من هو حب رسول الله

من هو حب رسول الله

من هو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أطلق النبي على أصحابه أسماءًا وألقابًا عديدة، حبًا وتكريمًا لهم، فمنهم مَن لقبّه ب أسد الله، ومنهم أمين الأمة، ومنهم إمام المجاهدين، وفي مقالنا التالي سوف نتعرّف على من هو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعريف بهذا الصحابي، وقصته مع النبي واستشهاده.

من هو حب رسول الله

من هو حب رسول الله هو زيد بن حارثة، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أرحم الناس وأرفقهم، وقد شهدت السيرة النبوية مواقف لا حصر لها في معاملته للناس من الصحابة، بل لكل المخلوقات بالرفق واللين، ولكن عندما نتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فإننا نجد زيد بن حارثة، الذي أحبه النبي حبًا شديدًا، وقرّبه منه، وكذلك أحب زيدًا النبي حبًا تجاوز حبه لأبيه وقومه، وكان هذا الحب مُلاحظًا بين الصحابة، لذا أطلقوا على زيد بن حارثة لقب “حِب رسول الله”.[1]

شاهد أيضًا: متى توفي اسامة بن زيد

التعريف بالصحابي زيد بن حارثة

هو الصحابي الجليل زيد بن حارثة بن شراحبيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، من بني قضاعة، كان أول من دخل في الإسلام، فعندما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، كان عمر زيد بن حارثة 34 عامًا، وذكر معمر عن الزهري قال: ما سمعنا أحد أسلم قبل زيد بن حارثة، ولعله يقصد من الموالي، أو أول من أسلم بعد أي بكر الصديق، لأن أبي بكر هو أول من أسلم من الرجال، وعندما سُئل ابن عباس رضي الله عنهما: أيّ الناس كان أول إسلامًا؟ فقال أما سمعت قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:[2]

إِذَا تَذَكَّرْتُ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ  ***      فَاذْكُرْ أَخَاك أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَـــــــــــــلاَ
خَيْـرَ الْبَرِّيَّــــةِ أَتْقَاهَــــــا وَأَعْدَلَهـــَا ***  إِلا النَّبِيُّ وَأَوْفَاهَـــــــا بِمَـــــــا حَمَــــلاَ
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمَحْمُودَ مَشْهَدُهُ ***    وَأَوَّلَ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلاَ

شاهد أيضًا: من هو اخر من مات من الصحابة

قصة الصحابيّ زيد بن حارثة

وتعود محبة النبي لزيد بن حارثة لقصة وقعت في الجاهليّة، فحينما خرجت أم زيد تزور قومها بني معن، أغارت عليهم خيل بن القين بن جسر، فإخذوا زيدًا، وقدموا به إلى سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة، ثم رآه ناس أتوا إلى الحج، فعرفهم، وعرفوه، فانطلق أهل زيد، وأعلموا أباه بمكان ابنه، ووصفوا له مكان وجوده، وعند مَن يتواجد، فخرج حارثة أبو زيد وأخوه كعب وهو عم زيد لفداء ابنهم، فقدما إلى مكة، ودخلا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا به، وأحسن إلينا في فدائه، فطلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم، أن يخيّروه بين أن يذهب معهم، أو أن يبقى عند النبي، فقال زيد: ما أريدهما، وما أنا بالذي أختار أحدًا عليك، أنت مني مكان الأب والعم، فقال أباه وعمه: ويحك يا زيد أتختار العبوديّة على الحريّة، قال: نعم، فقد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا.

فلما رأى النبي ذلك منه قال: يامن حَضَر، اشهدوا أن زيدًا ابني، أرثه ويرثني، فلما رأى ذلك أبوه وعمه، طابت نفوسهما وانصرفا، وعلى الرغم من أن سند القصة ضعيف، إلا أن اشتهار القصة عند الكثير من العلماء، وكتب السّير، يُعطي انطباعًا أن القصة لها أصل، وأيضًا يشهد لهذه القصة روايتان، الرواية الأولى للطبراني، والرواية الثانية، فهي رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنهما حيث قالا: ما كنا ندعو زيدًا بن حارثة، إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن الكريم، وأمرنا بدعوة البناء لآبائهم، قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ}[3].[4]

شاهد أيضًا: من أول من جهر بالقرآن في مكة

الصحابي ّزيد بن حارثة في القرآن الكريم

كان زيد بن حارثة من الصحابة الذين نزل في حقهم آيات من القرآن الكريم، بل إنه الصحاب يالوحيد الذي جاء اسمه في القرآن الكريم، قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}[5]، وكان سبب نزول هذه الآية، أن الله تعالى أراد أن يشرّع شرعًا جديدًا عامًا لجميع المؤمنين، وهو “أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء بأي حال من الأحوال، وأن أزواجهم لا جناح على مَن تبناهم في نكاحهن”، فقد تزوج النبي زوجة زيد بن حارثة بعد طلاقها منه، فكان التنبي من الأمور المعتادة، فأراد الشرع أن ينفي ذلك قولاً وفعلاً، وإذا أراد الله شيئًا جعل له سببًا، فقد كان زيد بن حارثة يُدع “زيد بن محمد” بعدما تبناه النبي، ولكن عندما نزلت {ادعوهم لآبائهم} قيل له زيد بن حارثة.[6]

شاهد أيضًا: ما الحكم الشرعي للتنبي في الاسلام

مناقب زيد بن حارثة

من أهم المناقب والفضائل التي كانت لزيد بن حارثة عند النبي صلى الله عليه وسلم نذكر:[7][8]

  • عن عائشة أم المؤمنين قالت: (أنَّ قُرَيشًا همَّهم شأنُ المَخزوميَّةِ التي سَرَقتْ، فقالوا: مَن يُكلِّمُ فيها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقالوا: ومَن يَجترِئُ عليه إلَّا أُسامةُ بنُ زَيدٍ)[9].
  • عن عبدالله بن عمر قال: (بَعَثَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْثًا، وأَمَّرَ عليهم أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ في إمارَتِهِ، فقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنْ تَطْعُنُوا في إمارَتِهِ، فقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ في إمارَةِ أبِيهِ مِن قَبْلُ، وايْمُ اللَّهِ، إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ)[10].
  • عن عائشة أم المؤمنين قالت: (دَخَلَ عَلَيَّ قائِفٌ، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شاهِدٌ، وأُسامَةُ بنُ زَيْدٍ وزَيْدُ بنُ حارِثَةَ مُضْطَجِعانِ، فقالَ: إنَّ هذِه الأقْدامَ بَعْضُها مِن بَعْضٍ. قالَ: فَسُرَّ بذلكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَعْجَبَهُ، فأخْبَرَ به عائِشَةَ)[11].

استشهاد زيد بن حارثة

استشهد زيد بن حارثة في معركة مؤنة، وهي المعركة الأهم والأخطر في تاريخ المسلمين، حيث أفواج كبيرة من الروم والنصارى تتوجه إلى أرض مؤتة، يقابلهم رجال صناديد من المسلمين يقفون بوجههم سدًا منيعًا، كانت ملحمة بكل المقاييس، سقط على إثرها أول شهيد للمسلمين هو الصحابي واليطل المجاهد زيد بن حارثة رضي الله عنه، حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، سقط في المعركة مقبلاً غير مدبر، بعد رحلة جهاد طويلة بدأت منذ الأيام الأولى لنزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقود السريى تلو الأخرى منذ العام السادس للهجرة، وكأنه يعد نفسه لمثل هذا اليوم العظيم، يوم الإستشهاد في سبيل الله تعالى.[12]

شاهد أيضًا: ما الفرق بين الغزوة والسرية والمعركة

وفي نهاية مقالنا، نكون قد تعرّفنا إلى من هو حب رسول الله، وهو الصحابي الجليل زيد بن حارثة، وتعرّفنا إلى قصته مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقصة استشهاده في معركة مؤتة، وهو مقبلٌ غير مدبر، وورود اسم أسامة بن زيد هذا الصحابي الجليل في القرآن الكريم.

المراجع

  1. ^ islamstory.com , قصة رسول الله وتبني زيد بن حارثة .. من روائع السيرة النبوية , 22/1/2022
  2. ^ islamstory.com , قصة الاسلام , 22/1/2022
  3. ^ الأحزاب , 5
  4. ^ islamstory.com , قصة رسول الله وتبني زيد بن حارثة .. من روائع السيرة النبوية , 22/1/2022
  5. ^ الأحزاب , 37
  6. ^ islamstory.com , زيد بن حارثة , 22/1/2022
  7. ^ islamstory.com , إسلام زيد بن حارثة , 22/1/2022
  8. ^ islamarchive.cc , باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم , 22/1/2022
  9. ^ تخريج مشكل الآثار , عائشة أم المؤمنين، شعيب الأرناؤوط، تخريج مشكل الآثار،  2306، إسناده صحيح على شرط مسلم
  10. ^ صحيح البخاري , عبدالله بن عمر، البخاري، صحيح البخاري، 3730، [صحيح]
  11. ^ صحيح البخاري , عائشة أم المؤمنين، البخاري، صحيح البخاري، 3731، [صحيح]
  12. ^ islamstory.com , أحداث معركة مؤتة , 22/1/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *