هل يجوز ختم القرآن للميت

هل يجوز ختم القرآن للميت؟ سؤالٌ يهمُّ كلَّ مسلمٍ توفي له قريبٍ أو عزيز، ومن المعلوم أنَّ المسلم إذا مات ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٌ جارية وعلمٌ يُنتفع به، وولدٌ صالح يدعوا له، لكن لو قرأ المسلم القرآن الكريم وأهدى ثوابه لميتٍ هل يصله ويؤجر به؟ وما حكم الاستغفار والدعاء للميت، وهل هناك تعارض بين وصول الأعمال الصالحة للميت وبين قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}، كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال.

هل يجوز ختم القرآن للميت

اختلف الأئمة الأربعة في حكم قراءة القرآن الكريم وختمه وإهداء ثوابه للميت على أقوال وسيتمُّ في هذه الفقرة بيان هذه الأقوال وفيما يأتي ذلك:[1]

• القول الأول: جواز ختم القرآن الكريم عن الميت وإهداء الثواب له، وإلى ذلك ذهب فقهاء الحنفية والحنابلة.
• القول الثاني: كراهة قراءة القرآن عن الميت؛ حيث أنَّ الثواب لا يصله،، وإلى ذلك ذهب فقهاء المالكية، مع العلم إلى أنَّ المتأخرون منهم ذهبوا إلى الجواز، كما أنَّهم قالووا بوصول الأجر له.
• القول الثالث: وذهب فريقٌ من الشافعية إلى عدم وصول أجر قراءة القرآن الكريم وختمه للميت، وذهب فريقٌ آخر منهم إلى وصول ثواب قراءة القرآن الكريم عن الميت.

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على غير المسلم

هل يجوز الاستغفار عن الميت

يجوز للمسلم أن يستغفر لأخيه المسلم الميت، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.[2][3]

شاهد أيضًا: ما هو فضل الاستغفار ونتائجه كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية

هل يجوز الدعاء للميت

يجوز للمسلم أن يدعوا لأخيه المسلم بعد موته سواء أكان ذلك في صلاته أم خارج صلاته، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”،[4] كما أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شرع صلاة الجنازة، ومن المعلوم أنَّ الركعة الثالثة منها يتمُّ الدعاء فيها للميت، وهذا دليلٌ على وصول الدعاء للميت.[5]

شاهد أيضًا: الدعاء للميت من الكتاب والسنة

هل هناك تعارض بين وصول ثواب الأعمال الصالحة للميت وبين قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}

ليس هناك أيُّ تعارضٍ بين الآية الكريمة وبين وصول ثواب الأعمال الصالحة للميت، حيث أنَّ إهداء الأعمال الصالحة للميت تعدُّ من آثار سعيه في الدنيا، إذ أنَّه لو لم يكن رجلًا صالحًا لما استغفر له أقاربه وأهدوه الأعمال الصالحة بعد موته، كما أنَّ الفقهاء اختلفوا في هذه الآية على أقوال، وفيما يأتي ذكرها:[6]

• أنها منسوخة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ}،[7] فأدخل الآباء الجنة بصلاح الأبناء.
• أن ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل, فأما من باب الفضل فجائز أن يزيد الله تعالى ما شاء.
• أنه ليس له إلا سعيه غير أن الأسباب مختلفة, فتارة يكون سعيه في تحصيل الشيء بنفسه، وتارة يكون سعيه في تحصيل سببه, مثل سعيه في تحصيل قراءة ولد يترحم عليه, وصديق يستغفر له، وتارة يسعى في خدمة الدين والعبادة فيكتسب محبة أهل الدين فيكون ذلك سببًا حصل بسعيه.

شاهد أيضًا: من الأعمال التي يستمر أجرها بعد الموت

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام مقال هل يجوز ختم القرآن للميت والذي تمَّ فيه بيان اقوال الأئمة الأربعة في حكم غهداء القرآن الكريم للميت أم لا، كما تمَّ بيان حكم الاستغفار والدعاء للميت، وفي الختام تمَّ التوفيق بين وصول الأعمال الصالحة للميت وبين قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}.