آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم يجب على كلّ مؤمنٍ أن يتمثّل بها عند تلاوته لكلام الله عزّ وجلّ. فالقرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أنزلها الله -عزّ وجل- على سيّد الخلق والمرسلين سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. ويساعدنا موقع محتويات على معرفة الآداب التي ينبغي على كلّ مسلم الامتثال لها عند تلاوة القرآن أو الاستماع إليه.

آداب تلاوة القرآن الكريم

إنّ القرآن الكريم هو صلة الوصل والحبل الممدود بين الخالق والعبد. فمن تمسّك بهذا الحبل واعتصم به نال الفوز والرضا في الدنيا والآخرة. و كذلك من تركه سيسقط في ظلام الدنيا وينال العقاب في الآخرة. وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “يَجيءُ القرآنُ يومَ القيامةِ فيَقولُيا ربِّ حلِّهِ، فَيلبسُ تاجَ الكَرامةِ، ثمَّ يقولُيا رَبِّ زِدهُ، فيلبسُ حلَّةَ الكرامةِ، ثمَّ يقولُيا ربِّ ارضَ عنهُ، فيقالُ لَهُاقرأْ وارْقَ، وتزادُ بِكُلِّ آيةٍ حسنةً“.[1] وقد أوصى الخالق سبحانه من خلاله بترتيله وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار. كذلك قال تعالى في سورة المزمل: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}.[2] ولا بدّ في تلاوته التزام آداب تلاوة القرآن الكريم الباطنة والظاهرة.[3]

آداب تلاوة القرآن الكريم الباطنة

فلهذا الكتاب المبارك الكثير من القداسة التي ينبغي على المسلمين الحرص على مراعاتها. ومن آداب تلاوة القرآن الكريم الباطنة:[3]

  • إخلاص النية للمولى: فأعمال المؤمنين كلّها مبنيّةٌ على الإخلاص في النوايا. كذلك قال تعالى في سورة البيّنة: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.[4] ويكون الإخلاص بإفراد المولى -عزّ وجلّ- بالعبادة والطاعة والتقرّب إليه. وذلك من دون أن يدخل لقلب المسلم أيٌّ من الغرور أو الكبر أو العجب أو الرياء وما إلى ذلك من الأمور التي تذهب الأجر وتضيّع الإخلاص.
  • تعظيم كلام الله سبحانه: كذلك ينبغي على كلّ قارئٍ لكتاب الله -عزّ وجلّ- أن يستحضر عظمة القرآن الكريم. ويستشعر النعم التي جعلها الله للمؤمنين فيه.
  • استحضار القلب: ومن الآداب الباطنة هي استحضار القلب. ويكون ذلك من خلال طرد النفس وأحاديثها، والتركيز الذهني مع سور القرآن. كذلك قال تعالى في سورة ق : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.[5]
  • تدبر الآيات: ويكون ذلك من خلال القراءة وفهم المعاني. فلا خير من قراءته بدون التدبر والفهم. وقد أشار أهل العلم إلى أنّ التدبّر هو المقصود الأعظم من القراءة. كذلك قال تعالى في سورة ص: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.[6]
  • كذلك التفاعل مع الآيات: حيث ينبغي على المؤمن أن يحسن التعامل والتفاعل مع الآيات وما تحمله من معاني أسماء الله وعظمته وقدرته. و كذلك أن يتأمل قصص الأنبياء والأولين. وعاقبة الآخرين وجزاء المتقين وغير ذلك.

الآداب الظاهرة

كذلك بعد ذكر آداب تلاوة القرآن الكريم الباطنة لا بدّ من ذكر الآداب الظاهرة، ومن هذه الآداب:[3]

  • الحرص على الطهارة في المكان والبدن والثوب تعظيماً لهذا الكتاب الكريم.
  • كذلك على المؤمن أن يحرص على تنظيف فمه بالسواك.
  • أن يستقبل القبلة الشريفة. و كذلك يجلس جلسة الخشوع والسكينة.
  • كذلك الاستعاذة بالله من الشياطين. وذلك امتثالًا لقوله تعالى في سورة النحل: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.[7]
  • ترديد ما شاء للمؤمن أن يردد من الآيات بقصد التأمل. فقد روى أبو ذرّ الغفاري رضي الله عنه: “قامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى أصبَحَ بآيةِ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}”.[8]
  • كذلك من الآداب التي يعود نفعها على العبد أن يخشع حتّى البكاء. قال تعالى في سورة الإسراء: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}.[9]
  • كما ينبغي على المرء إن مرّ على آيات الرحمة أن يسألها الخالق. وإن مرّ بآيات العذاب أن يستعيذ بالله منه.
  • الابتعاد عن اللهو والضحك والعبث بالأيدي وكل ما قد يشتت الأذهان عند التلاوة.ز
  • عدم الإستمرار بالقراءة إذا ما تثاوب المرء.
  • كذلك تحسين الصوت في القراءة قدر المستطاع.

كيفية تلاوة القرآن الكريم

والحديث عن آداب تلاوة القرآن الكريم يقتضي وجوبًا ذكر الكيفية السليمة لقراءة هذا الكتاب العظيم. فقد جعل الدّين الإسلاميّ كيفية مخصوصة لقراءة سور القرآن الكريم. وهي:[3]

  • تكون تلاوته من خلال تجويد الكلمات والحروف وتحسين الأداء قدر المستطاع.
  • إتقان القراءة والترتيل من خلال إتقان مخارج الحروف.
  • كذلك مراعاة الأحكام والقواعد التي وضعت من قبل أهل العلم والاختصاص.
  • الحرص على ملاحظة الممنوع والجائز في الوقوف والاستمرار.
  • وهكذا كانت قراءة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وعلى المؤمن الاقتداء بالنبيّ في قراءته. كذلك روي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إِنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ أنْ يُقْرَأَ القرْآنُ كما أُنزِلَ“.[10]

شاهد أيضًا: كم عدد سور القران الكريم

فضل تلاوة القرآن

وقد أفاض القرآن ذاته والسنة النبوية الشريفة بالآيات والأحاديث التي تتحدث عن فضل تلاوة القرآن الكريم. ومن الآيات والأحاديث التي أخبرت بهذه الفضائل:[11]

  • قال تعالى في سورة البقرة: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.[12]
  • كذلك قال تعالى في سورة الأعراف: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.[13]
  • كما قال تعالى في سورة فاطر: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}.[14]
  • كذلك روت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “الماهِرُ بالقرآنِ مع السفرَةِ الكرامِ البرَرَةِ ، والذي يقرؤُهُ ويتَعْتَعُ فيهِ وهو عليه شاقٌّ لَهُ أجرانِ“.[15]
  • كما روى عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “أيُّكم يُحِبُ أنْ يغدُوَ كلَّ يومٍ إلى بُطْحانَ ، أوْ إلى العقيقِ ، فيأتِي منه بناقَتَيْنِ كَوْماوَيْنِ زهراوَيْنِ ، فِي غيرِ إثمٍ ، ولَا قطعِ رحِمٍ ، فلَأنْ يغدُوَ أحدُكُمْ إلى المسجِدِ فَيَتَعَلَّمُ أوْ يقرأُ آيتينِ مِنْ كتابِ اللهِ خيرٌ لَهُ مِنْ ناقتينِ ، وثلاثٌ خيرٌ لَهُ مِنْ ثلاثٍ ، وأربعٌ خيرٌ لَهُ مِنْ أربعٍ ، ومِنْ أعْدادِهِنَّ مِنَ الِإبِلِ”.[16]

خصائص القرآن

كذلك بعد الخوض في ذكر آداب تلاوة القرآن الكريم والفضائل التي جعلها الخالق لقراءته لا بدّ من ذكر الخصائص التي خصّها الخالق لهذا الكتاب دونًا عن بقيّة الكتب السماويّة:[17]

  • أنّ القرآن هو كلام الخالق -عزّ وجلّ- المعجز الذي نزل على خاتم الأنبياء والرسل. مستفتحًا بفاتحته ومختومًا بسورة الناس.
  • كذلك التعبد بقراءته له الأجر والثواب العظيم. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ“.[18]
  • كما أنّ الصلاة لا تصحّ إلّا بالقرآن الكريم. و كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :”لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ“.[19]
  • حفظ الخالق سبحانه للقرآن من التزوير والتحريف. قال تعالى في سورة الحجر: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.[20]
  • كذلك أنّ من خصائص القرآن هو كونه سليم من أي تناقض. وذلك كما قال تعالى في سورة النساء: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.[21]
  • كما أنّ الخالق قد يسّر حفظه في قلوب المؤمنين لمن عقد نيّة الحفظ عن ظهر قلب. كذلك قال تعالى في سورة القمر: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}.[22]
  • الإعجاز في القرآن والتحدي الإنس والجن بأن يأتوا بمثله. قال تعالى في سورة يونس: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ}.[23]
  • ومن خصائص القرآن الكريم الكثيرة: الأخبار الغيبية. وكذلك تعدد الأسماء والألقاب التي أطلقت عليه، وكونه شفيعًا لأهله يوم القيامة، والثواب الذي جعله الخالق لقارئه ومستمعه.

مكانة القرآن الكريم

إنّ مكانة القرآن الكريم تتمثّل في كونه آخر الكتب السماوية المنزلة والمهيمن عليها. فهو أشملها وخاتمها وأطولها. وقد قال تعالى فيه: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}.[24] فقد صدّق القرآن الكريم جلّ الكتب السماويّة التي نزلت قبله وهيمن عليها وكان شاهدًا لها. وقد قال تعالى في سورة القصص: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}.[25] لذا ينبغي على كلّ الخلق التمسّك به والإيمان به.[26]

شاهد أيضًا: من الذي رتب سور القران كما هي الان في المصحف

آداب تلاوة القرآن الكريم مقالٌ فيه تمّ التعريف بماهيّة القرآن الكريم، وبيان الآداب التي حثّ الدّين الإسلاميّ على اتّباعها عند قراءة القرآن. و كذلك ذكر المقال الفضائل العظيمة للقرآن ولتلاوته، كما ذكر خصائصه والمكانة العظيمة التي جعلت له دوناً عن بقيّة الكتب السماويّة.

المراجع

  1. ^ صحيح الترمذي , الألباني/أبو هريرة/2915/حسن
  2. ^ سورة المزمل , الآية 4
  3. ^ alukah.net , آداب تلاوة القرآن الكريم , 27/03/2021
  4. ^ سورة البينة , الآية 5
  5. ^ سورة ق , الآية 37
  6. ^ سورة ص , الآية 29
  7. ^ سورة النحل , الآية 98
  8. ^ تخريج زاد المعاد , شعيب الأرناؤوط/أبو ذر الغفاري/1/320/إسناده صحيح
  9. ^ سورة الإسراء , الآية 109
  10. ^ ضعيف الجامع , الألباني/زيد بن ثابت/1719/ضعيف
  11. ^ alukah.net , فضل تلاوة القرآن من القرآن والسنة , 27/03/2021
  12. ^ سورة البقرة , الآية 121
  13. ^ سورة الأعراف , الآية 204
  14. ^ سورة فاطر , الآية 29
  15. ^ صحيح الجامع , الألباني/عائشة أم المؤمنين/6670/صحيح
  16. ^ صحيح الجامع , الألباني/عقبة بن عامر/2697/صحيح
  17. ^ alukah.net , من خصائص القرآن الكريم , 27/03/2021
  18. ^ سنن الترمذي , الترمذي/عبد الله بن مسعود/2910/حسن صحيح غريب من هذا الوجه
  19. ^ صحيح البخاري , البخاري/عبادة بن الصامت/756/صحيح
  20. ^ سورة الحجر , الآية 9
  21. ^ سورة النساء , الآية 82
  22. ^ سورة القمر , الآية 40
  23. ^ سورة يونس , الآية 38
  24. ^ سورة المائدة , الآية 48
  25. ^ سورة القصص , الآية 52 ، 53
  26. ^ dorar.net , منزلة القرآن من الكتب المتقدمة , 27/03/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *