ما حكم انكار القدر مع الاستدلال

ما حكم انكار القدر مع الاستدلال

ما حكم انكار القدر مع الاستدلال هو أحد الأسئلة التي لابدّ من توضيح إجابتها، ومعرفة رأي الشرع الإسلامي فيها، لكن قبل الإجابة عن هذا السؤال سنقوم بالتعريف بمعنى القضاء والقدر فهو أحد أركان الإيمان الأساسية، ومن خلال سطور هذا المقال سنتعرَّف على حكم انكار القدر مع الاستدلال على ذلك، كما سنذكر مراتب القضاء والقدر، بالإضافة للتعريف بما هو حكم من يسبَّ القدر أو من يشتمه.

معنى القضاء والقدر

القدر هو معرفة الله تعالى وعلمه بما سيحدث لكل مخلوقاته في المستقبل، والقضاء هو وقوع الأشياء وحدوثها وفقًا لمعرفة الله تعالى وإرادته، وإنَّ كل ما حدث وسيحدث في الكون يجري بعلم الله تعالى ووفقًا لمشيئته، والإيمان بقضاء الله تعالى وقدره يستوجب الإيمان به بخيره وشره، والتسليم والرضا بقضاء الله وقدره، وعدم الاعتراض عليه، وهو أحد أركان الإيمان الأساسية التي عرَّف بها النبي الكريم -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما سأله جبريل عنها، وذلك من خلال قوله: ” أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ”[1]، مع التأكيد على أنَّ الإيمان بالقدر لا يُنافي أو يناقض التوكل على الله تعالى والأخذ بالأسباب.[2]

ما حكم انكار القدر مع الاستدلال

إنَّ حكم انكار القدر هو غير جائز وهو يجعل إيمان الإنسان غير كامل وناقص، كما يُعدُّ إنكار القدر ورفض الإيمان به منافيًا للإيمان، ويُمكننا الاستدلال على ذلك من خلال قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يؤمنُ عبدٌ حتى يؤمنَ بأربعٍ: يشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأني رسولُ اللهِ، بعثني بالحقِّ، ويؤمنُ بالموتِ، ويؤمنُ بالبعثِ بعدَ الموتِ، ويؤمنُ بالقدرِ خيرِه وشرِّه”[3]، حيث اشترط رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليكون المرء مؤمنًا أن يُؤمن بالقدر بما فيه من خير وشر، وكذلك حين قيل لعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن أُناسٍ يزعمون ألّا وجود للقدر قال: ” فإذا لَقيتَ أُولئكَ فأخبِرْهُمْ أنَّي بَريءٌ منهم، وأنَّهم بُرَآءُ مِنِّي؛ والَّذي يَحْلِفُ بهِ عبدُ الله بنُ عُمَرَ”، وبهذا نجد أنَّ إنكار القضاء والقدر من الذنوب التي تُخل بعقيدة الإنسان، والتي رفضها الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته الكرام أشدَّ الرفض، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: الايه التي حث الرسول على قرائتها وتشتمل على اركان الايمان

مراتب الإيمان بالقضاء والقدر

لا يمكن أن يتمَّ ويكتمل إيمان المرء دون أن يُقر ويؤمن بقضاء الله وقدره بخيره وشره وحلوه ومره، وللإيمان بالقضاء والقدر عدَّة مراتب توضِّح كيف يكون الإيمان بالقدر، ويتوجب الإيمان بها جميعًا، وهذه المراتب هي كالتالي:[5]

  • العلم: وهي الإيمان بأنَّ الله تعالى يعلم كل ما قام به الخلق من قبل أن يقوموا به.
  • الكتابة: وهي الإيمان بأنَّ كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ.
  • المشيئة: وهي الإيمان بأنَّ كل ما حصل ويحصل في الكون يتم بمشيئة الله سبحانه وتعالى، ولا يُحدث أي شيء بما يُخالف إرادته.
  • الخلق والتكوين: وهي الإيمان بأنَّ الله عز وجل هو خالق كل المخلوقات، بما في ذلك تصرفات البشر وأفعالهم.

ما حكم من يسب ويشتم القدر

إنَّ سب القدر أو شتمه أو الإساءة إليه غير جائز ويتنافى مع الإيمان به، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي: “يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ يقولُ: يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فلا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فإنِّي أنا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ ونَهارَهُ، فإذا شِئْتُ قَبَضْتُهُما”[6]، لذا لا يجوز على المرء أن يسب القدر أو الدهر، أو ينسب لهما المصائب، فالله عز وجل هو المتحكم بالأقدار، وهو الذي يسيِّر أمور الكون بإرادته، ويجري الدهر بأمره ومشيئته، لذا يجب على المرء أن ينتبه إلى أقواله لكي لا يقول كلامًا يُسيء به إلى الله عز وجلّ دون أن يقصد، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: من أنكر ركناً من أركان الإيمان فإنه

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي بيَّن ما حكم انكار القدر مع الاستدلال، كما عرَّف بمعنى القضاء والقدر، وذكر مراتب الإيمان بالقضاء والقدر، بالإضافة إلى بيان حكم من يسب القضاء والقدر أو يشتمه.

المراجع

  1. ^ صحيح مسلم , عمر بن الخطاب، مسلم، 8، صحيح.
  2. ^ islamstory.com , الإيمان بالقدر.. راحة وطمأنينة , 07/09/2021
  3. ^ صحيح الجامع , علي بن أبي طالب، الألباني، 7584، صحيح.
  4. ^ islamweb.net , الإيمان بالقدر أدلته ومعناه , 07/09/2021
  5. ^ islamweb.net , مراتب الإيمان بالقدر , 07/09/2021
  6. ^ صحيح مسلم , أبو هريرة، مسلم، 2246، صحيح.
  7. ^ binbaz.org.sa , ما حكم من يسب ويشتم القدر , 07/09/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *