من مؤلفات الجاحظ

من مؤلفات الجاحظ موضوع مهم جدًّا وذلك لأنَّ مؤلفات الجاحظ تُعدُّ من أهم المؤلفات في تاريخ الأدب العربي، فقد أثرى الجاحظ المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات العظيمة في الأدب، وتحديدًا في النقد والشعر والنثر وغير ذلك، ليسجل الجاحظ اسمه كواحد من أهم الأدباء العرب في تاريخ الأدب العربيّ، وفي سطور هذا المقال سنبين من هو الجاحظ ثمَّ سوف نتحدَّث عن مؤلفات الجاحظ ثمَّ سنتحدّث عن إنجازات الجاحظ وأسلوبه ثمَّ شعر الجاحظ وفي النهاية سوف نسلِّط الضوء على وفاة الجاحظ.

من هو الجاحظ

الجاحظ هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني البصري، المولود في سنة 159 هجرية، وهو أحد أهم أدباء العرب في التاريخ، وواحد من عظماء العصر العباسي، وُلد الجاحظ في البصرة جنوب العراق وفيها عاش وفيها توفِّي أيضًا، وقد عُرف الجاحظ بمدح نفسه، حيث قال في رسالته ذات مرَّة: “أنا رجل من بني كنانة، وللخلافة قرابة، ولي فيها شفعة، وهم بعد جنس وعصبة”، أمَّا سبب تسميته بالجاحظ فهو الجحوظ الذي كان واضحًا في عينيه، فكان في حدقيته نتوء بارز، كما أنَّه لُقِّب بالحدقي، والمعروف أنَّ الجاحظ عاش عمرًا طويلًا حتَّى قارب القرن من الزمان.

وهذا العمر الطويل الذي عاشه الجاحظ كان سببًا في كثرة مؤلفاته وكتبه التي تركها وراءه، وقد كتب في علم الكلام وكتب في التاريخ والأدب والسياسة وكتب في النبات والحيوان وكتب في الفلسفة والأخلاق أيضًا، أمَّا ما جاء عن حياته فقد روي عنه أنَّه عاش فقيرًا وكان قبيح الشكل بسبب جحوظ عينيه، وكان قد عُرف بأنَّه شديد المزاح والفكاهة، وهذا ما ظهر جليا في مؤلفاته وكتاباته، وكان الجاحظ قد ولد في خلافة المهدي وهو ثالث خلفاء بني العباس وعاش حتَّى خلافة المهتدي بالله، وكان بهذه المدَّة قد عاصر اثني عشر خليفة من بني العباس، وهم: لمهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله.

أمَّا علم الجاحظ فكان قد أخذه من عدد كبير من علماء اللغة العربية، فقد تعلَّم على يد أبي عبيدة والأصمعي ودرس على يد الأخفش أيضًا وعلى يد إبراهيم بن سيار بن هانئ بن النظام البصري، كما أنَّه استقى من ثقافات أخرى كالثقافات الفارسية واليونانية والهدية، فقرأ الكثير من الأعمال المترجمة من هذه الثقافات، أمَّا وفاته فقد عاش قرابة القرن من الزمان، وتوفي في زمن خلافة المهتدي بالله عام 255 هجرية تاركًا وارءه تراثًا أدبيًا عظيمًا.[1]

من مؤلفات الجاحظ

لقد ألَّف الجاحظ الكثير من المؤلفات المهمة في تاريخ الأدب العربية واللغة العربية بشكل عام، وقد ألف في الأدب والشعر والفلسفة والأخلاق والتاريخ والسياسة وألف في الحيوان والنبات أيضًا، وفيما سيأتي نأخذ أهم مؤلفات الجاحظ مع شرك لهذه المؤلفات:

كتاب البيان والتبيين

يعدُّ كتاب البيان والتبيين من أهم الكتب التي ألفها الجاحظ في حياته كلِّها، كما أنَّه واحدٌ من أهم الكتب في تاريخ الأدب العربي، فهو كتاب في البلاغة والأدب، فيرى الجاحظ أنَّ البيان هو المعنى والتبيين هو إيضاح هذا المعنى، ويتحدَّث هذا الكتاب العظيم عن فلسفة اللغة وعن علوم البلاغة ويتطرَّق إلى الكثير من الأمور الفلسفية ويتحدَّث عن الأديان ومعتقداتها وعن كثير من العقائد الدينية أيضًا، فكان هذا الكتاب مهمًا جدًا في حياة الإنسان وفي تاريخ الأدب والدين بشكل عام.

كتاب الحيوان

ويُعدُّ أيضًا من أهم مؤلفات الجاحظ في حياته، وهو كتاب من كتب الأدب، ذكر فيه الجاحظ كثيرًا من الشعر والأدب، وإلى جانب هذا القسم الأدبي اهتم الجاحظ بطبائع الحيوانات وغرائز الحيوانات وصفاتها كاملة، كما تحدَّث في هذا الكتاب عن أحوال العرب والأعراب وطرق عيشهم وحياتهم، كما تحدَّث عن بعض المسائل الدينية المهمة، فكان كتاب الحيوان للجاحظ كتابًا جامعًا شاملًا، فقد تحدَّث في الأدب والشعر وفيه حديث عن الحيوانات وصفاتها وعن العرب والأعراب وعن المسائل الدينية المختلفة.

كتاب البخلاء

وهو من أعظم وأهم كتب الجاحظ، وضع الجاحظ في هذا الكتاب الكثير من القصص التي تصور البخل في الذين قابلهم في حياته، وقد ركَّز على البخلاء الذين قابلهم في قرية مرو في خراسان، وقد رصد الجاحظ في هذا الكتاب صور البخلاء تصويرًا واقعيًا حسيًا نفسيًا دقيقًا، فشرح نظرات البخلاء وصفاتهم النفسية، وكشف أسرارهم وخفاياهم وأحوالهم بالتفصيل، ولكنَّ الجاحظ لم يسرد عن البخلاء سردًا يُكره القارئ بهم، بل كانت قصص الكتاب هزلية تربوية، استخدم في هذه القصص الحوار والهزل والفكاهة.

كتاب المحاسن والأضداد

وهو أحد كتب الجاحظ التي تحدَّث فيها عن الطبائع الإنسانية، فسلَّط الضوء على محاسنها ومساوئها وركَّز على الصفات الإنسانية المختلفة، ساردًا عنها الكثير من القصص التي تجلِّيها في عين القارئ، وكان لغة هذا الكتاب لغة هادئة بأسلوب سردي قصصي ممتع، وقد تميَّز الجاحظ في هذا الكتاب بأنَّه أتى فيه بأفكار جديدة في عصره، فسار الأدباء في ذلك العصر وفي العصور التي تبعته على نهج الجاحظ واستقوا منه وقلدوا منهجه وأسلوبه، وخاصة في الكتب اللاحقة التي كُتبتْ عن الأشياء وأضدادها على وجه الخصوص.

كتاب التاج في أخلاق الملوك

وهو أحد أهم كتب الجاحظ على الاطلاق، وفي هذا الكتاب يتحدَّث الجاحظ عن الملوك ويسرد فيه الصفات التي يمتمع بها الملوك، كما تحدَّث الجاحظ في هذا الكتاب عن طبائع الملوك وسرد فيه بعض قصص الملوك في بلاد الفرس وبعض قصص الملوك في زمن الخلافة الأموية والخلافة العباسية، كما سلَّط الجاحظ الضوء في هذا الكتاب كيفية التعامل مع الملوك وعلى آداب مجالستهم والحديث معهم في المواقف المختلفة، وفي هذا الفصل ذكر الكثير من القصص التي توضح كيفية التعامل مع الملوك والحديث معهم.

كتاب البرصان والعرجان

وهو كتاب من أهم كتب الجاحظ، جمع فيه الكثير من القصص التي تتحدَّث عن البرصان أي الذين أصابهم البرص وعن العرجان وعن الحولان والعميان، وكانت هذه القصص عن الأدباء والشعراء المشاهير الذين يعانون من إحدى هذه الإعاقات، وتحديدًا أولئك الذين كان تأثيرهم واضحًا في الثقافة والعلم في ذلك الزمن.

إنجازات الجاحظ

بعد ما ورد من مؤلفات الجاحظ جدير بالقول إنَّ المقصود بإنجازات الجاحظ أي الكتب الثقافية العظيمة التي أثرى بها المكتبة العربية، وما أكثر مؤلفاته العظيمة وما أهمها في تاريخ الأدب العربي وتاريخ الفلسفة وفي التاريخ العربي بشكل عام، وفيما يأتي سوف نسرد أسماء الكتب والمنجزات الأدبية التي ألفها الجاحظ في حياته:

• كتاب البيان والتبيين، وهو أهم كتب الجاحظ، يتألف من أربعة أجزاء.
• كتاب الحيوان ويتألف من ثمانية أجزاء.
• كتاب البخلاء.
• كتاب المحاسن والأضداد.
• كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان.
• كتاب التاج في أخلاق الملوك.
• كتاب الآمل والمأمول.
• كتاب التبصرة في التجارة.
• كتاب البغال.
• كتاب فضل السودان على البيضان.
• كتاب خلق القرآن.
• كتاب أخلاق الشطار.
• كما ألَّف الجاحظ كثيرًا من الرسائل.

أسلوب الجاحظ

كان أسلوب الجاحظفي كلِّ كتبه أسلوبًا يعتمد على البحث الدقيق من أجل الوصول إلى المعلومة الدقيقة، وهاذ هو المنهج العلمي الدقيق الذي يُستهل بالشك في الشيء ليكون مُتاحًا أمام النقد، وكان في هذا الأسلوب عالمًا حقيقيًا يبحث عن أساس الحقيقة ويصل إليها بأسلوبه ومنهجه، ولم يكن أسلوب الجاحظ أسلوبًا علميًا فقط، بل استطاع من خلال قدرته اللغوية وتمكنه من خفايا اللغة العربية أنَّ يضفي على كتبه نكهة أدبية جميلة تزيد الحسن حسنًا.[1]

وكان الجاحظ أيضًا متسع الأفق والرؤى، يكتب بحس الفكاهة ويكتب بالجد ويكتب بين الجد والهزل والفكاهة أيضًا، متهكمًا تارةً، وجادًا في حديثه تارة أخرى، يصل إلى ما يريد دون تكلف ولا إطالة، تنبع بلاغته من كلامه الموجز الدَّال، وقد ظهر جليًا منهج الجدل ووضع الحجج في أسلوبه متأثرًا في هذا بانتمائه إلى المعتزلة.[1]

شعر الجاحظ

بعد ما جاء من مؤلفات الجاحظ  وإنجازاته وأسلوبه كان الجاحظ في زمانه شاعرًا من فحول الشعراء، نُسبت إليه الكثير من القصائد العظيمة، التي تتمتع بقوة السبك وبلاغة الكلمة وبيان التعبير، وفيما يأتي نسلط الضوء على بعض من قصائد الجاحظ:

• يقول الشاعر الجاحظ:[2]

أَتَرجو أَن تَكونَ وَأَنتَ شَيخ

كَما قَد كُنتَ أَيّامُ الشَباب

لَقَد كَذَّبتَكَ نَفسَكَ لَيسَ ثَوب

دَريسُ كَالجَديدِ مِنَ الثِياب

• ويقول الجاحظ شعرًا أيضًا:

قَد أَماتَ الهِجرانُ صِبيانَ قَلبي

فَفُؤادي مُعَذَّبٌ في خِبال

كَسَرَ البَينُ لَوحَ كَبدي فَما أَطـ

ـمَعَ مِمَّن هَوَيتَهُ في وِصال

• ويقول من الشعر أيضًا:

شَرِبتُ بِكَأسِ الهَوى نَبذَةً مَعا

وَرَقرَقَت خَمرُ الوَصلِ في قَدحِ الهَجر

فَمالَت دَنانُ البَينِ يَدفَعُها الصِبا

• ومن شعر الجاحظ أيضًا:

يا نورَةِ الهَجرِ حَلَّقَت الصَفا

لِما بَدَت لي ليفَةُ الصَد

يا مِئزَرُ الأَسقامِ حَتّى مَتى

تَنقَعُ في حَوضٍ مِنَ الجُهدِ

أَوقَد أَتونَ الوَصلِ لي مَرَّةً

وفاة الجاحظ

تذكر القصص التي تحدَّثت عن وفاة الجاحظ أنَّه كان جالسًا في مكتبته يقرأ بعض الكتب، وكان شيخًا كبيرًا أقعدته الشيخوخة وأصابه الشلل في قدميه، فوقع عليه صف من الكتب فقتله، فمات الجاحظ مدفونًا ببعض الكتب والمجلدات التي أفنى فيها عمره كلَّه، وكانت وفاته في عام 255 للهجرة وهو ما يوافق عام 868 ميلادية، وقد ترك وراءه إرثًا ثقافيًا عظيمًا لم تزل تتدواله الناس إلى اليوم.

إلى هنا نصل إلى نهاية هذا المقال الذي تحدَّثنا فيه عن حياة الجاحظ ونشأته، ثمَّ سلَّطنا فيه الضوء على ما ورد من مؤلفات الجاحظ ثمَّ أسلوب الجاحظ وإنجازاته الفكرية وقصائده الشعرية وفي الختام تحدَثنا عن وفاة الجاحظ.