من هم الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك

من هم الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك

من هم الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك ؟ هو أحد الأسئلة التي لا بدّ أن نجيب عنها، فغزوة تبوك من أهم الغزوات التي قام بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تسمّى غزوة العُسرة، لِما كان فيها من اشتدادِ الحرّ، وقلّة الزاد والعُدّة، فقد عَلِم رسول الله باجتماع الروم في الشام لقتاله، فسار حتى وصل تبوك، فوجد هرقل بحمص، وأقام بتبوك بضعة عشر ليلة، وقال ابن سعد عشرون ليلة، ونُصروا بالرعب، وبغزوة تبوك كانت نهاية غزوات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

من هم الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك

الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك هم كعب بن مالك و مرارة بن ربيع و هلال ابن أبي أمية، وقد تخلّف الثلاثة بدون عزر شرعيّ، وقد كان الجهاد حينها فرض عين على المسلمين، ولا يجوز التخلّف عنه بدون عذر شرعيّ، لذلك عندما استنفر الرسول صلّى الله عليه وسلّم الصحابة للجهاد خرج كل مسلم صادق ولم يتخلّف إلّا أصحاب الأعذار من الناس وأهل النفاق، وتخلّف في غزوة تبوك هؤلاء الثلاثة في زمن الشدّة والحرّ، فكان ذنبهم عظيمًا، ولكنّ الله تعالى غفر لهم لأنّهم كانوا صادقين في توبتهم، وصدقوا القول مع رسول الله عليه الصلاة والسّلام، ولم يخادعوه ولم يأتوا بأعذار كاذبة، بل اعترفوا بذنبهم، وتابوا إلى الله واستغفروه فتاب عليهم سبحانه.[1]

شاهد أيضًا: لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة

أسباب غزوة تبوك

في شهر رجب كانت غزوة تبوك، الغزوة العظيمة والأخيرة للمسلمين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ميزت الخبيث من الطيب في مدينة رسول الله وفضحت كلَّ منافق يُضمِر الكفر ويدَّعي الإيمان، فلن يقوم هذا الدين ولن تنتشر هذه الرسالة إلا بقلوب ثابتة صادقة وبإيمان لا تشوبه شائبة، فذلك كان السبب الروحي والنفسي لهذه الغزوة، أمَّا السبب الثاني أنَّه وصلتْ الأخبار للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الروم وقد كانوا قوةً عظمى حينئذٍ يعدّون جيشًا عظيمًا اشترك فيه العرب الذين في حلف الروم، وكانت المدينة في ذلك الوقت تعيش جفافًا، والحرارة فيها مرتفعة والثمار ما تزال على الأشجار لم تُقطف بعد، فالوقت عصيب والقرار صعب ولشدة الموقف سُميت الغزوة في القرآن الكريم غزوة العسرة وذلك في قوله تعالى: “لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”[2]، وقرر النبيَّ عليه الصلاة والسلام الجهاد حسمًا للموقف فلو تُرك الروم لوصل جيشهم للمدينة، ولتجرأ بعدها المشركين من العرب على المسلمين من جديد، وجهر النبي صلى الله عليه وسلم بقراره بين الناس، ونزلت آية من القرآن تأمر بالقتال وذلك في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”[3]، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الروم هم من أمر الله بقتالهم بعد المشركين في هذه الآية الكريمة، وبدأ استعداد المسلمين للغزو وتجهيز الجيش.[4]

شاهد أيضًا: ما هي الغزوات التي قام بها المسلمون في شهر رمضان

أحداث غزوة تبوك

بعد أن تجهَّز جيش عزوة تبوك، انطلقوا بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم شمالي الجزيرة العربيَّة، وكان عدد المسلمين ثلاثين ألف مجاهد، وبدأت المعاناة من الحرِّ الشديد ونقص الماء وقلة الراحلة فكان لكلِّ ثلاثة صحابة دابةٌ واحدة يتناوبون على ركوبها، حتى اضطر المجاهدون لأكلِ أوراق الأشجار وعقر الإبل ليشربوا الماء المخزن في بطونها، فدعا النبيُّ أن ينزل المطر واستجاب له الله تعالى ونزلت الأمطار من السماء وارتوى المجاهدون، فكانت تلك معجزةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورحمة للمؤمنين، ووصل الجيش إلى موقعٍ يُدعى تبوك ولم يجدوا أثرًا للروم، فأرسل النبيُّ خالدَ بن الوليد إلى مكان اسمه دومة الجندل على رأس سرية فغَنِم عددًا من الأنعام وأسر ملك دومة الجندل وجاء به إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فصالحه على أن يدفع الجزية وتركه ليعود إلى دياره، وظلَّ النبيُّ والمسلمون في تبوك عشرين يومًا، تأتي إليهم وفود القبائل المجاورة لتصالح وتدفع الجزية، وهكذا تحقق للنبيِّ مبتغاه من الغزوة وعاد مع الجيش إلى المدينة المنورة.[4]

شاهد أيضًا: كم عدد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

نتائج غزوة تبوك

أثمرت الغزوة عن نتائج كثيرة جاء لمصلحة الإسلام والمسلمين في المدينة المنورة وكلّ الجزيرة العربية فقد اسقطت هيبة الروم وكشفت تلك الصورة المزيفة عن قوى الروم التي لا تُقهر، بعد انسحاب المسلمين في غزوة مؤتة، فكانت غزوة العسرة لتمسح آثار الهزيمة وتقوي من عزيمة العرب وتقوي ثقة العرب بقوة المسلمين، وأصبحت دولة المسلمين دولة القوة الوحيدة في المنطقة التي تحدت قوة الروم ليس بدوافع عرقية أو قبليَّة أو لطع في سلطان أو زعامة بل بدافع فتح وتحرير من الظلم والعبودية، ونشر رسالة الحق وأنَّ العبودية لله وحده، وكانت هذه الغزوة هي البداية لفتح المسلمين لبلاد الشام وباقي المناطق التي يسيطر عليها الروم، وقد جاءت القبائل تصالح رسول الله وتدخل في حلفه بعد أن كانوا في حلف الرومان، وذلك اعتراف صريح بسيادة المسلمين.[4]

شاهد أيضًا: الفرق بين الغزوة والسرية

العبر المستفادة من غزوة تبوك

من يدرس أحداث غزوة تبوك يستطيع أن يصل إلى الدروس والعِبر الآتية:[5]

  • النفاق والمنافقين لا بُد أن يُفتضح أمرهم ولو بعد حين. طبيعة الحرب في الإسلام قائمةٌ على الدفاع عن الدين والبلاد، وردْع المعتدين، ولا علاقة لها بالعدوانية والاستفزاز، وإنما هي رسالة تحريرية للناس كافة وليس للعرب خاصة.
  • أحداث غزوة تبوك وتجهيز جيشها الذي عُرِفَ بجيش العُسرة لصعوبة الوقت والجوّ والموسم الذي دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم الناس لتجهيز هذا الجيش؛ استطاعت كل هذه الشدائد أن تميّز المؤمن الصادق من المنافق، مما أدى إلى تخليص الجيش من أمثال هؤلاء المخادعين الذين يعيقون مسيرة الإصلاح، وبالتالي انتصر هذا الجيش المتّحد الكلمة، وقوي الإيمان صادق العهد.
  • مسارعة الأغنياء من الصحابة رضوان الله عليهم في البذل والعطاء من أجل إعلاء كلمة الله والنصر على الأعداء؛ كان دليلاً على ما يفعله الإيمان في نفوس أصحابه من الانتصار على غرائزها، ومقاومة أهوائها، والمبادرة إلى فعل الخير، وهذا ما تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم، وما يجب أن يركّز عليه المصلحون، فذلك يوازي الجهاد بالنفس.
  • الإيمان يصنع المعجزات، وكان ذلك واضحاً في قصة النّفر من الصحابة الذين كانوا يرغبون بالقتال، لكنَّهم لا يملكون ما يُحملون عليه، فتولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً؛ لأنَّه فاتهم شرف الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنَّ الطبيعة البشرية تقتضي فرح الإنسان عند بُعده عن المخاطر والحروب، إلا أنَّ إيمانهم الصادق خلَّد ذكرهم في قرآنٍ يُتلى إلى يوم القيامة.
  • المؤمن الصادق لا يتخلّف عمّا يقتضيه الواجب تجاه جماعة المسلمين، وإن قام بذلك فهو مخطئٌ آثمٌ يحتاج إلى التوبة، وهذا ما حدث مع الثلاثة الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك وليس لديهم عذر، ولكنَّهم تنبّهوا لفعلهم هذا بعد فوات الوقت، فندموا وتألّموا وتحسّروا، وعلموا أنَّهم ارتكبوا إثماً عظيماً بتخلّفهم عن رسول الله، حتى جاءت عقوبتهم رادعة وقاسية واعتزلهم الجميع لمدةٍ طويلة، إلا أنَّ صدق توبتهم استحقّت أن يتوب الله عليهم ورسوله، ففرحوا بذلك فرحاً شديد.

وهكذا نكون قد أجبنا على السؤال من هم الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك، ثم تحدثنا بعد ذلك عن أسباب حدوث غزوة تبوك، وما هي نتائجها وما الدروس المستفادة من هذه الغزوة، التي سميت أيضًا بغزوة العسرة.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , الثلاثة الذين خلفوا , 26-04-2021
  2. ^ سورة التوبة , الآية 117
  3. ^ سورة التوبة , الآية 123
  4. ^ alukah.net , غزوة تبوك , 26-04-2021
  5. ^ alukah.net , دروس من غزوة تبوك , 26-04-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *