هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام

هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام

هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام من المسائل الفقهيّة التي يتوجب على كافة المسلمين معرفتها وتعلمها، وذلك لأنّها من الرُّخص التي منحها الله -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين، ومن أجل ذلك أفردنا هذا المقال للحديث عن هل يجوز الجمع والقصر في السفر، مع إلقاء الضّوء على بعض الأحكام المتعلقة بالجمع والقصر.

مشروعية الجمع والقصر في الصلاة

يعدُّ الجمع والقصر من الأحكام الخاصّة بالصلاة والتي يكثر السؤال والجدل عنها، وسبب هذا الجدل هو كثرة الاختلافات ما بين العلماء في هذين الحكمين وبما يتعلق فيهما من أمور، ومن ذلك اختلافهم في تحديد المدة المجيزة للقصر والجمع، أو في تحديد الأعذار لكل من الجمع والقصر، وقد جاءت مشروعيّة الجمع والقصر في النُّصوص الشرعية من القرآن والسُّنة، فحكم القصر جاء في قوله -تعالى- بسورة النِّساء: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}.[1][2]

وهناك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي جاءت لتبيِّن أنّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- كان يقصر ويجمع الصلاة في سفره، وومشروعيّة الجمع جاءت في حديثٍ رواه ابن عباس، فقد قال أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “جَمع رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بالمَدِينَةِ، في غيرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ”.[3][2]

شاهد أيضًا: الجمع والقصر للمسافر كم يوم

هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام

لقد جاءت الآيات والأحاديث لتثبت جواز الجمع والقصر في الصلوات أثناء السّفر، ولكن كان الاختلاف بين الأئمة الأربعة والفقهاء بالنسبة لمدّة السفر التي يمكن فيها إباحة الجمع والقصر، وقد استند كلُّ فقيهٍ وإمام مذهب بقوله إلى حديث أو تصرُّفٍ أُثر عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام، ومن تلك الأقوال ما يأتي:[4]

  • المذهب الحنفي: لقد قيّد أئمة المذهب الحنفي مدة السفر المبيحة للجمع والقصر في الصّلاة بمدة خمسة عشر يومًا، فإذا نوى المسافر الإقامة في البلد الذي سافر إليه أكثر من تلك المدة فليس له أن يجمع أو يقصر.
  • المذهب الشافعي والمالكي: حدّد أئمة المذهب المالكي والشّافعي مدة السفر  التي يجوز من خلالها الجمع والقصر في الصّلاة بأربعة أيام لا غير، فإذا نوى المسافر أن يقيم أربعة أيام فيتوجب عليه عند ذلك أن يتمّ الصلاة.
  • المذهب الحنبلي: فقد ذهب الإمام أحمد إلى أنّه يمكن للمسافر أن يقصر ويجمع في صلاته إذا نوى مدة الإقامة أربعة أيام، ولكن إن زاد على تلك المدة فلا يدخل في حكم المسافر الذي يباح له الجمع والقصر.
  • شيخ الإسلام ابن تيمية: لم يحدد ابن تيمية مدّة للسفر من أجل القصر والجمع، فقال بأنّضه يحقُّ للمسافر القصر والجمع مهما كانت المدّة حتّى لو زادت عن خمسة عشر يومًا ما لم ينوي الإقامة، وذلك لأنّه لم يرد في تلك المدّة شيءٌ من القرآن أو السّنة، وقد استند في قوله هذا إلى أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام سافر إلى تبوك مدّة عشرن يومًا وكان يقصر الصّلاة بهذا الوقت كله.

شاهد أيضًا: ما هي المسافة التي يجوز قصر الصلاة فيها

الفرق بين الجمع والقصر في الصلاة

وبعد أن تحدّثنا عن هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام ، وبيّنا آراء الفقهاء في هذا الأمر، كان لا بدّ من التّفريق ما بين مصطلحي الجمع والقصر، فالجمع والقصر من الأحكام المتعلقة بالصّلاة، فيجمعهما بعض الأمور المشتركة مثل الأعذار المبيحة لكل حكمٍ منهما، ولكن هناك بعض الفروقات ما بين الجمع والقصر في الصّلاة، حتّى وإن ارتبطا مع بعضهما في كتب الفقه، وسيرد فيما يأتي بعض الفروقات ما بين الجمع والقصر في الصّلاة :[5]

  • العذر: يرتبط الجمع والقصر بالأعذار التي حدّدها الشّرع، وأحد الفروق ما بين الجمع والقصر في العذر الموجوب لكل منها، وهو كالآتي:
    • الجمع: فباب الجمع هو أوسع من باب القصر في دائرة الأعذار، فيمكن الجمع في حال المرض أو الثلج أو غيره مما وضّحه الفقهاء.
    • القصر: أمّا القصر فعذره مرتبطٌ حصرًا في السّفر.
  • الحكم الشرعي: ويختلف حكم القصر عن حكم الجمع في الصّلاة في السّفر على الأوجه الآتية:
    • القصر: فالقصر عند جمهور العلماء سنّة مؤكدة في حين ذهب أهل المذهب الحنفي إلى وجوبه.
    • الجمع: ذهب جمهور العلماء إلى جواز الجمع في حال توفر العذر.
  • الصلوات الخمس:فتختلف كيفيّة الجمع في الصّلوات الخمسة عنه في القصر، وذلك على الأوجه الآتية:
    • الجمع: فالجمع يكون ما بين صلاتي الظهر والعصر معًا، أو بين المغرب والعشاء معًا، ويجدر بما الإشارة إلى أنّه لا يجوز جمع الفجر مع أي صلاةٍ أخرى.
    • القصر: في حين القصر يكون مقتصرًا على الصّلوات الرُّباعية ذات الأربع ركع، فلا يصح القصر إلا في صلوات العصر والظهر والعشاء.
  • التعريف بهما: يختلف الجمع والقصر من جهة التّعريف والذي يوضّح معنى كل حكم وهما كالآتي:
    • الجمع: هو أداء صلاتين من الصلوات التي فرضها الله -تعالى-في وقت إحداهما  وهناك نوعين للجمع جمع تأخير وجمع تقديم.
    • القصر: أما القصر فهو الاقتصار في الصلوات ذات الأربع ركع لتصبحا ركعتين فقط.

شاهد أيضًا: المسافة التي يجوز قصر الصلاة فيها وقت السفر

الأعذار المبيحة للجمع والقصر

يعدُّ العذر الذي يبيح كلًا من القصر والجمع والقصر، هو أحد تلك الجوانب في الفرق ما بين القصر والجمع في الصلاة، فالسّفر هو العذر الوحيد للقصر، أمّا الجمع فله العديد من الأعذار التي بينها الفقهاء، ولكن لم يتفق العلماء على جميع الأعذار، في حين أنّ هناك بعض الفقهاء قد قصر حكم الجمع على الوقوف بعرفة و المبيت بمزدلفة،[5] في حين وسّع البعض دائرة الأعذار التي تبيح الجمع لتشمل عدّة أمور بالإضافة لعذر السّفر هي كالآتي:[2]

  • المطر الغزير: فقد ثبت عن مجموعة من الصّحابة -رضوان الله عنهم- ومنهم ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهما- أنهم قد جمعوا الصّلوات في المطر، ولكن يجب أن يكون المطر شديدًا بحيث يصبح الخروج معه إلى المسجد شاقًّا وصعبًا.
  • المرض: وقد أجازوا للمريض الذي يتّصف مرضه بالشِّدة والذي يصعب عليه إقامة الصلوات كل واحدة في وقتها، بأن يجمع بين الصلوات على شرط أن يلتزم بشروط الجمع، ومن أجل هذا لا بدّ للمريض من أن يأخذ فتوة شرعية من دار الإفتاء وأهل العلم بإباحة الجمع له، فلا يجوز له الجمع عند أي مرض.

وبهذا يكون مقال هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام ، قد وصل إلى نهايته ليوضح أنّ الأئمة الأربعة والفقهاء قد اختلفوا في تحديد المدّة الواجبة للقصر والجمع، وقد وضّحنا الفرق ما بين الجمع والقصر، مع إلقاء الضّوء على بعض الأعذار المبيحة للقصر والجمع.

المراجع

  1. ^ النساء , آية 101
  2. ^ alukah.net , ملخص أحكام صلاة المسافر ( القصر والجمع ) و صلاة الخوف رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/59108/#ixzz6uvDPjxeA , 15-05-2021
  3. ^ صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عباس، 705، صحيح
  4. ^ islamweb.net , اختلاف أقوال العلماء في مدة الجمع والقصر. , 15-05-2021
  5. ^ islamqa.info , الفرق بين الجمع والقصر , 15-05-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *