2020
  4. ^ نهاية المحتاج , (2/48)
  5. ^ islamqa.info , الجلوس بين السجدتين، وصفته , 13/11/2020
  6. ^ صحيح الترمذي , عبدالله بن عباس، الألباني، 284، صحيح
  7. ^ شرح ابن ماجة , حذيفة بن اليمان، علاء الدين مغلطاي، 3/490، إسناده صحيح
  8. ^ islamqa.info , حكم الدعاء بين السجدتين , 13/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *