ما معنى حد الغيله في الشرع

ما معنى حد الغيله في الشرع

ما معنى حد الغيله في الشرع وما هو الغيلة، هذا المصطلح يعدُّ من الأسئلة الشّائعة التي كثر السُّؤال عنه مؤخّرًا، ومن أجل ذلك أفردنا هذا المقال للحديث عن مصطله قتل الغيلة، بالإضافة للحديث عن حدِّ هذا النّوع من القتل، وذلك بعد أن جاء الإسلام ليحفظ للإنسن دمه وماله وعرضه.

ما معنى حد الغيله في الشرع

معنى حد الغيلة في الشرع هي العقوبة التي قدّرها الشرع والتي وجبت كحقّ من حقوق الله سبحانه وتعالى من أجل صيانة الحياة البشرية والحفاظ على المجتمع، وقتل الغيلة هو كبيرةٌ من الكبائر وذلك لأنّه نوعٌ من أنواع القتل العمد والذي يكون بشكل عدوانيّ مبني على الغدر والخيانة، فمرتكب جريمة قتل الغيلة يرتكبها على وجه الحيلة والخداع وذلك حينما يأمن المقتول جانب القاتل، فمثلًا قد يخدع القاتل إنساناً ما ويأخذه إلى مكان لا يراه فيه أحد ومن ثم يقتله لسبب ما، فهذا من القتل الغيلة الذي يُقتل فاعله حدًّا من الله -سبحانه وتعالى- لا قصاصًا.[1]

ولقد قال سبحانه تعالى في الحديث عمّن يُفسد في الأرض ف سورة المائدة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،[2] وحد الغيلة يؤخذ من القاتل سواءً كان مسلم أم غير مسلم، فقد روى أنس بن مالك عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام: ” أنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جارِيَةٍ بيْنَ حَجَرَيْنِ، قيلَ مَن فَعَلَ هذا بكِ، أفُلانٌ، أفُلانٌ؟ حتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فأوْمَأَتْ برَأْسِها، فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ، فاعْتَرَفَ، فأمَرَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بيْنَ حَجَرَيْنِ”.[3]

شاهد أيضًا: ما هو القتل حد الغيلة

ما هو حد الغيلة؟

لقد جاءت الأحكام الشرعية صالحةً لكل زمان ومكان، ومرج تلك الأحكام إنمّا هو كتاب الله -سبحانه وتعالى- وسنة نبيه عليه الصّلاة والسّلام، والحدود هي من الأحكام الشّرعيّة التي أنزلها الله تعالى، والقتل هي من أعظم الذّنوب وأكبرها فقد قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، ويعظم الجرم ويكون التّحريم أشد عندما يكون الشخص يأمن لصاحبه ويثق به فيقوم القاتل بخداعه وبقتله غيلة وغدرًا.[4]

وقد اختلفت العقوبة في القتل الغيلة، فهناك من يرى أنّه حقٌّ خالصٌ لله -سبحانه وتعالى- ولهذا يجبَ إقامة الحدّ فيه، وفي حين أن البعض يرى هذا الأمر هو حقٌّ للآدمي فيجب فيه القصاص ويمكنه العفو، وسيرد فيما يأتي تفصيلًا لأقوال أهل المذاهب الأربعة:[4]

  • المالكية: لقد قال المالكية بأن حد الغيلة يعدُّ كحد الحرابة؛ فهو  إذًا حق لله سبحانه وتعالى، ويجب أن يقتل مرتكب هذه الجريمة حدًا لا قصاصًا كما عند بقية المذاهب؛ وذلك لأنّها مفسدة واقعة على المجتمع بأجمعه، فلا يوجد فيها قصاص أو عفو.
  • الشافعية: قال جمهور العلماء  والشّافعيّة أحدهم أن حد الغِيلة كحد القتل العمد فهو حق للعبد، ويأخذ أحكام القصاص فيمكن القتل ويمكن الدِّية.
  • الحنابلة: من بين جمهور العلماء الذين تحدّثوا عن حد الغفلة هم الحنابلة، والذين قالوا بأنَّ الغيلة تعدُّ من القتل العمد ويحكم بها بالقصاص الذي يحكم به بالقتل العمد؛ وذلك لأنّها حقٌّ من حقوق العباد.
  • الحنفية: قالوا بأن الحد غيلة حق للعبد وفيه قصاص ودية كالقتل العمد.

شاهد أيضًا: ما هو حد الغيلة في الاسلام وكيف ينفذ

هل يجوز العفو عن القاتل غيلة

لقد جاء في قتل الغِيلة العديد من الخلافات بين العلماء، ومن بين تلك الخلافات هو مسألة العفو عن القاتل غيلة، وهي إحدى المسائل الشّائكة وذلك لأنَّه عدّ القتل غيلة من الضّرر الذي يتعدى من الأسرة إلى المجتمع،ومن آراء الفقهاء الواردة في هذه المسألة ما يأتي:[4]

  • الحنفية والحنابلة والشافعية: فقد ذهب هؤلاء الفقهاء إلى أنَّه يجوز العفو عن القاتل غيلة هذا إنْ أراد أولياء أمر المقتول هذا الأمر؛ وذلك لأنّهم عَدُّوا قتل الغِيلة كالقتل العمد فيمكن الأخذ بالقصاص.
  • المالكية: فلم يجيزوا العفو عن القاتل غيلة لا لأولياء المقتول ولا للسلطان؛ وذلك لما في هذا الأمر من الفساد في الأرض وانتفاء الأمان، بالإضافة إلى زعزعة الاستقرار وكأنها تصبح نوع من أنواع الحرابة، وقد استند المالكية برأيهم هذا إلى أنّ النبي -عليه السّلام- قد رفض قبول عذر الحارث بن سويد الذي أقدم على قتل المجذر بن زياد غيلة، وفي هذا قال ابن أبي زيد في الرسالة: “وقتل الغيلة لا عفو فيه ولو كان المقتول كافراً والقاتل مسلماً”.

شاهد أيضًا: كيف ينفذ حد الغيلة

الفرق بين القصاص والغيلة والحرابة

والقصاص و الحدود التي حكم الله -سبحانه وتعالى- بها على عباده، وهي أنْ يُفعَل بالجاني بمثل الفعل الذي فعله بالمجني عليه؛ فمن يقتل يُقتَل ومن يجرح يُجرح وذلك بشرط استيفاء شروط القصاص، فالقصاص إذًا هو العقوبة الدنيوية التي تقع على القاتل، ولكن هنلك فرقٌ ما بين القصاص الذي تحدّثنا عنه، وما بين الفيلة والحرابة، ويتمثّل الفرق بما يأتي:[5]

  • الحد حرابةً:  فالحد هنا لا يَرجع فيه الإمام إلى أولياء القتيل ولا يستأذنهم في إقامة الحد؛ وذلك لأنّ هذا الحد من حق لله سبحانه وتعالى، وفيه صيانة للأنفس والأموال من المفسدين.
  • الحد غيلة: هناك من عدّ القتل الغيلة كالحرابة ومن هنا فلا يجوز فيه القصاص، وإنَّما يجب فيه القتل بحكم السلطان، وإنْ عُدَّ قتل الغيلة كالقتل العمد فعندها يؤخذ القصاص أو الدِّية.
  • الحد بالقتل: وهنا يكون القتل على ثلاثة أشكال القتل العمد والقتل شبه العمد، والقصاص هنا يكون في القتل العمد و من الممكن أن يأخذ أولياء المقتول الدِّية، بدليل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.[6]

أحكام القصاص والديات في الشريعة الإسلامية

لقد جاء في الشّريعة الإسلاميّة من القرآن والسُّنة مجموعة من الأحكام في قضية القصاص والديات، ومن تلك الأحكام ما يأتي:[5]

  • يقتل المسلم الذي ارتكب جريمة في حق أخيه المسلم واعتدى عليه وقام بقتله إذا كان قتل مسلمًا، ويقتل الكافر إذا قتل مسلما أو كافرا وذلك لاعتدائه عليه وإباحة دمه، في حين لا يقتل المسلم إذا قتل كافرًا وخاصّة إذا كان هذا الكافر قد ارتد عن دين الله -سبحانه وتعالى- بعد دخوله فيه؛ وذلك لعدم المكافأة والمساواة في الدين بين الكافر والمسلم.
  • إذا اعتدى الكافر الذمي على الكافر الذمي فيقتل أحدهما بالآخر، وهذا سواءً اتفق دينهما أم اختلف، في حين لا يقتل كافر ذمي بكافر حربي وذلك لأنّه مباح الدم  لا عصمة له أو دية.
  •  يقتل الكافر المستأمن بالكافر المستأمن ؛ وذلك لوجود المساواة بينهما .
  •  يقتل العبد بالحر كما يقتل الحر بالعبد، ويقتل السيد بعبده والعبد بسيده، ويقتل الذكر في حال قتله للأنثى ، وتُقتل الأنثى بالذكر إذا اعتدى كل واحدٍ منهما على الآخر .
  •  تقتل الجماعة بالواحد كما يقتل الواحد بالجماعة وذلك سدًا للذرائع ودفعًا للشّر ومن أجل الحفاظ على دماء النّاس وحقوقهم، وبالنّسبة للدِّيات إن طلب أولياء الدم القصاص فلهم ذلك، ولكن طلب بعضهم الدية، فيعطى أولياء القاتل أهل القتيل الديات من مال الجاني؛ وذلك لأنّ لكل نفس معصومة حق مستقل.

وبعد انتهاء مقال ما معنى حد الغيله في الشرع، تبيّن أنّ هناك من الفقهاء قد عدّ القتل الغيل قتلًا عمد وعندها يجوز القصاص، وهناك من عدّه كالحرابة فعند ذلك لا يجوز القصاص وإنّما يجب إقامة الحد، وتحدثنا عن الفرق بين الغيلو والقصلص والحرابة بالإضافة إلى بعض النقاط الأخر.

المراجع

  1. ^ al-eman.com , .حكم قتل الغِيْلة , 02-06-2021
  2. ^ المائدة , آية 33
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 2413، صحيح
  4. ^ islamweb.net , حكم القتل غيلة , 02-06-2021
  5. ^ al-eman.com , الفرق بين قتل القصاص والحرابة , 02-06-2021
  6. ^ البقرة , آية 178

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *