هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟

هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟
هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟

هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟ ، وما هي المسافة التي أباح الله -سبحانه وتعالى- بها الجمع والقصر في الصّلاة، هذه أسئلةٌ هامّة في باب صفة صلاة السّفر في الفقه الإسلاميّ، ومن أجل ذلك أفردنا هذا المقال من أجل الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها.

المسافة التي يجوز قصر الصلاة هي

لقد شرّع الدِّين الإسلاميِّ للمسلم أن يقصر صلاته ويجمعها في بعض الظُّروف، ومنها إن كان على سفر وفق شروط حدّدها الشّرع، فقد قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}،[1] فالمسافة التي يجوز قصر الصلاة فيها مختلفٌ فيها عاى قولين اثنين، هما كالآتي:[2]

  • القول الأول:فقد اتّفق عليه أهل السُّنة والجماعة وعلماء الفقه من شافعيّة ومالكية وحنابلة وبعض فقهاء المذهب الحنفي، أنّ مسافة قصر الصّلاة هي أربعة برد أي ثمانٍ وثمانين كيلو مترا، ولقد استدلّ من ذهب هذا المذهب بقول عبدالله ابن عباس -رضي الله عنه- في الحديث: “يا أهلَ مَكَّةَ، لا تَقْصُروا في أقلَّ مِن أربعةِ بُرُديا أهلَ مَكَّةَ، لا تَقْصُروا في أقلَّ مِن أربعةِ بُرُد، وذلِك مِن مَكَّةَ إلى الطَّائفِ وعُسْفَانَ”.
  • القول الثّاني: ولقد ذهب بعض الحنابلة وابن عثيمين والألباني إلى القول برأي آخر وهو أنّ القَصرَ يجوزُ في أيِّ سَفرٍ كان طالما سُمَّى سَفرًا وسواءً كان هذا السّفر طويلًا أمْ قصيرًا فلا حَدَّ له، وقد استدل من ذهب هذا المذهب بقوله تعالى في سورة النساء: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام

هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟

إنّ الدين الإسلاميِّ هو دين يسر لا دين عسر، وقد أنزل الله -سبحانه وتعالى- العديد من الرُّخص كي يكون العبد قادرًا على الإتيان بفرائض الله -تعالى- وعزائمه، ومن بين تلك الفرائض التي شرعها الله -تعالى- كانت فريضة الصّلاة، وقد أباح سبحانه وتعالى أن تقصر هذه الصّلاة أو تجمع بشرط وهو السّفر، وعلى هذا لا يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر، فجواز القصر مشترطًا له الضرب في الأرض أي السّير والضّرب فيها، وقد قال ابن قدامة في المغني: “وجملته أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره, وبهذا قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين”.

شاهد أيضًا: حكم قصر الصلاة للمسافر

كيفية صلاة القصر

بعد الإجابة عن سؤال هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟، لا بدّ من الإشارة إلى كيفية صلاة القصر، وهي تكون بأن يصلّي المسلم الصلوات الرباعيّة التي اكتتبها الله -تعالى- عليه ركعتَين اثنتين تشبها ركعتي صلاة الفجر، والصلوات الرّباعية التي تقصر هي صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة العصر، في حين لا يمكن القصر في صلاتَي الفجر أو المغرب، وكانت هذه رخصةٌ من الله -تعالى- بموجب قوله الكريم في سورة النّساء: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا}،[1] وقد استند من تحدّث بهيئة صلاة القصر إلى الحديث الذي رواه أبو جُحيفة رضي الله عنه، حيث قال: “سَمِعْتُ أبِي: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى بهِمْ بالبَطْحَاءِ وبيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، والعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بيْنَ يَدَيْهِ المَرْأَةُ والحِمَارُ”.[4][5]

شاهد أيضًا: الجمع والقصر للمسافر كم يوم

الجمع والقصر للمسافر أكثر من ثلاث أيام

بعد أن تحدثنا عن جواز الجمع والقصر الذي أباحه الله -تعالى- في الصلوات أثناء السّفر، ولكن كان هناك بعض الاختلافات ما بين الفقهاء لمدّة السفر التي يمكن فيها إباحة الجمع والقصر وجوازهما، وقد استدّل كلُّ فقيهٍ وإمام مذهب بقوله بحديث أو تصرُّفٍ عُلم عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام، ومن تلك الأقوال ما يأتي:[6]

  • المذهب الحنفي: لقد قال أئمة المذهب الحنفي بأنّ مدة السفر المبيحة للجمع والقصر في الصّلاة هي خمسة عشر يومًا، أما إذا نوى المسافر الإقامة في المكان الذي سافر إليه أكثر من تلك المدة فلا يجوز له أن يجمع أو يقصر في الصّلاة.
  • المذهب الحنبلي: قال الإمام أحمد بن حنبل إلى أنّه يجوز للمسافر أن يجمع ويقصر في صلاته حتّى إن نوى مدة الإقامة أربعة أيام، ولكن إن زاد على ذلك فلا تدخل هذه المادة في حكم المسافر الذي يباح له الجمع والقصر
  • المذهب الشافعي والمالكي: لقد حدّد أئمة المذهب المالكي والشّافعي مدة السفر  التي يجوز فيها الجمع والقصر في الصّلاة هي أربعة أيام فقط، أما في حال نية المسافر الإقامة أربعة أيام فيتوجب عليه حينذاك أن يتمّ الصلاة.
  • شيخ الإسلام ابن تيمية: لم يحدد شيخ الإسلام ابن تيمية مدّة السفر من أجل إباحة القصر والجمع، فقال بأنّه ييمكن للمسافر أن يقصر في صلاته ويجمعها مهما كانت المدّة حتّى وإن زادت عن خمسة عشر يومًا إلّا إن نوى الإقامة في بلد السّفر، واستند بهذا إلى أنّه لم يرد في تلك في القرآن الكريم أو السّنة النّبوية شيئًا عن ذكر المدة، وقال أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عندما سافر إلى تبوك مدّة عشرن يومًا كان يقصر الصّلاة رغم امتداد الفترة لعشرين يومًا.

في نهاية مقال هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟، تبيّن أنّه لا يجوز القصر والجمع في المنزل فمجرد النّية في السفر لا تبيح القصر والجمع، وقد ألقينا الضّوء على المدّة التي يمكن بها الجمع والقصر، مع طرح الأدلة التي تبيح هذه الأمور.

المراجع

[1]سورة النساءالآية 101
[4]صحيح البخاريالبخاري، وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة، 495، صحيح.