من ثمار بر الوالدين

من ثمار بر الوالدين

من ثمار بر الوالدين ، هو عنوان هذا المقال، ومعلومٌ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أمر بطاعةِ الوالدينِ، وجعل ذلك مقرونًا بطاعته، ورتب على ذلك فضلًا عظيمًا، ومعلومٌ أنَّ لبرِّ الوالدينِ ثمارًا عظيمة تظهر في حياة المسلم قبل مماته، فما هذه الثمارِ؟ وما معنى يُنسأ له في أثره؟ وكيف يتمُّ التوفيق بينه وبين قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}، وهل يقتصر برُّ الوالدين في حياتهما؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال.

من ثمار بر الوالدين

أوجب الله -عزَّ وجلَّ- على المسلمينَ قرن برَّهما في طاعته، حيث قال الله تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}،[1] ولهذه العبادة الجليلة ثمارٌ في الدنيا والآخرة، وسيتم في هذه الفقرة بيان ذلك، وفيما يأتي ذلك:

شاهد أيضًا: من ثمرات بر الوالدين في الآخرة

من ثمار بر الوالدين في الدنيا

إنَّ المسلمَ يحصد ثمارَ برِّ الوالدينِ في الحياةِ الدنيا قبل الآخرة، حيث أنَّ من ثمارِ البرِّ في الدنيا، أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يباركُ له في رزقه ويُطيل في عمره، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”،[2] كما أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يرفع للبارِّ شأنه، ويطيِّب ذكره بين النَّاس.[3]

شاهد أيضًا: كيف نحقق الطاعه للرسول في الصلاه وبر الوالدين

من ثمار بر الوالدين في الآخرة

لم يقتصر فضلَ وثمار برِّ الوالدينِ في الدنيا، بل حتَّى أنَّ لبرِّ الوالدينِ ثمارًا في الآخرةِ، حيث أنَّ البرَّ يكفِّر الخطايا والذنوب، ويزيد من الحسناتِ، وسبب في نيل المسلمِ لرضا ربه، والفوزَ بجنته، وقد ورد في السنة النبوية المطهرة عددٌ من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبيِّن فضلَ وثمارَ برَّ الوالدينِ،[4] وفيما يأتي ذكر بعضها:

  • رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّه قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ في الجِهَادِ، فَقَالَ: أحَيٌّ والِدَاكَ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ”.[5]
  • رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّه قال: “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ”.[6]
  • رُوي عن معاوية بن جاهمة -رضي الله عنه- أنَّه قال: “أنَّ جاهِمةَ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ ؟ فقالَ: هل لَكَ مِن أمٍّ ؟ قالَ: نعَم ، قالَ : فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها”.[7]

شاهد أيضًا: من صور البر بالوالدين إذا وجدناهما على معصية أن

معنى أن يُنسأ له في أثره

تمَّ في الفقرةِ الأولى من هذا المقال بيان أنَّ من ثمار بر الوالدين في الدنيا أنَّ الله ينسأ للبارِّ في أثر، فما معنى ذلك؟ وكيف يتمُّ التوفيق بينه وبين قول الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}،[8] وفيما يأتي بيان ذلك:[9]

  • معنى يُنسأ له في أثره: أي أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يؤخرُّ له في أجله.
  • التوفيق بين معنى الحديث والآية الكريمة: تعددت آراء العلماءِ في ذلك، وفيما يأتي ذكرها:
    • أنَّ الزيادة تكون بالبركةِ في عمره، فيُصانُ عمره عن الضياعِ فيما لا ينفعه، فيرزقه الله توفيقًا في الطاعاتِ ويعمِّر أوقاته بما ينفعه في الدنيا.
    • أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يكتب في اللوح المحفوظ، الذي تطلع عليه الملائكة بأنَّ عمر فلانٍ ستون عامًا، إلَّا أن يصل رحمه، فإن وصلهم زيد على هذا العمر أربعون عامًا، وبذلك يكون في علمِ الله لا زيادة على عمره، بينما في علم المخلوقين قد زيد في عمره.
    • أنَّ المراد من الحديث الشريف هو بقاء ذكره بعد الوفاةِ وكأنَّه لم يمت.

شاهد أيضًا: كيف أتجنب عقوق الوالدين

هل يقتصر بر الوالدين في حياتهما

إنَّ برَّ الوالدينِ لا يقتصرُ في حال حياتهما، بل يُمكن للمسلمِ أن يكون بارًا بوالديه حتى بعد وفاتهما، وفي هذه الفقرة من مقال من ثمار بر الوالدين، بيان كيفية برِّ الوالدينِ بعد وفاتهما، وفيما يأتي ذلك:

  • الصلاة عليهما: إنَّ من وجوه البرِّ بعد وفاةِ الوالدينِ أن يُصلِّي المسلم على والديهِ صلاةَ الجنازة.
  • الدعاء لهما: فيدعوا لهما بالرحمة ودخول الجنة، وأن يرزقها الله الفردوس الأعلى من غير حسابٍ ولا سابقةِ عذاب.
  • الاستغفار لهما: فيطلب المسلم من ربه بأن يغفر ذنوب والديه.
  • إكرام أصدقائهم: وكذلك من وجوه برِّ الوالدينِ بعد وفاتهما إحسان المسلم لأصدقاء وأقارب الوالدينِ، وزيارتهم.

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّ فيه بيان ثمار بر الوالدين في الدنيا والآخرة، مع ذكر الأدلة الشرعية من السنة النبوية المطهرة، كما تمَّ بيان المراد من حديث رسول الله والذي قال فيه: يُنسأ له في أثر والتوفيق بينه وبين قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}، وفي ختام هذا المقال، تمَّ بيان أنَّ البرَّ لا يكون مقتصرًا في حياة الوالدينِ، بل يُمكن استمرار البرِّ حتى بعد وفاتهما.

المراجع

  1. ^ الإسراء: 23
  2. ^ صحيح البخاري، البخاري، أنس بن مالك، 2067، حديث صحيح
  3. ^ alukah.net , فضائل بر الوالدين , 27/9/2021
  4. ^ al-eman.com , ثمرات بر الوالدين , 27/9/2021
  5. ^ صحيح البخاري، البخاري، عبدالله بن عمرو، 3004، حديث صحيح
  6. ^ صحيح البخاري، البخاري، عبدالله بن مسعود، 527، حديث صحيح
  7. ^ صحيح النسائي، الألباني، معاوية بن جاهمة السلمي، 3104، حديث صحيح
  8. ^ الأعراف: 34
  9. ^ alukah.net , فضائل بر الوالدين , 27/9/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *