حكم الحجامة للصائم في رمضان

حكم الحجامة للصائم في رمضان
حكم الحجامة للصائم

حكم الحجامة للصائم في رمضان موضوعٌ يهمّ كلّ مسلمٍ يتّبع سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فسنّة رسول الله اشتملت على كلّ ماهو نافعٌ وفي صالح المسلم. كما أنّها لم تقتصر على شرح الأوامر الرّبّانيّة وبيانها، بل إنّها احتوت على بعض العلاجات والحلول الشّافية للكثير من الأمراض والأسقام الّتي يمكن أن تصيب المسلم خلال حياته. ويهتمّ موقع محتويات بإخبارنا بحكم الحجامة خلال شهر رمضان وأثناء الصّيام. كما يساعدنا على معرفة فوائد الحجامة. و كذلك بيان أفضل أوقاتها خلال الشّهر الفضيل.

مفهوم الحجامة

الحجامة هي إحدى أنواع الطّبّ النّبويّ، وهي عبارةٌ عن عمليّةٍ يتمّ بها إخراج الدّم الفاسد من جسد الإنسان بطريقةٍ خاصّة. حيث يتخلّص بواسطتها الإنسان من العديد من الأمراض، وتختلف الحجامة عن الفصد في الطّبّ النّبويّ حسب قول ابن القيّم -رحمه الله تعالى- بأنّ الحجامة يتمّ بها تنقية جسد الإنسان سطحيّاً. بينما الفصد يُعمل به لتنظيف أعماق الجسد وتنقيته من الأسقام والعلل والسّموم وغيرها، عرفها العرب والغيرهم من الأمم كالفراعنة القدماء، وقد أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمّته بالحجامة. و كذلك صحّت عنه الكثير من الأحاديث الّتي تحدّث بها عن الحجامة وفوائدها والتّرغيب بها. ومنها:[1]

  • ما رواه عبدالله بن عبّاسٍ رضي الله عنه. عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “الشِّفاءُ في ثلاثٍ : شربةِ عسلٍ ، وشرطةِ مِحجمٍ ، وَكَيَّةٍ بنارٍ ، وأنهى أمَّتي عنِ الكيِّ رفعَهُ”.[2]
  • كذلك روى ابن عباس رضي الله عنه فقال: ” أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ وَاسْتَعَطَ”.[3]
  • بذلك فينبغي على المسلم أن يتّبع الطّبّ النّبويّ فهو أصل الطّب الحديث وأساسه، والله أعلم.

شاهد أيضًا: ما هي أفضل أيام الحجامة

حكم الحجامة للصائم

رغّب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالحجامة، لما فيها من فوائد عظيمةً للبدن والجسد، فهي علاجٌ من الطّبّ النّبويّ للكثير من أمراض البدن وأسقامه، وحكمها العامّ بأنّها سنّةٌ عن النّبيّ، فالنّبي -عليه الصّلاة والسّلام- كان يحتجم أحياناً، لمن ما حكم الحجامة للصّائم في شهر رمضان المبارك أو في غير رمضان ؟ وحسب ما نُقل عن أهل العلم فقد اختلفوا في حكم الحجامة للصائم، وظهر في المسألة قولان مختلفان هما:[4]

  • القول الأوّل هو قول المذهب الشّافعي ّوالمذهب المالكيّ والمذهب الحنفيّ، والّذي يفيد بأنّ الحجامة لا تفسد الصّيام، حيث استندوا بقولهم على بعض الأحاديث النّبويّة منها ما رُوي عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ، واحْتَجَمَ وهو صَائِمٌ”.[5]
  • القول الثّاني وهو ما ذهب إليه فقهاء وعلماء المذهب الحنبليّ، حيث أفتوا بعدم جواز الحجامة للصّائم لأنّها تُفسد صيامه، واعتمد المذهب بقوله هذا على الحديث النّبويّ الشّريف: “أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ”.[6]
  • كما احتجّوا بهذا القول على أنّ الحجامة من النّاحية الطّبيّة فإنّها تسبّب تعباً شديداً وضعفاً للجسد، ممّا يؤدّي ويوجب التّغذية من الطّعام والشّراب، لكن في الغالب أنّ الحديث الّذي يعتمده المذهب الحنبليّ هو من الأحاديث الّتي نُسخت أحكامها ، وإنّ الأصح بين الأقوال هو ما اعتمده جمهور العلماء وهو القول الأوّل والله أعلم.

مشروعية الحجامة في الإسلام

الحجامة من أنواع العلاج الّتي نبّه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على فوائدها للأبدان، ورغّب بها من كان يعاني من المرض والسّقم واللعلل في بدنه، فهي من المباحات في الإسلام، وقد عرفها العرب قبل الإسلام، كما عرفتها الأمم السّابقة، وأصضحاب الثّقافات الأخرى، فلم يحرّمها الإسلام عندما انتشر، وذلك لأنّ فيها نفعاً وفائدةً وخيراً للنّاس، لكنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يذكر أيّ شيءٍ يدلّ على أنّ في الحجامة تعبّدٌ لله تعالى، أيّ إشارةٍ على كتابة أجرٍ مخصوصٍ لمن يحتجم.

كذلك لم يرد فيها عقوبةٌ لمن تركها واتّبع أساليب علاجٍ حديثة، فليس في الحجامة خاصةٌ إسلاميّةٌ، فالإنسان يجتجم إن احتاج لهذه العمليّة، وذلك عند إصابته بالمرض أو العلّة، أمّا إن لم يحتج إليها فليس عليه ذلك، كما أنّه لم يثبت ولم يصحّ عن رسول الله أنّه كان يحتجم دون حاجةٍ أو ضرورة، بل كان إن أصابه مرضٌ -عليه الصّلاة والسّلام- احتجم للشّفاء، وحسب ما جاء عن العلماء فالحجامة هي مندوبةٌ ومستحبّة في وقت حاجتها والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: حكم زينة رمضان ابن باز

فوائد الحجامة

بعد أن يعرف المسلم حكم الحجامة للصائم فلابدّ له من معرفة فوائد الحجامة وفضائلها. فالحجامة مأخوذةٌ من الحجم أي المص. وتعرف الحجامة شرعاً على أنّها إخراج الدّم من القفا بالمص أو من سائر البدن عند بعض العلماء. و كذلك هي استخراج الدّم من الجسد بامتصاصه بآلةٍ مناسبة. كما تعرف الحجامة منذ القدم عند الكثير من الأمم. وقد حثّ عليها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الكثير من الأحاديث الشّريفة. وللحجامة فوائد كبيرة وخصائص كثيرة في علاج الأمراض. ومن بعض فوائدها:[8]

  • أن الحجامة تساهم في علاج أمراض الدّورة الدّمويّة.
  • الحجامة تساعد في علاج مرض ضغط الدّم، وأمراض القلب.
  • تخفّف الحجامة من صداع الرّأس وألم العيون.
  • تعالج الحجامة آلام الرّقبة والبطن،  والروماتيزم في العضلات.
  • تخفّف الآلام في الكثير من المواضع والأمراض، وليس لها أيّة أعراضٍ جانبيّة.
  • علاج بعض الأمراض النّسائيّة.
  • علاج حبوب الشّباب.
  • التّخفيف من احتقان الشّعب الهوائيّة بسبب الرّبو.
  • علاج شلل نصف الوجه.
  • مفيدةٌ لآلام الظّهر والتهاب فقرات العمود الفقريّ.

شاهد أيضًا: فوائد الحجامة في الرأس وطريقة عملها

أفضل وقت للحجامة في رمضان

يتساءل المسلمون بعد حلول شهر رمضان عن حكم الحجامة للصائم . حيث أنّ جمهور العلماء قد اتّفقوا على أنّ الحجامة ليست من مفسدات الصّيام. كذلك يتساءلون ما هو افضل وقتٍ الحجامة في رمضان، وقد كان لأهل العلم أكثر من رأيٍ في ذلك،  فرأى الأئمّة الأربعة أبو حنيفة والشّافعي ومالك أنّ الحجامة لا تفطر الصائم.  واحتجّوا بذلك أنّ النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- احتجم وهو صائم. ورأى الإمام أحمد أنّها تفطر لما روي عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه رافع بن خديج.

والرّاجح في القول هو قول جمهور العلماء،  فالعلماء الذين قالوا بأنّها تفطر بسبب مصّ الحاجة للدّم الذي قد يتسبب في وصوله لحلقه. فيفسد بذلك صيامه. والمحتجم تضعف نفسه وتضطّرّه للفطر،  فالأفضل أن يؤخّر وقت الحجامة إلى الليل بعد انقضاء وقت الصّيام، فذلك أكفل لتمام صحّة الصّيام وكماله والله ورسوله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: افضل وقت للحجامة للرجال وتنبيهات هامة 

حكم الحجامة للصائم في رمضان موضوعٌ مهمّ على المسلمين أن يعرفوه عند بداية شهر رمضان المبارك، وقد تناول هذا المقال في سطوره تعريفاً عن مفهوم الحجامة ومعناها،  مبيّناً حكمها للصّائم في رمضان وغيره،  قد بيّن مشروعية الحجامة في الإسلام وكيف أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حثّ عليها، وقد عدّد المقال فوائد الحجامة وختم ببيان أفضل وقتٍ للحجامة في رمضان، فمن الأفضل تأخيرها للّيل.

المراجع

[2]صحيح ابن ماجهالألباني/عبدالله بن عباس/2829/صحيح
[3]صحيح مسلممسلم/عبدالله بن عباس/1202/صحيح
[5]صحيح البخاريالبخاري/عبدالله بن عباس/1938/صحيح
[6]صحيح ابن ماجهالألباني/ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم/1371/صحيح