هل الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان؟

هل الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان؟

هل الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان؟ هو أحد الأسئلة التي قد يسأل عنها المسلمون، والفتوى في الشريعة الإسلاميّة هي الكشف عن الحكم الشرعي للسائل عنه، أي المستفتي، وقد تكون الفتوى بغير سؤال، وذلك لبيان حكم نازلة من النوازل، أو حادثة من الحوادث المستجدّة بهدف تصحيح أقوال الناس وأفعالهم وسائر أحوالهم، ويسمّى الذي يتولّى هذه المهمّة بالمفتي، وذلك لأنّه عالمٌ بالأحكام الشرعية والمستجدّات، وقد آتاه الله من العلم ما يُمكّنه من استنباط الحكم الشرعي من أدلته، ثمّ يُسقطه على الحال المستفتى فيه، لذلك تعدّ الفتوى أمراً عظيماً وشأنها كبير؛ فهي توقيع عن رب العالمين، وبيان لمراده سبحانه وتعالى من أحكام التشريع.

هل الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان؟

في الإجابة عن السؤال هل الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان؟، فهي أن الفتوى لا تتغير بتغير الزمان والمكان إنّما تتغير فيها مسائل خاصّة، وذلك بمعنى أنّه ما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويّة فهو ثابت لا يتغيّر، ولكن فتاوى العلماء في بعض المسائل تتغير بتغير حال الناس وعاداتهم، فيما يتعلّق بأمور العادات والتقاليد والأعراف، أمّا الأحكام الشرعيّة الثابتة الواضحة فهي قطعًا لا تتغير في أيّ زمان ومكان، فالشريعة ثابتة، وهذا بإجماع من أهل العلم.[1]

أسباب تغيّر الفتوى

بيّن العلماء أسباباً تُجيز تغيّر الفتوى ومنها تغيّر الزمان، فأحوال الناس واحتياجاتهم تتغير بين جيلٍ وآخرٍ، ومن أسباب تغيّر الفتوى كذلك تغيّر المكان، فما يصلح للمسلمين في بلاد المسلمين من أحكام وفتاوي قد لا يصلح لهم في ديار غير المسلمين، كما تتغيّر الفتوى تبعًا لاختلاف عادات الناس وتغيّر أحوالهم واحتياجاتهم من حين لآخرٍ.[1]

شاهد أيضًا: معرفة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية

ضوابط تغيّر الفتوى

ذكر العلماء ضوابطًا لتغيّر الفتوى، منها: اختلاف العادات والأعراف، ومن الأمثلة على ذلك الأصناف التي تُخرج منها زكاة الفطر، فقد بيّن علماء الأمة جواز إخراج زكاة الفطر من غالب قوت البلد، فقد يكون الغالب الأرز والذرة في بلدٍ، بينما قد يكون الغالب في بلدٍ آخر أصنافًا أخرى، مثل: الشعير والزبيب، ومن ضوابط تغيّر الفتوى وجود أسبابها، وتحقّق شروطها وانتفاء موانعها، فالمزكّي يؤدّي زكاة ماله إذا بلغ نصابًا، وحال عليه الحول، بينما إذا كان عليه دينٌ يستوفي جميع ماله سقط عنه وجوب الزكاة لوجود المانع، وكذلك تعتبر الضرورة ضابطًا لتغيّر الفتوى، حيث يُباح للمضطر مثلًا أن يأكل من الميتة بينما لا يباح ذلك لمن كان مختارًا، وكذلك تغيّر الوصف أو الاسم، فالشراب الذي يُسكر يكون خمرًا محرمًا، فإذا تغيّر هذا الشراب فصار خلًا سقط عنه حكم التحريم وأصبح حلالًا، ومن الضوابط تدافُع المأمورات أو المنهيات، وكذلك وجود العارض وزواله؛ فقد ترك النبي الكريم قيام الليل حتى لا يُفرض على أمته، كما يعتبر تغيّر الوسائل والآلات ضابطًا لتغير الفتوى، فالجهاد والإعداد واجبٌ شرعيٌّ لا يتغيّر حكمه بتغيّر الزمان، وإنّما قد تتغير وسائله، ففي هذا العصر يكون الإعداد بالسلاح والعتاد العسكري، بينما كان الإعداد قديماً بتجهيز السيوف والخيل وغير ذلك.[2]

وهكذا نكون قد أجبنا على السؤال هل الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان؟، وتعرفنا ايضًا على الأسباب التي تؤدي إلى تغير الفتوى بتغير الأزمان والأماكن، وأخيرًا ذكرنا الضوابط الواجب مراعاتها في حال تغيّر الفتوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *