هل يجوز الدعاء للكافر الميت والحي ام لا

هل يجوز الدعاء للكافر الميت والحي ام لا؟ مسألة فقهية من المسائل المهمة التي يجب على كلِّ مسلم أن يعلم الحكم الشرعي الصحيح فيها، ولأنَّ ميزان المسلم المؤمن في مشاعره وعواطفه هو الشرع، ينبغي أن يضبط كلَّ تصرفاته وفق الأحكام الشرعية والضوابط الإسلامية التي جاءت في الإسلام، وفي هذا المقال سيتم الإجابة عن سؤال: هل يجوز الدعاء للكافر الميت والحي ام لا بالتفصيل.[1]

هل يجوز الدعاء للكافر

إنَّ مسألة الدعاء للكافر مسألة مهمة في الشريعة الإسلامية، ينبغي على كلِّ مسلم أن يكون على علم بها كي لا يقع في المحظور والمحرَّم أبدًا، ويمكن أن تتشعب هذه المسألة إلى فرعين اثنين، أولهما الدعاء للكافر الميت والثاني الدعاء للكافر الحي، وفيما يأتي تفصيل في كلِّ واحدة منهما:

هل يجوز الدعاء للكافر الميت

لا خلاف بين أهل العلم في أنَّه لو مات أحد من اليهود أو النصارى أو غيرهم على الشرك فلا يجوز الترحم عليه أو الدعاء له بالمغفرة أو الرحمة أو غيرها أبدًا، لأنَّ الله -سبحانه وتعالى- حكم عليه بالخلود في النار والدعاء بالمغفرة والرحمة هو طلب لتغيير قضاء سابق لا يُبدل، قال تعالى في سورة التوبة: “مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”[2] أمَّا دليل دخول الكافر الميت إلى النار فقد جاء في صحيح الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ”[3] والله تعالى أعلم.[4]

هل يجوز الدعاء للكافر الحي

لا يحلُّ للمسلم أن يدعو للكافر أي دعاء غير الهداية، فالأصل في الشريعة الإسلامية أنَّه يجوز للمسلم أن يدعو للكافر بالهداية والدلائل على هذا الحكم كثيرة في السنة النبوية الصحيحة، فقد جاء عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه دعا لأم أبي هريرة -رضي الله عنه- بالهداية إلى الإسلام وقد كانت مشركة، قال: “اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ..”[5] وثبت أيضًا أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يدعو لليهود بالهداية، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنَّه قال: “كانَ اليَهودُ يتعاطسونَ عندَ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- يرجونَ أن يقولَ لَهم يرحمُكمُ اللَّهُ، فيقولُ: يَهديكمُ اللَّهُ ويصلحُ بالَكم”[6] والله تعالى أعلم.[1]

اقرأ أيضًا: الدعاء للميت من الكتاب والسنة

حكم الدعاء للكافر بالأمور الدنيوية

إنَّ حكم الدعاء للكافر بالأمور الدنيوية من الأحكام التي اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من حرَّم الدعاء للكافر بالأمور الدنيوية كالرزق والولد وطول العمر، ومنهم من أجاز هذا الدعاء، والإباحة أصح لأنَّ في جواز الدعاء للكافر في الأمور الدنيوية دليل صريح، وهو حديث حسن يُستند إليه أورده الإمام الألباني، وجاء فيه: “عن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجُهنيِّ أنَّهُ مرَّ برجلٍ هيئتُه هيأةُ مُسلِمٍ، فسلَّمَ فردَّ عليهِ: وعليكَ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، فقال لهُ الغلامُ: إنَّهُ نَصرانيٌّ! فقام عُقبةُ فتَبِعَه حتَّى أدركَهُ، فقال: إنَّ رحمةَ اللهِ وبرَكاتُه علَى المؤمِنينَ، لكِن أطالَ اللهُ حياتَكَ، وأكثرَ مالَكَ وولدَكَ”[7] والدلالة هنا صريحة، يجوز الدعاء للكافر بالأمور الدنيوية ولا يجوز الدعاء له بالرحمة أو المغفرة، والله تعالى أعلم.[1]

اقرأ أيضًا: الدعاء على الظالم بالهلاك وهل يجوز الدعاء عليه

حكم الدعاء للوالدين غير المسلمين

إذا كان الوالدان كافرين فإنَّهما يعاملا معاملة المشركين من حيث الدعاء من عدمه، حيث يحلُّ للابن أن يدعو لوالديه المشركين بالهداية إلى الإسلام والطاعة، ويُحرَّم عليه أن يدعو لهما بالمغفرة والرحمة، والأدلة في هذا كثيرة، وإذا توفي الوالدان على الشرك فلا يجوز للابن أن يدعو لهما بالمغفرة والرحمة أبدًا، فعن الإمام النووي -رحمه الله- أنَّه قال: “وَأَمَّا الصَّلاةُ عَلَى الْكَافِرِ، وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ، فَحَرَامٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالإِجْمَاعِ”، وهذا ما لا خلاف فيه في الإسلام أبدًا، والله تعالى أعلم.[8]

اقرأ أيضًا: افضل الدعاء المستجاب

هكذا نكون قد بيَّنا المهم المفيد في مسألة الدعاء للكافر وأجبنا إجابة شافية كافية عن السؤال القائل: هل يجوز الدعاء للكافر الميت والحي ام لا حتَّى يكون المسلمون جميعًا على علم ومعرفة بهذا الحكم الشرعي المهم.