من هو صاحب لقب شاعر النيل

من هو صاحب لقب شاعر النيل

من هو صاحب لقب شاعر النيل هو مَن ذاق مرارة اليتم صغيراً، وولادته كانت على ظهر سفينة كانت ترسو على نهر النيل، جعلها والده مسكناً للعائلة. كان من عجائب زمانه لما تمتع به من ذاكرة قويّة وحاضرة حفظيّة لم تضعف طوال عمره الذي بلغ الستين، وقد لقّب أيضاً بشاعر الشعب. [1]

من هو صاحب لقب شاعر النيل

صاحب لقب شاعر النيل هو حافظ إبراهيم الأديب المصري الكبير، المولود في محافظة أسيوط في 4 شباط/ فبراير عام1872، أبوه كان يعمل مهندساً مشرفاً على قناطر ديروط هو إبراهيم فهمي، وأمه تركية وهي هانم بنت أحمد البورصلي. [2]

حياة حافظ إبراهيم

توفى والد حافظ إبراهيم وهو مازال في الرّابعة من عمره، فكفله خاله وأرسله إلى المدرسة الخيريّة ليتعلم، وفيها تعرّف على صديقه الزعيم مصطفى كامل، ولأنّ خاله كان قليل الرزق، لم يوفّر مناسبة إلّا وأبدى تذمّره من وجود حافظ وتوبيخه وتعنيفه، الأمر الذي أثّر فيه وآلمه، ودفعه إلى الرحيل بعد أن ترك له رسالة قال فيها:

ثقلت عليك مؤونتي

إني أراها واهية

فافرح فإني ذاهبٌ

متوجّه في داهية

عمل بعدها في مكتب المحامي محمد أبو شادي الذي كان أحد رموز ثورة عام 1919، ثمّ التحق بالمدرسة الحربيّة، وعيّن ضابطاً في البوليس في محافظة بني سويف، وانتقل للخدمة العسكريّة في السودان، وإبان اندلاع الثّورة فيه عام 1899م، تعرّض للاعتقال مع 18 ضابطاً لمشاركتهم فيها، وجرت محاكمته، فتقدم بطلبٍ لإحالته على التقاعد، وهكذا كان. [2]

لقب شاعر النيل

اعتاد الناس على إطلاق الألقاب على كبار المشاهير من باب الترويج والدعاية والمديح لشخصهم، وقد تميّز حافظ إبراهيم بحصوله على لقبين، هما: [2]

شاعر النيل حافظ إبراهيم

لحبه وعشقه لنهر النيل وتنقلّه الدائم على ضفافه، كما أن قصّة مولده في إحدى السفن الرّاسية على ضفته تُعدّ سبباً بارزاً لنيله هذا اللّقب.

شاعر الشعب حافظ إبراهيم

لأنّه تفاعل مع قضايا الشّعب، وسلّط الأضواء على مطالبه المحقّة، وانحاز إلى خياراته، ودعا ليقظته، ولفظ جور المستعمر، فكان شعره مرآة تعكس معاناة الشّعب وآلامه وآماله، فأُطلق عليه لقب شاعر الشعب.

صفات حافظ إبراهيم

تميّز حافظ إبراهيم بمَلكة الحفظ، وامتلك من الفطنة والذكاء وقوّة الذاكرة، ما جعله أمثولة عصره، فقد كان يحفظ آلاف مؤلّفة من القصائد الشعريّة، وبحسب أصدقائه فإنّه كان باستطاعته قراءة ديوان أو أن يطالع كتاباً في دقائق، وبعد أن ينتهي كان يسترجع الكثير من الأبيات أو المقاطع النثريّة والمعلومات التي قرأها. كما يُقال عنه أنّه كان في صغره يستمع إلى تلاوة سور من القرآن؛ فيحفظها ويُعيد تلاوتها بالأسلوب نفسه الذي أدّاه المقرئ. ويُروى عنه أنه كان سريع البديهة والنكتة حاضرة لديه، مُحبّاً للمرح، تُسعد المجالس بوجوده وتنتظر فكاهاته، فقد كان اجتماعيّاً جداً ومتواضعاً. [3]

شعر حافظ إبراهيم

كانت كتابات حافظ إبراهيم تُلامس الفكر والجوارح، فتفاعل مع الأحداث السياسيّة في عصره، وانتقد ممارسات المستعمر واستحواذه على خيرات البلاد وتحكّمه بالعباد: فقال يشحذ الهمم للثورة في قصيدة حملت عنوان (الامتيازات الأجنبيّة): [4]

فقل للفاخرين: أما لهذا الفخر من سبب؟

أروني بينكم رجلاً ركينا واضح الحسب

أروني نصف مخترع أروني ربع محتسب؟

فهبوا من مراقدكم فإن الوقت من ذهب

وقد انتقد بعض الطقوس الاجتماعيّة، كتوافد النّاس لزيارة مقام السيّد البدوي في طنطا؛ فأنشد مخاطباً الشيخ محمد عبده عن هذه الظاهرة، قال:

إمام الهدى إني أرى القوم أبدعوا

لهم بدعاً عنها الشريعة تعزف

رأوا في قبور الميّتين حياتهم

فقاموا إلى تلك القبور وطوّفوا

وباتوا على جثامين كأنّهم

على صنمٍ في الجاهليّة عُكّفُ

ولا ننسى زيارته للمجمع العلميّ في دمشق عندما سافر إلى سوريا واستُقبل فيها بكلّ حفاوة، قال: [4]

شكرت جميل صنعكم بدمعي

ودمع العين مقياس الشعور

لأوّل مرّة قد ذاق جفني

على ما ذاقه دمع السرور

ومن قصائده الغزلية في المرأة، قال:

غضّي جفون السحر أو فارحمي

متيّماً يخشى نزال الجفونِ

ولا تصولي بالقوام الذي

تميس فيه يا مناي المنون

إنّي لأدري منك معنى الهوى

يا جوليا والناس لا يعرفون

أسلوب حافظ إبراهيم الشعري

استقى شعر حافظ إبراهيم من الواقع، فرؤيته كانت محدودة الخيال، وغطى على هذا الجانب باعتماده جودة الصياغة وجزالة الألفاظ والتراكيب وحسن القراءة والحنكة في اختيار موضوعاته، وباعتراف الشعراء والنقّاد كان حافظ إبراهيم “أحسن خلق الله إنشاداً”، ومن المناسبات التي أنشد فيها ببراعة في حفل تكريم أحمد شوقي في دار الأوبرا الخديويّة حين جرت مبايعته على إمارة الشعر، وفي الذكرى السنويّة لرحيل مصطفى كامل حيث أدى إنشاده بأسلوب مسرحيّ في بعض الأبيات والتي ضجت بها الصحف حينها. كما أنّ له قصائد خالدة، كقصيدة دنشواي، وراعية الطفل، والمُناجاة، ومظاهرات السيّدات، وغيرها الكثير. [1]

أقوال في حافظ إبراهيم

قيل في حافظ إبراهيم أجمل العبارات والأقوال، من كبار أهل الأدب والفكر، مثل:

  • العقاد: “كان حافظ مفطوراً بطبعه على إيثار الجزالة والإعجاب بالصياغة والفحولة في العبارة”.
  • فالح الحجية: “يتميّز شعر حافظ إبراهيم بالروح الوطنيّة الوثّابة نحو التحرّر ومقارعة الاستعمار، سهل المعاني، واضح العبارة، قويّ الأسلوب، متين البناء، أجاد في كلّ الأغراض الشعريّة المعروفة”.
  • خليل مطران: “حافظ إبراهيم أشبه بالوعاء يتلقّى الوحي من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثّراتها في نفسه، فيمتزج ذلك كله بشعوره وأحاسيسه، فيأتِ منه القول المؤثّر المتّفق بالشعور الذي يحسّ كلّ مواطن أنّه صدى لما في نفسه”. [2]

وفاة حافظ إبراهيم

توفى حافظ إبراهيم في بيته إثر وعكة صحيّة بعد عشاء دعا إليه أصدقائه، وقد أخفى عنهم مرضه إذ لم يستطع مشاركتهم الطعام، وبعد مغادرتهم ازدادت عليه بوادر التعب والألم، فنادى خادمه ليُحضر الطبيب إلّا أنّه فارق الحياة وكان ذلك بتاريخ 21 حزيران/ يونيو، [2] وتمّ دفنه في مقابر السيّدة نفيسة في القاهرة عام 1932م، ومن أجمل ما رثاه به الشعراء ما قاله صديقه المقرّب أحمد شوقي:

قد كنت أوثر أن تقول رثائي

يا منصف الموتى من الأحياء

مؤلفات حافظ إبراهيم

لحافظ إبراهيم مؤلّفات هامّة وعديدة: [3] [4]

  • ليالي سطيح في النقد الاجتماعيّ.
  • البؤساء، وهي ترجمة لرائعة فيكتور هوغو الروائيّة.
  • في التربيّة الأوليّة، وهو معرّب عن اللّغة الفرنسيّة.
  • الديوان.
  • الموجز في علم الاقتصاد، وشاركه في كتابته خليل مطران.
  • سؤال وجواب.
  • عمر، الذي سُمي بـ(عمريّة حافظ إبراهيم).
  • سجن الفضائل.

معلومات عن حافظ إبراهيم

كثيرةٌ هي المحطّات الهامّة في حياة حافظ إبراهيم:

  • تزوّج عام 1906م من سيّدة من الطبقة الأرستقراطيّة، إلاّ أنّ زواجه لم يدم أكثر من 4 أشهر، ولم يتزوّج بعدها مجدّداً.
  • عانى من الكرم الزائد وتبذير الأموال، وربّما يعود ذلك لما عاناه في صغره من ضنك، فيروي عنه العقاد: “مرتب سنة في يد حافظ إبراهيم يُساوي مرتب شهر” وقد استأجر مرّة كامل القطار ليقلّه إلى حلوان حيث كان سكنه. وقد طلب منه أحد المتسوّلين مالاً فأعطاه جنيهاً ذهبيّاً وبقيت في جعبته بضعة قروش. [2]
  • عانى في آخر سني حياته من الجدْب والجفاف الإبداعيّ والفكريّ، فوقع فريسة اللامبالاة والملل وهي الفترة التي كان فيها رئيس القسم الأدبيّ بدار الكتب والمعارف من عام 1911 وحتّى عام 1932، حيث أحُيل للتقاعد فلم يقرأ خلالها ولا كتاب. [1]

وهكذا نجد بأنّ من هو صاحب لقب شاعر النيل وشاعر الشّعب كان الأديب والجهبذ العصاميّ حافظ إبراهيم، الكاتب والشاعر الاستثنائيّ، وواحد ممن حملوا لواء الأدب ووظّفوه في قضايا مصيريّة في المقاومة والتحرر القوميّ والفكريّ.

المراجع

  1. ^ ebook.univeyes.com , الأخلاق في شعر حافظ إبراهيم دراسة موضوعية فنية , 30/ 1/ 2021
  2. ^ books.google.jo , أيتام غيروا مجرى التاريخ , 30/ 1/ 2021
  3. ^ poetsgate.com , حافظ إبراهيم , 30/ 1/ 2021
  4. ^ site.iugaza.edu.ps , ديوان حافظ إبراهيم , 30/ 1/ 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *