ما معنى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا

ما معني ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا

ما معنى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ؟ هي من آيات الكتاب الحكيم، فإنّتقوى الله والإقبال عليه والتّقرب إليه سبب من أسباب الفوز بالدّنيا والآخرة، ممّا يعني أنّ الإعراض عن ذكر الله تعالى فإنّه يشقى في كلا الداريْن، ومن الجدير بالذّكر أنّ من تقرّب إلى الله تقرّب الله إليه بمقدار الذّراع، ومن تقرّب إليه ذراعًا تقرّب الله إليه باعًا، وهذا يعني أنّ الله تعالى قريبٌ من العبد، فمن أتاه يمشي أتاه الله هرولة.

ما معنى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا

جاء في تفسير قوله تعالى: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”[1] أنّ الإنسان الذي لم يذكر الله تعالى لم ينل السّعادة في الدّنيا والآخرة، فالمقصود في قوله: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ”، أيْ أنّ الله تعالى لم يستجب للعبد الذي ترك ذكر الله، حيث يتولّى عنه ولم يقبله، فالإنسان الذي لم يتّعظ بربّه يتلقّى الزّجر منه ولا سيّما في الحياة الدّنيا وذلك واضح في تتمّة الآية الكريمة: “فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا”، فالمقصود هنا هو أنّ الإنسان يشقى ويعيش حياته في ضيق وتعاسة، ومعنى ضنكًا في اللّغة هو: المنزل أو المكان الضّيّق، والعيش الضنك يشمل الذّكر والأنثى، واختلف العلماء في الموضع الذي يعيش في الإنسان المُعرض عن ذكر الله هل سيكون ذلك في الدّنيا أم في الآخرة، فمنهم من يرى أنّ المقصود هو العيش الضّيق في الآخرة؛ كإلقاء العذاب على المُعرض بإلقائه في الشّوك والنّار أو طعام الزّقوم والغسلين، حيث قالوا هؤلاء بأنّ الآخرة هُنا هي الموضع المقصود؛ لأنّ العيش الحقيقي والحياة الأبديّة يكونان في الآخرة وليس في الحياة الدّنيا أو حياة القبر، وقال آخرون أنّ الموضع المقصود بالعيش الضّنك هو الدّنيا، والسّبب في ذلك أنّ الحرام كلّما اتّسع في الحياة الدّنيا عاش الإنسان في ضنك أكبر ومشقّة أعظم ليعود إلى الله ويُقبل عليه، ويدور معنى العيش الضّنك في موضع الحياة الدّنيا حول المعاصي؛ كالكسب الخبيث والنّظر إلى المحرّمات والسّرقة والغيبة والنّميمة وغيرها من المعاصي، حيث إنّ الإنسان الذي يسعى للرّزق بطريق مُحرّم لم يُبارك الله في هذا الرّزق، فيجعله يشعر بضيق شديد كلّما أنفق من هذا المال ومهما كان واسعًا، ولا سيّما إن أنفقه بحجّة الصّدقة والقربة، فيكون حينها كاذبًا وخادعًا لنفسه ولأهله، وهذه كلّها تستدعي الضّيق الشّديد والشّقاء المُبرح.[2]

شاهد أيضًا: تفسير يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

إعراب ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا

بعد معرفة ما معني ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا، سنتحدث عن عن إرعاب الآية الكريمة:[3]

  • الواو: معطوفة من الآية السّابقة التي خاطبت آدم وإبليس.
  • من أعرض: من: أداة شرط جازمة، وأعرض: فعل ماضٍ مبني على الفتح، وجملة “ومن أعرض” في محل الجزم المعطوف على عبارة “ومن اتّبع” في الآية السابقة.
  • عن ذكري: عن: حرف جر، ذكري: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة، وهذه العبارة متعلّقة بالفعل “أعرض” أي أنّها في محلّ خبر مرفوع “من”.
  • فإنّ: الفاء متعلّقة بجواب الشرط الواقع في عبارة “ومن أعرض”، وإنّ: أداة توكيد ونصب. له: الجار والمجرور في محل خبر لكلمة “إنّ”.
  • معيشة: إسم إنّ مؤخر منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح. عبارة “فإنّ له معيشة”: في محل جواب الشرط المجزوم المقترن بالفاء.
  • ضنكًا: صفة منصوبة وعلامة نصبها تنوين الفتح الظّاهر على آخرها. ونحشره: الواو هنا معطوفة على “ومن أعرض”، نحشره: فعل مضارع.
  • يوم: ظرف زمان منصوب مبني على الفتح، وهو متعلق بالفعل “نحشره” وهو مضاف.
  • القيامة: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره.
  • أعمى: حال لضمير الغائب “نحشره” منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف.

شاهد أيضًا: تفسير اية وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

الدروس المستفادة من آية ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا

لكلّ آية من آيات القرآن الكريم تفسير وسبب نزول، كما أن لها دروسًا وعبرًا مستفادة، ونذكر بعض الدروس والعبر المستفادة من الآية الكريمة: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”[1]، وهي كالآتي:[4]

  • العمل الصّالح والإيمان بالله وتوحيد ربوبيّته يُبعد الإنسان عن القلق والحيرة والاضطراب الذي يقوده إلى الأمراض النّفسية والعقليّة، ممّا يعني أنّ الإعراض عن ذكر الله يؤثّر على الحياة الصّحيّة.
  • أخبرت هذه الآية قانونًا مهمًّا لتاريخ البشريّة وحاضرها وهي أنّ الالتزام بذكر الله تعالى يقي الإنسان من ضيق الصّدر وشقاء العيش، ويكون ذلك بأداء العبادات واتّباع القرآن ونحوه.
  • التّحذير الوارد في الآية؛ كالعيش الضّنك سواء في الدّنيا والآخرة يجعل الإنسان ينبعث إلى طريق الهدى واجتناب الكبائر خوفًا من تعرضه لتعاسة العيش.
  • البعد عن ذكر الله يؤدّي إلى فساد المجتمع؛ كتعاطي المخدّرات والسّرقة والزّنا وقطّاع الطّرق وشهادة الزّور وغيرها من الأفعال المحرّمة.
  • البركة في الرّزق، ممّا يعني أنّ الإعراض عن ذكر الله سبب من أسباب نوع البركة.
  • إنّ عاقبة سوء الظّن بالله واستخدام الرّزق بالطريق المحرّم يجعل الإنسان يستثمر رزقه بالطّريق الذي أحلّه الله؛ كالتّصدّق على الفقراء والمحتاجين.

وهكذا نكون قد تعرّفنا ما معنى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا، وتعرّفن أيضًا على إعراب الآية الكريمة، وأخيرًا ذكرنا الدروس والعبر والمستفادة من آية ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *