بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر
جدول المحتويات
- بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر
- النبي عليه الصلاة والسلام في ظلال النبوة
- العهد المكي في حياة الرسول
- العهد المدني في حياة الرسول
- فتح مكة
- حجة الوداع
- وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم
- معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم
- أسماء النبي عليه الصلاة والسلام
- زوجات النبي عليه الصلاة والسلام
- أولاد النبي عليه الصلاة والسلام
- صفات النبي عليه الصلاة والسلام الخَلقية والخُلقية
- المراجع
بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر هو ما سيعرضه هذا المقال. فالكثير من المسلمين من يهتم بسيرة خير البريّة وخاتم الأنبياء والمرسلين، لما فيها من العبر والحكم والشمائل التي يمكن أن يتحلّى بها كلّ مسلمٍ. كذلك يهتمّ موقع محتويات بعرض ملخص سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر.
بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر
وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي رسول الله ونبيّه. و كذلك خاتم الأنبياء والمرسلين وسيّد الخلق أجمعين. وكان -صلّى الله عليه وسلّم- قد ولد في اليوم الموافق ليوم الاثنين من شهر ربيع الأول. كما روي في مولده -صلّى الله عليه وسلّم- أنه كان بعد عام الفيل بما يقارب الخمسين يوماً. وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد.
نشأة النبي صلى الله عليه وسلم
كانت نشأة النبي صلى الله عليه وسلم في عائلة عريقة وكريمة. فهو من الأسرة الهاشمية. و كذلك قد عاش الرسول صلى الله عليه وسلم يتيمًا. لذلك لاقى اهتماماً بالغًا من فومه بسبب يتمه، كما كفله سيّد سادات قريش وجدّه عبد المطلب. وأظهر له أفضل الرعاية وحقّ العناية. كما اختار له من المرضعات أفضلهنّ، فكان إرضاعه من نصيب حليمة السعدية.
بدأ النبي -عليه الصلاة والسلام- حياته في بادية بني سعد، كما حرصت عليه حليمة تمام الحرص، وذلك لما رأته بنو سعد من البركة أثناء وجوده. فبقي الرسول صلى الله عليه وسلم في البادية حتّى أكمل الرابعة من عمره. و كذلك قيل الخامسة، والله أعلم.[1]
كفالة النبي عليه الصلاة والسلام
كذلك الخوض في ذكر بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يقتضي ذكر كفالة النبي عليه الصلاة والسلام. فمن المعروف أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد عاش يتيم الأب والأم. وقد كفله بعد وفاة أمّه جدّه عبد المطلب وعمّه أبو طالب:
- كفالة جدّه عبد المطلب: بعد وفاة آمنة بنت وهب أمّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كفله جدّه عبد المطلب. وقد روي في كتب السير أنّ عبد المطلب كان يوضع له فراشٌ في ظلّ الكعبة الشريفة، وكان يجلس بنوه حول هذا الفراش. ولا يجلس أحدٌ من بنيه على هذا الفراش إجلالًا له. إلّا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقد كان يجلس على الفراش، وكان أعمامه يأخذونه ويؤخرونه عنه. فينهاهم عبد المطلب عن ذلك، ويقول لهم: دعوا ابني فوالله إن له لشأن.[2]
- كذلك كفالة عمّه أبو طالب: بعد وفاة عبد المطلب، كفل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عمّه أبو طالب. وذلك من وصايا عبد المطلب لابنه أبي طالب. وقيل أنّ عبد الله والد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأبو طالب هما أخوان لأب وأم. وقد حرص أبو طالب على ابن أخيه وعامله بالحسنى.[3]
رعية الأغنام
إنّ العمل والسعي في الأرض من السنن التي سنّها الخالق سبحانه في الأولين والآخرين. قال تعالى في سورة الملك: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.[4] وقد كان لكل نبيٍّ ورسولٍ مهنة من المهن التي يشتغل فيها قبل تبليغ رسالته. وقد اشتغل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في رعية الأغنام أول ما اتجه إلى العمل. كذلك ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “ما بعثَ اللَّهُ نبيًّا إلَّا راعيَ غنَمٍ، قالَ لَهُ أصحابُهُ: وأنتَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: وأَنا كُنتُ أرعاها لأَهْلِ مَكَّةَ بالقَراريط قالَ سُوَيْدٌ: يعني كلَّ شاةٍ بقيراطٍ”.[5] وأخبر أهل العلم أنّ الحكمة من شغل الأنبياء في غالبهم برعي الأغنام قبل النبوة. هو التمرين على الكفالة والصبر على رعيها، و كذلك الذود عنها وحمايتها من الأذى لأصحابها.[6]
عمل النبي في التجارة
كذلك الخوض في ذكر بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يتقضي ذكر عمل النبي في التجارة. فقد كان للسيدة حديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- عمل كبير في التجارة. فهي ذات شرف عظيم ومال كثير كما ذكرت كتب السير. فلمّا بلغها ما بلغها عن أمانة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وحرصه وصدقه وكرم خلقه. أرادت له أن يعمل لديها في التجارة. فعرضت عليه الخروج بإحدى القوافل من الجزيرة إلى الشام، مقابل أفضل ما تعطي لغيره من التجار. فقبل وخرج بالقافلة مع ميسرة غلام السيدة خديجة.[6]
فلمّا وصل إلى الشام باع البضاعة كلّها واشترى ما أراد من السلع. ثمّ خرج عائدًا إلى موطنه. فلمّا دخل إلى السيّدة خديجة وأخبرها بعمله. وجدت نفسها قد ربحت الضعف عمّا كانت تربحه مع التجّار قبل رسول الله. كذلك ضاعفت له أجره الذي اتفقا عليه. و كذلك قد عمل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في التجارة مع عمّه أبو طالب قبل البعثة. كما تاجر النبيّ في أسواق مكة في عكاظ ومجنة وذي المجاز، وغيرها من الأسواق.[6]
زواج النبي عليه الصلاة والسلام بخديجة بنت خويلد
كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- امرأة شديدة الحزم والذكاء. و كذلك من أثرياء قريش، ولها العديد من التجارات في أماكن مختلفة. وقد حرص الكثير من الرجال على التقرّب منها والزواج منها. كذلك لم تعمل السيدة خديجة بالتجارة بنفسها، ولكنها استأجرت رجال قومها ليعملوا لها في مالها. وبعد أن عمل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في تجارة السيدة خديجة رضي الله عنها. أعجبت بصدقه وشخصه العظيم، و كذلك رغبت بالزواج منه.
فأرسلت صديقتها نفيسة بنت منية لتعرض على رسول الله الأمر. فوافق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، وكان من تولى أمر هذا الزواج هو خويلد والد السيّدة خديجة رضي الله عنها. وقد ذكرت كتب السير أنّ السيّدة خديجة أكبر سنًّا من سيّدنا محمّد عليه الصلاة والسلام.[7]
مشاركة النبي عليه الصلاة والسلام في بناء الكعبة
الكعبة هي البيت الحرام، والقبلة التي يقبل عليها المسلمين في عباداتهم. و كذلك تهوى إليها قلوبهم. وهي أوّل بيت وضع للعبادة والتوحيد. كذلك قال تعالى في سورة آل عمران: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}.[8] وقد كان أوّل من بناها هو سيّدنا إبراهيم الخليل وولده إسماعيل عليهما السلام. كذلك قال تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}.[9] وعند ذكر بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لا بدّ من الخوض في ذكر مشاركة النبي عليه الصلاة والسلام في بناء الكعبة.[10]
فعندما اشتدّ عود النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وبلغ من العمر خمسًا وثلاثين عاماً قبل بعثته. اجتمعت قريش على تجديد بناء الكعبة لما قد أصابها من التصدّع والشقوق في جدرانها. وقد شارك النبي في بناء الكعبة. وفي ذلك روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ لما – بُنيَتِ الكعبةُ – ذهبَ هو وعباسٌ يَنقلانِ الحجارةَ ، فقال عباسٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : اجعلْ إزارَكَ على رقبتِكَ منَ الحجارةِ ، ففعلَ ، فخرَّ إلى الأرضِ ، وطمحَتْ عيناهُ إلى السماءِ ، ثم قامَ ، فقال : إزاري إزاري ، فشُدَّ عليْهِ إزارُهُ”.[11]
اقرأ أيضًا: بحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم من مولده حتى وفاته
النبي عليه الصلاة والسلام في ظلال النبوة
إنّ علم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم له المكانة العظيمة والمهيمنة بين علوم الدين الإسلاميّ. فكانت سيرته -عليه الصلاة الصلاة والسلام- التجسيد الفعلي للأحكام الشرعيّة في الدّين الإسلامي. وكذلك هي صورة عن آداب هذ الدّين وتعاليمه. وبعد أنّ بدأنا في سيرته الشريفة منذ ولادته إلى مشاركته في بناء الكعبة الشريفة قبل البعثة، لا بدّ من الخوض في ذكر سيرة النبي عليه الصلاة والسلام في ظلال النبوة.
بداية الوحي
سبقت بداية الوحي ونزوله بعض المقدمات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن هذه المقدمات: [12]
- الرؤيا الصادقة: كانت الرؤيا الصادقة من هذه المقدمات. فكان إن رأى شيئاً إلا ويتحقّق في اليم التالي.
- كذلك سلام الحجر عليه: فقد روى جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بمَكَّةَ كانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ أُبْعَثَ إنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ“.[13]
- حادثة شق صدر النبي: كذلك روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاه جِبريلُ وهو يلعَبُ مع الغلمانِ فأخَذه فصرَعه فشقَّ قلبَه فاستخرَج منه علَقةً فقال : هذا حظُّ الشَّيطانِ منك ثمَّ غسَله في طَسْتٍ مِن ذهَبٍ بماءِ زَمزمَ ثمَّ لَأَمَه ثمَّ أعاده في مكانِه وجاء الغلمانُ يسعَوْنَ إلى أمِّه ـ يعني ظِئْرَه ـ فقالوا : إنَّ محمَّدًا قد قُتِل فاستقبَلوه مُنتقَعَ اللَّونِ قال أنسٌ : قد كُنْتُ أرى أثَرَ ذلك المِخيَطِ في صدرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”.[14]
قصة الوحي
وهي ما ورد في صحيح البخاري : “عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أنَّها قالَتْ: أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه – وهو التَّعَبُّدُ – اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها، حتَّى جاءَهُ الحَقُّ وهو في غارِ حِراءٍ، فَجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ (2) اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ} [العلق: 1- 3]
فَرَجَعَ بها رَسولُ اللَّهِ يَرْجُفُ فُؤادُهُ، فَدَخَلَ علَى خَدِيجَةَ بنْتِ خُوَيْلِدٍ، فقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فقالَ لِخَدِيجَةَ وأَخْبَرَها الخَبَرَ: لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي فقالَتْ خَدِيجَةُ: كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فانْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتابَ العِبْرانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإنْجِيلِ بالعِبْرانِيَّةِ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ، وكانَ شيخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ.
فقالَتْ له خَدِيجَةُ: يا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، فقالَ له ورَقَةُ: يا ابْنَ أخِي ماذا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللَّهِ خَبَرَ ما رَأَى، فقالَ له ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي نَزَّلَ اللَّهُ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا، لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ، قالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ، وفَتَرَ الوَحْي. وقال : يونس ومعمر (بوادره)”.[15]
العهد المكي في حياة الرسول
وقد أخبر المؤرخون أنّ دعوة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في العهد المكي مرّت بمرحلتين اثنتين: الدعوة السرية، والدعوة الجهرية.
مرحلة الدعوة السرية
حيث كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أوّل ما كانت سريّة. وقد استمرّت لمدّة ثلاث سنوات منذ نزول الوحي. والحكمة من مرحلة الدعوة السرية في العهد المكي هو الحفاظ على هذه الدعوة الحديثة والناشئة. و كذلك صيانتها من الدمار والهلاك. و كذلك كي لا تثير خمية قريش على أصنامهم وآلهتهم التي كانوا يعبدون. فكانت من الحكمة بداية الدعوة بشكل سريّ لتأجيل المواجهة بين الدين الإسلامي وعبادة الأوثان، إلى أن يشتدّ عود المسلمين.[16]
الدعو الجهرية
بعد أم قضت مرحلة الدعوة السرية في العهد المكي ثلاث سنوات. أنزل الخالق سبحانه قوله على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- من سورة الشعراء: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.[17] فقام الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه معلنين الدعودة مجاهرين بإسلامهم.
مقاطعة المشركين للمسلمين
حيث عقدت القبائل المكية من المشركين اتفاقًا يقتضي مقاطعة الرسول صلى الله عليه وسلم وكلّ من آمن به وصدّقه، و كذلك المحاصرة لهم في شعب بني هاشم. وكانت هذه مقاطعة المشركين للمسلمين من خلال عدم تعاملمهم معهم في الأمور التجارية. كالبيع والشراء. و كذلك مقاطعتهم في أمور الزواج، فلا يتزوج مسلم من فتاة قرشيةٍ من المشركين، و كذلك لا يتزوج الشاب المشرك من فتاةٍ مسلمة. واستمرّ هذه الحال لمدّة ثلاثة من السنوات.[18]
عام الحزن
كذلك بعد الحصار الاقتصادي والاجتماعي والإنساني الذي أقامه المشركون على كلّ من أعلن كلمة التوحيد. ونقض تلك الصحيفة الجائرى التي وقّع عليها المشركين بعد ثلاث سنوات. انطلق المسلمون يمارسون نشاطهم الدعوي. وما إن بدأ المسلمون بتنفّس الصعداء، أصابت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من المصائب. ومنها وفاة زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها، و كذلك وفاة عمّه أبو طالب:[19]
- وفاة خديجة رضي الله عنها: فقد كان لوفاة السيدة خديجة الأثر والوقع الكبير على الرسول صلى الله عليه وسلم. فهي من أعانته في تبليغ الدعوة ونشرها. و كذلك وقفت معه في الأفراح والأتراح وتحملت معه مشاقّ الخصوم والآلام في الحصار. فحزن عليه النبيّ حزنًا شديدًا وظلّ يذكرها طيلة حياته. وقد روت أمّ المؤمنين عائشة: “كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ذكَرَ خَديجةَ أَثْنى عليها، فأحسَنَ الثناءَ، قالت: فغِرْتُ يومًا، فقُلْتُ: ما أكثرَ ما تذكُرُها حَمراءَ الشِّدْقِ، قد أبدَلَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ بها خَيرًا منها، قال: ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ”.[20]
- وفاة أبو طالب: وقد ذكر المؤرخون أنّ وفاة عمّه أبو طالب كان في نفس العام الذي توفيت فيه السبدة خديجة رضي الله عنها. ليفقد الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك العام اثنان ممّن ساندوه وحموه ووقفوا معه في سرائه وضرئه. و كذلك قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ” ما نالَت منِّي قُرَيشٌ شيئًا أكرَهُهُ حتَّى ماتَ أبو طالبٍ“.[21]
الهجرة الأولى إلى الحبشة
كذلك عند ذكر بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصرة لا بدّ من الخوض في الحديث عن الهجرة إلى الحبشة. فهي أول الهجرات في الإسلام. وكان ميعادها بعد سنتين فقط من مرحلة الدعوة الجهرية، وبالتحديد بعد خمس سنين من بعثة الرسول. وكان سبب هذه الهجرة هو اشتداد أذى المشركين للمسلمين، وبعد التعذيب الواقع من كفار قريش لذوييهم من المسلمين اشتكوا ذلك لسيّدنا محمّد عليه الصلاة والسلام، فما كان منه إلّا أن يأذن لهم بالخروج إلى الحبشة. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لو خرجتمْ إلى أرضِ الحبشةِ فإنَّ بها مَلِكًا لا يُظلمُ عندَه أَحَدٌ وهي أرضُ صِدْقٍ حتى يجعلَ اللهُ”.[22]
الهجرة الثانية إلى الحبشة
لم يطل الأمر بالمسلمين في الحبشة. ففي نفس العام من شهر شوال كانوا فد سمعوا أنّ مكّة قد أسلمت. فشدّوا رحالهم إليها، ليجدوا أنّ ما سمعوه كان كذبًا وخديعة. ثمّ أخذ المشركون يعذبونهم من جديد. وضاقت بهم ديارهم ليشدّوا الرحال ثانيةً إلى أرض الحبشة, فقد أحسن النجاشي جوارهم لما نزلوا في أرضه. وقد روت أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: “لمَّا نزَلْنا أرضَ الحَبشةِ، جاوَرْنا بها خيرَ جارٍ النَّجاشيَّ، أمِنَّا على دِينِنا، وعبَدْنا اللهَ تَعالى لا نُؤذَى، ولا نَسمَعُ شيئًا نَكرَهُه“.[23] وظلّوا في الحبشة حتّى العالم السابع من الهجرة حينما عادوا إلى المدينة المنورة.[24]
حادثة الإسراء والمعراج
بعد مضي عشر سنوات كاملة من الدعوة وتبليغ الرسالة. أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس القبلة الأولى للمسلمين، وبعد ذلك عرج به إلى السماء. وقد ارتفع حتّى وصل فوق السماء السابعة. وكان معه جبريل عليه السلام. وفي السماء أوحي إليه ما قد أوحاه الله. ثمّ فرض عليه والمسلمين الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. والتي في بداية الأمر كان يفترض أن تكون خمسين صلاة. وما زال النبيّ يسأل الله التخفيف حتّى جعلها خمس صلوات. قال تعالى في سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}.[25] وقد كانت حادثة الإسراء والمعراج من معجزات سيّدنا محمّد عليه الثلاة والسلام.[26]
بيعة العقبة الأولى
في العام الحادي عشر للبعثة أسلم ستّة رجالٍ من أهل يثرب على يد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ودعاهم النّبيّ لينصروه في دعوته، فيدعون أهل مدينتهم للإسلام ولنصرة المسلمين، وعندما عاد السّتّة ليثرب دعوا أهلها لدخول الإسلام، فأنار الله -تبارك وتعالى- قلوب أهل يثرب بالإيمان فأسلموا قبل أن يروا رسول الله، وفي العام الّذي يليه أي العام الثّاني عشر للبعثة النّبويّة، جاء وفدٌ من يثرب ليبايعوا النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ومن بينهم خمسةٌ من الصّحابة الّذين أسلموا في العام الّذي سبقه على يد النّبيّ، وقد كان عددهم اثنتي عشر رجلاً، عشر رجالٍ من الخزرج واثنين من الأوس، وكانت هذه البيعة تتضمّن بنوداً بأهمّ التّكاليف والواجبات في الشّريعة الإسلاميّة، وبنود هذه البيعة هي:[27]
- الإيمان بالله تعالى إلهاً واحداً دون شريكٍ له.
- الامتناع عن السّرقة.
- الابتعاد عن الزّنا.
- الامتناع عن قتل الأولاد.
- عدم الإتيان بالافتراءات الكاذبة والبهتان.
- إتيان المعصية في معروف.
وقد أخبرهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من فعل لم يلتزم بهذه الشّروط وفعل المعاصي، فعاقبه الله تعالى في الدّنيا، فالعقوبة ستكون كفّارةً للّذنوب، أمّا من أصاب من البنود شيئاً، ولم يعاقب عاجلاً في دنياه، فمآله لله تعالى في الدّنيا والآخرة، وكذلك قد أرسل معهم الصحابيّ الجليل مصعب بن عمير ليعلّمهم أصول الشّريعة الإسلاميّة، ويعلّمهم القرآن الكريم، فكان بذلك أوّل سفيرٍ في الإسلام والله أعلم.
شاهد أيضًا: كم عدد الذين بايعوا الرسول في بيعة العقبة الأولى
بيعة العقبة الثانية
هنا يأتي دور الحديث عن بيعة العقبة الثّانية، والّتي هي من أهمّ الأجزاء في بحث عن سيرة الرسول صلى الله عله وسلم مختصر، فبعد أن تمّت بيعة العقبة الأولى بين رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وبين الاثني عشر رجلاً من أهل المدينة المنوّرة، جاء في العام الثّالث عشر للبعثة المباركة، وفدٌ كبيرٌ من أهل يثرب مسلمين، وقد جاؤوا ليبايعوا رسول الله على الإسلام، حيث كان عددهم آنذاك ثلاثةً وسبعين رجلاً وامرأتان، وسمّيت البيعة ببيعة العقبة الكبرى، وقد كانت بنودها تبيّن أهميّة هذه البيعة وعظمها.
كما كانت مقدّمةً لبناء الدّولة الإسلاميّة العظيمة وقد كانت بنود العقبة ما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “تُبايِعوني على السمعِ و الطاعةِ ، في النشاطِ و الكسَلِ ، و النفقةِ في العُسرِ و اليُسرِ ، و على الأمرِ بالمعروفِ و النهيِ عن المنكرِ ، و أن تقولوا في اللهِ ، لا تخافونَ في اللهِ لومةَ لائمٍ ، و على أن تَنصُروني ، فتمنَعوني إذا قدِمتُ عليكم ، مما تمنَعون منه أنفُسَكم و أزواجَكم و أبناءَكم و لكم الجنَّةُ”.[28] فبعد المبايعة على الإيمان واجتناب كبائر الذّنوب، بايع المسلمون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الواجبات الشّرعيّة والتّكاليف، والّتي تكون ناتجةً عن الإيمان الرّاسخ في قلب المسلم والله أعلم.[29]
العهد المدني في حياة الرسول
الهجرة إلى المدينة
بعد ثلاث عشر عاماً من الدّعوة الإسلاميّة في مكّة المكرّمة، أذن الله -سبحانه وتعالى- لنبيّه ومن معه من المسلمين بالهجرة من مكّة المكرّمة إلى المدينة، بعدما اشتدّ عليهم ظلم المشركين وغلظ أذاهم، وكان من أهمّ أسباب الهجرة هو الحصار الّذي فرضته قريشٌ على بني هاشم ليرجعوهم عن ملّة الإسلام إلى ملّة الكفر والشّرك، وكذلك وجود المناصرين للإسلام في المدينة المنوّرة، لكنّ الهجرة من مكّة إلى المدينة لم تكن يسيرةً وسهلة، ولم تكن تعني وتشير إلى أنّ المسلمين سيكونون في غاية الرّاحة والرّفاه عند هجرتهم، بل كانت تشير إلى الاستعداد لمحاربة الكفّار والمشركين، ومواجهة مكائدهم وفتنهم.
فأمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يهاجر كلّ مسلمٍ يستطيع الهجرة بأسرع وقت، وانتظر رسول الله حتّى هاجر جميع المسلمين من مكّة، ثم خرج إلى الطّريق مع صاحبه أبو بكرٍ الصّدّيق، وهذا الأمر يفيد بأنّ رسول الله كان كلّ همّه أن ينجو المسلمين من أذى قريشٍ، وليس أن ينجو بنفسه فقط من العذاب، وكان الغرض والهدف الأساسيّ من الهجرة، هو بناء الدّولة الإسلاميّة العظيمة، وإعلاء كلمة الله الحقّ في مشارق الأرض ومغاربها، وقد تمّ التّخطيط لهذه الهجرة على مدار ثلاث سنوات، بعد أن أُغلقت جميع أبواب الدّعوة في مكّة، وذلك بعد وفاة أمّ المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وأبو طالب عمّ رسول الله، ولم يبق أي أملٍ ليؤمن الكفرة أو المشركين من أهل مكّة.[30]
بناء المسجد النبوي
في هذا الفص من بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر، سيتمّ الحديث عن مرحلة توطيد أساسيّات وأركان الدّولة الإسلاميّة، فبعد وصول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنوّرة شرع بتمكين وتوطيد الأركان لبناء الدّولة الإسلاميّة العظيمة، وأوّل خطوةٍ اتّخذها هي بناء المسجد النّبويّ، فاشترى رسول الله أرضاً من غلامين يتيمين كانت قد بركت ناقته فيها خلال بحثه عن الموقع المناسب لبناء المسجد، ووقع الاختيار على هذه الأرض، وسارع المسلمون للمشاركة ببناء هذا المسجد العظيم الّذي سيصلّون دون خوفٍ من أحدٍ، ولا وجلٍ من بشر، فشرعوا يسوون الأرض ويقطعون النّخيل، وجعلوا القبلة نحو المسجد الأقصى، فقد بني المسجد قبل أن يأمر الله تعالى المسلمين أن تكون القبلة نحو بيت الله الحرام.
و كذلك كان رسول الله يساعد الصّحابة الكرام في البناء فينقل الحجارة، وجعل يشير عليهم بما هو أفضل و أحسن للبناء، ولم تكلّ عزيمة الصّحابة حتّى أتمّوا بناء المسجد كاملاً، حيث استغرق البناء مدّة اثني عشر يوماً فقط، ثمّ أمر رسول الله بعد الانتهاء من المجد ببناء حجرات نسائه رضي الله تعالى عنّهن، وكانت الحجرات تحيط المسجد النّبويّ من الشّمال والشّرق والجنوب والله أعلم.[31]
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
إنّ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كانت من أهمّ الدّعائم لبناء الدّولة الإسلاميّة، وواحدةٌ من اللّبنات الأساسيّة فيها، فقد آخى رسول الله المهارجين والأنصار، ليحسّوا بالمسؤوليّة تجاه بعضهم، ولخلق التّآلف والإخوّة وحبّ التّعاون بينهم، وكذلك كانت للقضاء على النّزعات الجاهليّة في قلوب المسلمين، واجتناب المشاكل والخصومات فيما بينهم، وقد فتح الانصار بيوتهم وقلوبهم للمهاجرين، وأنفقوا عليهم من أموالهم، ولا تنبع هذه الأفعال إلّا من قلب مسلمٍ صادقٍ إيمانه راسخٌ وقويّ.
قال تعالى في كتابه العظيم: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.[32] فكان الأنصار يؤثرون المهاجرين على أنفسهم في كلّ شيءٍ، حتذى لو كانوا هم بحاجةٍ ماسّة، وهذه كانت أسمى معاني المؤاخاة والإخوّة بينهم والّتي نتج عنها المجتمع الإسلاميّ العظيم والمتماسك، والّذي كان كالجسد الواحد كما وصفه رسول الله والله اعلم.[33]
غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام
إنّ من أهمّ النّقاط في بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر، هو ذكر الغزوات الّتي غزاها رسول الله في حياته مع أصحابه، حيث أنّه وقبل الاستقرار التّامّ في المدينة المنوّرة، بدأت قريشٌ والمشركين من حلفائها بنصب المكائد وجمع الجيوش للقضاء على الدّعوة الإسلاميّة، وهنا بدأت الحروب والمعارك بين الحقّ والباطل، وقد أجمع العلماء على تسع غزواتٍ قد شارك فيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وقاتل فيها مع المسلمين وهي:[34]
- غزوة بدر: وكانت في السّابع عشر من رمضان للسنة الثّانية للهجرة.
- كذلك غزوة أحد: وقعت هذه الغزوة في السّابع من شوّال من السنة الثّالثة للهجرة.
- غزوة الأحزاب أو الخندق: وقعت في شوّال من العام الخامس للهجرة.
- و كذلك غزوة بني قريظة: وقعت هذه الغزوة بعد رجوع المسلمين من غزوة الخندق مباشرةً.
- غزوة بني المصطلق: كانت في السّنة السّادسة للهجرة.
- غزوة خيبر: كانت في السّنة السّابعة من الهجرة النّبويّة.
- فتح مكّة المكرّمة: في السّنة الثّامنة من الهجرة المباركة.
- غزوة حنين: كانت أيضاً من العام الثّامن للهجرة.
- و كذلك غزوة الطائف: وقعت في العم الثّامن للهجرة النّبويّة والله أعلم.
صلح الحديبية
استبشر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- برؤيا كان قد رآها بأنّه قد دخل مكّة المكرّمة مع أصحابه يطوفون بالحرم الشّريف، فنوى العمرة وخرج مع أصحابه بغير سلاحٍ ليدخلوا مكّة معتمرين، ولترى قريشٌ أنّهم قد جاؤوا مسالمين، فما كان من قريشٍ إلّا أن صدّتهم ومنعنهم من دخول مكّة، فاستقر المسلمون مع رسول الله في المكان الّذي توقفّوا فيه عندما بعثت قريشاً الرّسل لإقناعهم بالرّجوع أو القتال، وبدأت المفاوضات بين الطّرفين لعقد الصّلح وترك القتال وحقن الدّماء، فتمّ ذلك في السّنة السّادسة للهجرة المباركة وفاوض رسول الله على الصلح سهيل بن عمرو من قبل قريش، وأمرلا الرّسول عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه بكتابة بنود العهد بينهم وبين قريش، وكانت من ضمن شروط هذا الصّلح ما يأتي:[35]
- ردّ من أسلم من قريشٍ دون علم أهله.
- عدم منع من ارتدّ عن دين الإسلام وذهب ليحالف قريش.
- رجوع المسلمين في هذا العام والاعتمار يكون في العام الذي يليه.
- عدم ردّ من أسلم من غير قريش.
- مدّة الصّلح عشر سنواتٍ يمتنع فيها الطّرفين عن الاقتتال والحروب.
فتح مكة
في هذا الفصل من بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر، سيسلّط الضوء على فتح مكّة المكرّمة، الفتح المبين والعظيم في تاريخ الدّعوة الإسلاميّة، وقد كان يوم فتح مكذة هو إعلانٌ لسقوط الأوثان وسقوط سلطة عابديها من قريش وغيرهم في مكّة المكرّمة، وسبب الاستعجال بفتح مكّة هو نقض قريش لصلح الحديبية، فأمر رسول بتجهيز جيش المسلمين لدخول مكذة المكرّمة وفتحها، وإسقاط المشركين وأوثانهم، فحاصر جيش المسلمين مطّة من جهاتها الأربعة ليصدّوا كل المشركين ويمنعوهم من القتال، وليرغموا الكفار على الإستسلام.
ودخل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- متواضعاً على راحلته ومشى في مكّة حتّى وصل إلى الكعبة فطاف بها سبعة أشواطٍ ثم كسر الأصنام المنصوبة حولها، ومن بعدها دخل إلى جوف الكعبة فطهّره وصلّى فيه ركعتين، وبذلك أعلن عن فتحه لمكّة، وأنّها صارت تحت الحكم الإسلاميّ، وعفا رسول الله عن المشركين وأطلقهم، ثمّ أوحى الله تعالى لنبيّه الكريم بأنّ أحد المشركين واسمه فضالة بن عمير يخطّط في قرارة نفسه لاغتيال النّبيّ، فأذاع رسول الله ما أُوحي إليه، فأسلم ذلك الرّجل من فوره، وبعد الفتح دخل الكثيرون من أهل مكّة من حولها الإسلام وعفا عنهم رسول الله والله أعلم.[36]
حجة الوداع
نوى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يحجّ ويعتمر مرّةً واحدةً في السّنة التّاسعة للهجرة المباركة، أي بعد فتح مكّة بسنةٍ واحدةٍ فقط، وعندما انتشر الخر بين المسلمين خرج معه للحجّ عددٌ كبيرٌ جدّاً من المسلمين، ولما وصل الحليفة وهي منطقةٌ قرب مكّة، أحرم منها واغتسل وبدأ بالتّلبية من مكان إحرامه حتّى وصل مكّة المكرّمة، فطاف حول الكعبة سبعة أشواطٍ، وسعى بين الصّفا والمروة سعة أشواطٍ أيضاً، ثمّ مكث في مكّة أربعة أيّام، ومن بعدها توجّه مع الصّحابة الكرام إلى منى ثمّ ساروا منها إلى عرفة، ثمّ خطب رسول الله بالنّاس خطبة الوداع، فأوصى بها النّاس بأن يتّقوا الله تعالى، وأن يطيعوه ويبتعدوا عن معصيته ومخالفة أمره، كما ذكرهم بأصول الشّريعة الإسلاميّة، ثمّ أكمل حجّته ومناسكه، وفي الثّالث عشر من ذي الحجّة ذهب النّبي للبيت الحرام وطاف به طواف الوداع، ومن بعدها عاد مع صحابته إلى المدينة المنوّرة والله أعلم.[37]
وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم
توفّي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في يوم الاثنين في الثّاني عشر من ربيع الأوّل، من العام الحادي عشر للهجرة النّبويّة المباركة، وكان قد اشتدّ المرض فلم يعد يخرج للصّلاة في المسجد، واستخلف من بعده أبو بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه، وقد روت عائشة مشهد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حجرتها فقالت: “إنَّ مِن نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُوُفِّيَ في بَيْتِي، وفي يَومِي، وبيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللَّهَ جَمع بيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: دَخَلَ عَلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ، وبِيَدِهِ السِّوَاكُ.
وأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وعَرَفْتُ أنَّه يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عليه، وقُلتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ فَلَيَّنْتُهُ، فأمَرَّهُ، وبيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أوْ عُلْبَةٌ – يَشُكُّ عُمَرُ – فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في المَاءِ فَيَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ”.[38] ودفن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حجرة عائشة رضي الله عنها، وانتهى بوفاته العهد النّبويّ، وكذلك انقطع الوحي عن الأرض إلى الأبد والله أعلم.[39]
معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم
إنّ في هذا القسم من بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر سيتمّ الحديث عن معجزات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والّتي أيّده الله تعالى بها لإثبات نبوّته وتصديقها، ومعجزاته هي:[40]
- القرآن الكريم وهو المعجزة الخالدة إلى يوم القيامة.
- حادثة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس، وعروجه منه إلى السّماء السّابعة خلال ليلةٍ واحدة.
- انشقاق القمر بعد أن طلب المشركون من النّبيّ ذلك ثمّ قالوا عنه بأنّه ساحر.
- إكثار الطّعام والشّراب بين يديه الكريمتين والبركة بهما.
- تدفّق الماء من بين أصابعه حتّى شرب منه جيشٌ كامل.
- الوحي الّذي ينبأه بأخبارٍ غيبيّةٍ وأحداثٍ في المستقبل.
- شفاء المرضى من العلل والأسقام.
- تسليم الحجر والشّجر على رسول الله في مكّة.
- أنين الجذع وحنينه لرسول الله في المسجد النبوي.
أسماء النبي عليه الصلاة والسلام
لرسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- العديد من الأسماء والألقاب، وأصحّها ما ورد في حديث الشّريف الّذي قال فيه: “لِي خَمْسَةُ أسْماءٍ: أنا مُحَمَّدٌ، وأَحْمَدُ، وأنا الماحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بي الكُفْرَ، وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ علَى قَدَمِي، وأنا العاقِبُ”.[41] كما اختلف العلماء في عدّة أسماءٍ إن كانت صحيحة أو لا، ومنها النّذير والبشير، والسّراج المنير، والدّاعي والشّاهد، وكذلك نبيّ الرذحمة، ونبيّ التّوبة والكثير من الأسماء والألقاب.[42]
زوجات النبي عليه الصلاة والسلام
إنّ الله تعالى قد أحل ّانبيّه الكريم ما لم يحلّه لغيره من المسلمين، فقد تزوّج رسول الله بإحدى عشرة امرأة، وكنّ من خيرة نساء المسلمين وأكثرهنّ علماً وأقربهنّ من الله تعالى ومن رسوله وزوجاته هنّ:[43]
- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
- سودة بنت زمعة رضيالله عنها.
- عائشة بنت أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنها.
- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها.
- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها.
- أمّ سلمة هند بنت أبي أميّة رضي الله عنها.
- أمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها.
- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها.
- ميمونة بنت الحارث الهلاليّة رضي الله عنها.
- صفيّة بنت حيّي بن أخطب رضي الله عنها.
- زينب بنت جحش رضي الله عنها.
أولاد النبي عليه الصلاة والسلام
رزق الله تعالى نبيّه الكريم بالأولاد كما ابتلاه بفقدهم أيضاً، حيث أنّ جميع أولاده توفيا قبله إلّا ابنته فاطمة رضي الله عنها توفّيت بعده بستّة أشهرٍ فقط، وأسماء أبنائه هي:[44]
- القاسم: الذي كني النّبيّ به، ولد قبل البعثة النّبويّة ثمّ توفّي وعمره سنتان فقط.
- عبد الله: والّذي لُقّب بالطّيب والطّاهر لأنّ ولادته جاءت بعد البعثة النّبويّة، وتوفي صغيراً .
- إبراهيم: ولد في السنة الثّامنة من الهجرة وتوفّي وعمره سبعة عشر شهراً في المدينة.
- زينب: وهي البنت البكر للنبيّ وتزوّجت من ابن خالتها العاص بن الربيع.
- رقيّة: تزوّجت من عثمان بن عفّان رضي الله عنها.
- أمّ كلثوم: تزوّجت من عثمان بن عفّان رضي الله عنها بعد وفاة أختها رقيّة.
- فاطمة: أكثر الأبناء شبهاً بأبيها، وأحبّ النّاس إليه صلّى الله عليه وسلّم، تزوّجت من عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
صفات النبي عليه الصلاة والسلام الخَلقية والخُلقية
خلق الله تعالى رسوله الكريم كامل الصّفات الظّاهرة والأخلاق الباطنة، فكان أكرم النّاس خلقاً، فهو الشّجاع والمقدام والرّحيم بالصغير والكبير، والعطوف والحنون والأمين والصّادق، وهو من طاب لسانه وممشاه كثير العفو والمسامحة والصّفح، صاحب المروءة والشّهامة والمعروف بحسن الجوار وصدق عهده وسداد رأيه، ولم يكن يملك طبعاً سيّئاً إطلاقاً، وأمّا ما جاء في صفاته البدنيّة ما رواه عليّ بن أبي طالب في وصف الرسول حيث قال: “كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضَخمَ الرَّأسِ عظيمَ العينينِ هَدبَ الأشفارِ قالَ حسنٌ : الشِّفارِ مُشرَبَ العينينِ بحُمرةٍ ، كثَّ اللِّحيةِ ، أزهرَ اللَّونِ شثنَ الكفَّينِ والقدمينِ إذا مشَى كأنَّما يمشي في صَعَدٍ قالَ حسنٌ : تَكَفَّأَ ، وإذا التفتَ التفتَ جميعًا”.[45] وبذلك فإنّه أجمل الناّس وأحسنهم خلقة وخلقاً والله أعلم.[46]
النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد الخلق وحبيب الحق. صوّره الله سبحانه وجبله بأحسن الصور وعلى أعظم الخلق. وقد ذكر المقال بحث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مختصر ، و كذلك أسماؤه وصفاته وأزواجه وأولاده وغزواته والكثير من الأحداث التي مرّت في سيرته الشريفة.