ما هو حكم الوقوف بعرفة وأهم الأحكام المتعلقة بصوم يوم عرفة

ما هو حكم الوقوف بعرفة

ما هو حكم الوقوف بعرفة ؟ يوم عرفة وهو يوم من أعظم أيام الله سبحانه وتعالى،  فهو يوم تجاب فيه دعوات العباد، وتغفر فيه الزلات، ويباهي الله بعباده ملائكته وأهل السماوات، ويوم عرفة هو يوم إتمام كمال النعمة على المسلمين، ويوم إكمال الدين، فقال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، فقد نزلت الأية الكريمة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو قائم بعرفة، فما أجله من يوم، وهو يوم مغفرة الذنوب، وما أعظمه من موقف، وفيه المباهاة بأهل الموقف والعتق من النيران، وقد جعل الله هذا اليوم كالمقدمة ليوم النحر، وتكون فيه المغفرة والتوبة والوقوف والتضرع، تكون في يوم النحر الوفادة والزيارة، فبعد أن يطهر الحجاج من معاصيهم وذنوبهم عشية يوم عرفة، يأذن لهم المولى تبارك وتعالى يوم النحر في الدخول إلى بيته وزيارته، فيوم عرفة كالطهور بين يدي يوم النحر.[1]

حكم الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة ركن أساسي من أركان الحج، ومن فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج، فلا يصح الحج إلا به، قال الله تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)، والدليل قوله تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ)، فيدل على أن الوقوف بعرفة أمر مسلم به، وأمر لا بد منه، الوقوف بالمزدلفة إنما يكون بعد الوقوف بعرفة .
أما الدليل من السنة النبوية فعن عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه أفضل السلام وأتم التسليم قال: (الحجُّ عَرَفةُ)، رواه الترمذي، وعن عروة بن مضرس الطائي رضي الله عنه وأرضاه قال: (أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُزْدَلِفةِ حين خرج إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جئتُ مِن جبلِ طَيِّئٍ، أكلَلْتُ راحلتي، وأتعَبْتُ نفسي، واللهِ ما تركْتُ مِن جبلٍ إلا وقفْتُ عليه، فهل لي مِنْ حَجٍّ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه، ووقف معنا حتى نَدْفَعَ، وقد وقف بعَرَفةَ قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه).[2]

اقرأ أيضًا: ما هو الوقت المستحب للوقوف بعرفة

فضائل يوم عرفة

أن صيامه يكفر ذنوب سنتين

فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله عليه أفضل السلام وأتم التسليم، عندما سئل عن صوم يوم عرفة قال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)، رواه مسلم، وهذا الأمر مستحب لغير الحاج، فلا يسن للحاج صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، ونهى عن صوم يوم عرفة على جبل عرفة ، وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه.

إنه يوم من الأيام التي أقسم الله بها

فالرب العظيم لا يقسم إلا بشيء عظيم، فهو اليوم المشهود ورد في قوله تعالى : (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ )، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة ، والشاهد : يوم الجمعة) رواه الترمذي وحسنه الألباني، كما أن يوم عرفة هو الوتر الذي أقسم به الله عز وجل في قوله: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)، قال ابن عباس: والوتر يوم عرفة و الشفع يوم الأضحى.

أنه اليوم الذي أخذ فيه الله تعالى الميثاق على ذرية آدم

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أن رسول الله عليه أفضل السلام وأتم التسليم قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يقصد عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، فقال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)، فما أعظمه من ميثاق، وما أعظمه من يوم .

إنه يوم إتمام النعمة وإكمال الدين

قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الآية الكريمة : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

أنه يوم العتق من النار ومغفرة الذنوب والمباهاة بأهل الموقف

ففي صحيح مسلم ورد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني.[3]

اقرأ أيضًا: من فضائل صيام يوم عرفة أن صيامه يكفر

الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة يوم عرفة

فيما يلي مجموعة من الاسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة في يوم عرفة:

  • حفظ الجوارح عن المعاصي والمحرمات في ذلك اليوم المبارك: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي محمد صلى الله عليه وسلم من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له) رواه أحمد.
  • الإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير في هذا اليوم المبارك: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل …) رواه مسلم.
  • الإكثار من الدعاء بالعتق من النار والمغفرة في هذا اليوم، فإنه يوم يرجى فيه إجابة الدعاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي وحسنه الألباني، فعلى المسلم أن يتفرغ للدعاء والاستغفار والذكر في مثل هذا اليوم العظيم، وليدع لنفسه ولأهله ووالديه والمسلمين، ولا يتعدى في عدائه مع أحد، ولا يستبطئ إجابة الدعاء، ويلح في الدعاء، فطوبى لملسلم عرف فقه الدعاء في يوم الدعاء، وإذا صام  العبد هذا اليوم ودعا ربه عند الإفطار فما أحرى القبول، وما أقرب الاجابة فإن دعاء الصائم لا يرد .
    وذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله، ( في مناسك الحج والعمرة ) فقال : ” وليتجنب أكل الحرام فإنه من أكبر موانع الإجابة، ففي ‏(‏صحيح مسلم‏)‏ من حديث أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قال : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا‏.‏‏.‏‏.‏ الحديث) ،وفيه ‏(‏ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبر يمد يديه إلى السماء‏:‏ يا رب يا رب ومطعمهُ حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام فأنى يُستجاب لذلك‏) .
  • التحذير من الذنوب التي تمنع المغفرة في يوم عرفة، كالإصرار على الذنوب والكبائر والاختيال والكذب والغيبة والنميمة وغيرها، إذ كيف يطمع العبد في العتق من النار وهو مصر على الذنوب والكبائر، وكيف يرجو المغفرة وهو يجاهر ويبارز الله بالمعاصي في مثل هذا اليوم العظيم.
  • ومن آداب الدعاء المستجاب في هذا اليوم العظيم، وأن يقف المسلم رافعًا يديه ومستقبلًا القبلة، متضرعًا إلى الله ربه معترفًا بتقصيره في حقه، ويكون عازمًا على التوبة النصوح الصادقة.[3]

أحكام متعلقة بصوم يوم عرفة

صيام يوم قبل يوم عرفة

صوم يوم عرفة مشروع لغير من تلبس بالحج، فإذا أراد المسلم أن يصوم يومًا قبله فلا بأس عليه، وإن صام العبد الأيام التسعة من أول ذي الحجة فحسن ذلك، لأنها أيام شريفة مباركة يستحب صومها، لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم 🙁 “ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر” قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم  ولا الجهاد في سبيل الله، قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء” رواه البخاري.

حكم من صام يوم عرفة بقصد التطوع وعليه أيام من رمضان

من صام يوم عليه أيام من رمضان بقصد التطوع فصيامه صحيح، والمشروع للمسلم أن لا يؤخر القضاء، لأن نفسه بيد الله ولا يدري متى يأتيه أجله، ولو صام يوم عرفة وقضاء عن بعض أيام رمضان، فذلك أولى من صيامه تطوعًا؛ لأن الفرض يقدم على النافلة، وهو أولى بالعناية.

حكم صيام يوم الجمعة إن وافق يوم عرفة

صوم يوم عرفة مشروع إذا صادف يوم الجمعة، ولو كان بدون صوم يوم قبله، لما ثبت عن النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم من حث العباد على صومه وبيان عظيم ثوابه وفضله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( “يوم عرفة يكفر سنتين: ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية”) رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وهذا الحديث مخصص لعموم حديث: “لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا من يصوم يوماً قبله أو بعده”، رواه البخاري ومسلم، فيكون تعميم النهي محمولاً على إذا ما أفرده المسلم بالصوم، لكونه يوم جمعة مبارك، أما من صامه لأمر آخر رغب فيه وحث عليه الشرع  فليس بممنوع، بل وأفراده بالصوم يكون مشرع، لكن إن صام يومًا قبله كان ذلك أولى لما فيه من الاحتياط بالعمل بالحديثين، ولزيادة الأجر.

حكم الوقوف بعرفة، هو ركن أساسي من أركان الحج المبرور، فلا حج بدون وقوف في عرفة، وهو يوم خصه الله تعالى للرحمة والمغفرة، ومباهاة الملائكة بالعباد الصالحين الأنقياء بعد أن طهرهم من الخطايا والذنوب، ولبركة هذا العظيم، يحرص  المسلمين من غير الحجاج على صيامه وتكثيف الدعاء فيه، وتجنب المعاصي والمنكرات، والمداومة على الذكر والشكر على تمام الدين والنعمة.

المراجع

  1. ^ alukah.net , أحكام يوم عرفة , 21/4/2021
  2. ^ dorar.net , حُكمُ الوقوفِ بعَرَفةَ , 21/4/2021
  3. ^ saaid.net , وقفات ومسائل حول يوم عرفة , 21/4/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *