هل تحليل الدم يفطر الصائم وما حكم اخذ عينة من الدم للصائم

هل تحليل الدم يفطر الصائم ؟ هو أحد الأسئلة التي لا بدّ من الإجابة عنها، فعلى المسلم أن يتحرّى أن يكون صيامه كاملًا، فالصيام هو التوقُّف والإمساك عن المُفطرات، من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، مع عقد النيّة والعزم؛ لتتميّز العادة عن العبادة، بشروطٍ مخصوصةٍ، وزمنٍ مخصوصٍ، وكيفيّةٍ مخصوصةٍ، وسنعرف في هذا المقال هل يعدّ تحليل الدّم من المفطرات.

هل تحليل الدم يفطر الصائم

في الإجابة عن السؤال هل تحليل الدم يفطر فإنّ جمهور علماء الشريعة من حنفيّة ومالكيّة وشافعيّة يرون أن نأخذ عينة من الدم بهدف التحليل الطبيّ لا يُفطر الصائم، فليس هناك ما يقتضي الفطر، فهي عملية سحب للدم ولا يتمّ فيها إدخال أيّ شيء إلى الجوف، والدم الذي يخرج لا يفسد الصيام، واستند العلماء في قولهم على صحّة الصيام بعد إجراء سحب عيّنةٍ من الدم على صحّة صيام من افتصد؛ أي قُطِع شريانه ليخرج الدم الفاسد منه؛ إذ لا يُعَدّ الفَصد من مُفطرات الصيام؛ لأنّ ما يخرج هو قليل من الدم، مع قولهم بكراهة ذلك إذا كان سحب الدم يُضعِف الصائم، في حين يرى بعض الحنابلة أنّ تحليل الدم يُفسد الصوم؛ لأنّه قد يكون سبباً في ضعف الصائم وقلّة حيلته لإتمام الصيام؛ قياساً على فساد صوم من احتجم، والقول بأنّ سَحب الدم كالحجامة ليس دقيقاً؛ نظراً لأنّ الحجامة يخرج معها الكثير من الدم، وهو ما ليس مُتحقِّقًا في سَحب عَيِّنة الدم، كما قال بعض العلماء المعاصرون بصحة صيام من سحب عينة من دمه، فالفطر يكون بدخول الدم إلى الجسم ولا يكون بخروجه، إضافة إلى أنّ كمية الدّم التي يتم سحبها من الدم قليلة لا تؤثر في صحّة الصوم، وممن قال بذلك القرضاوي وابن عثيمين وابن باز.[1]

شاهد أيضًا: هل الاستفراغ يفطر الصائم

حكم تحليل السكر للصائم

بعد معرفة الإجابة عن السؤال هل تحّليل الدَم يفطّر، سنتحدّث عن حكم تحليل السُكر للصّائم، ويمكن القول أن العينات التي تؤخذ من دمّ الصائم من أجل تحليل السكر لا تؤثر على صيامه، فهي عينات قليلة لا تضعف جسد الصّائم، وقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عندما سئل عن أخذ عينات من دم الصائم: “مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يعفى عنه؛ لأنَّه مما تدعو الحاجة إليه، وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر”، كما سُئل ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن هذه المسألة فقال: “لا يفّطر الصّائم بإخراج الدَم من أجل التحليل، فإنّ الطبيب قد يحتاج إلى الأخذ من دم المريض ليختبره، فهذا لا يفطّر؛ لأنّه دم يسير لا يؤثّر على البدن تأثير الحجامة فلا يكون مفطرًا، والأصل بقاء الصيام ولا يمكن أن نفسده إلّا بدليل شرعي، وهنا لا دليل على أنّ الصّائم يُفطر بمثل هذا الدم اليسير، وأمّا أخذ الدم الكثير من الصّائم من أجل حقنه في رجل محتاج إليه مثلًا، فإنّه إذا أخذ من الدم الكثير الذي يفعل بالبدن مثل فعل الحجامة فإنّه يفطر بذلك، وعلى هذا فإذا كان الصوم واجبًا فإنّه لا يجوز لأحد أن يتبرع بهذا الدم الكثير لأحد، إلّا أن يكون هذا المتبَرَّع له في حالة خطرة لا يمكن أن يصبر إلى ما بعد الغروب وقرر الأطباء أنّ دم هذا الصّائم ينفعه ويزيل ضرورته، فإنّه في هذه الحال لا بأس أن يتبرع بدمه، ويفطر ويأكل ويشرب حتى تعود إليه قوته، ويقضي هذا اليوم الذي أفطره”، والله تعالى أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل بخاخ الربو بفطر

كمية الدم التي تفطر الصائم

بعد معرفة الإجابة عن هل تحليلُ الدمِ يفطر، فهل هناك كمية معينة من الدم، وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن هذا الأمر فأجاب: “لا أعلم شيئاً محدداً، وليس هذا من جنس الحجامة، الحجامة جاء بها النص فيقتصر عليه”، كما أنّه هناك خلاف بين أهل العلم على الحجامة فقال بعضهم: أنها لا تفطر، وقال بعضهم: أن الفطر بها منسوخ، والأظهر أن الحجامة تفطر وأنها غير منسوخة؛ لقوله النبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم: “أفطر الحاجم والمحجوم”[3]، ولكن لا يُمكن أن يُقاس عليها التحليل، فالتحليل أقلّ منها، وهو شيء يسير من الدّم يؤخذ عند الحاجة فلا بأس به إن شاء الله ولا يفطر الصائم، أمّا التبرّع بالدّم فيكون بكميّات كبيرة يحتاج الإنسان بعدها للغذاء حتى يُعوّض الفائض الذي ذهب منه من الدم، لذلك فقال العلماء أنّه يُفطر الصائم.[4]

وهكذا نكون قد أجبنا عن السؤال هل تحليل الدم يفطر الصائم، وعرفنا أيضًا حكم اخذ عينة من الدم للصائم، وما هو حكم تحليل السّكر للصائم، وما الكمية التي يُسمح أن تُسحب من دم الصائم دون أن يُفطر.