حكم من انكر ركن من اركان الايمان

حكم من انكر ركن من اركان الايمان

حكم من انكر ركن من اركان الايمان مقالٌ فيه سيتمّ التعريف بالإيمان وأركانه وما يترتّب عليها من أحكامٍ شرعيّة، فأركان الإيمان من الأساسيّات التي ينبغي على المسلم المؤمن العمل والتصديق بها، وهي أن يؤمن المرء بالله عزّ وجلّ، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشرّه، وفيما يأتي حكم من أنكر ركن من أركان الإيمان.[1]

تعريف الإيمان

قبل الخوض في حكم من انكر ركن من اركان الايمان لا بدّ من بيان تعريف الإيمان، والذي يعني لعةً التصديق أو الإقرار، وذلك ما ذهب إليه أهل العلم، ففريقٌ يرى أنّ الإيمان هو التصديق انطلاقًا من قوله تعالى في سورة يوسف: “قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ”،[2] فيكون الإيمان بناءً على ذلك تصديقًا مطلقًا، بينما يرى الآخرون أنّ الإيمان هو الإقرار بالشيء والاعتراف بوجوده، أمّا الإيمان في المصطلح الشرعيّ فهو إضافةً لكونه تصديقًا وإقرارًا فإنّه يتضمّن القبول والإذعان للأحكام الشرعيّة، والانقياد بالقول والفعل والحال، وأجمع السلف الصّالح في تعريفه على أنّه قولٌ باللسان واعتقادٌ وعملٌ بالجنان.[3]

حكم من انكر ركن من اركان الايمان

الكثير من النّاس تسأل حول حكم من انكر ركن من اركان الايمان ، والجدير بالذكر إنّ الحكم في ذلك لا يخفى على الصغير قبل الكبير، فمن أخلّ إيمانه بإنكار إحدى أركان الإيمان فقد أنكر أصلًا من أصول الإيمان، وحكمه بذلك أنّه قد ارتدّ إن كان مؤمنًا، ولا يصحّ إيمانه إن لم يكن مؤمنًا وأراد الدّخول في الإسلام، ومن أنكر أصلًا من أصول الإيمان كما أوضح أهل العلم فقد دخل في عداد الكافرين الضّالين، وذلك انطلاقًا من قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً”،[4] وانطلاقًا من أهميّة الإيمان بالأركان كلّها أفاد القرآن والسنّة النبويّة الشريفة بالعديد من الأدلّة التي تُشير إلى ضرورة الإيمان في كلّ ركنٍ من أركان الإيمان، ومن هذه الأدلّة:[5]

  • الإيمان بالله والإيمان برسله: قوله تعالى في سورة النساء: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً”.[6]
  • الإيمان بالقدر: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يؤمِنُ المَرءُ حتى يؤمِنَ بالقدَرِ خيرِه وشرِّه”.[7]

عدد أركان الإيمان

بعد الخوض في ذكر حكم من انكر ركن من اركان الايمان لا بدّ من التوسّع أكثر بأركان الإيمان، فما يميّز أركان الإيمان عن أركان الإسلام أنّ أركان الإيمان أعمالٌ يقوم بها العقل والقلب، فهي باطنةٌ مخفيّةٌ في سريرة كلّ شخص، بينما أركان الإسلام تكون ظاهرة من خلال العمل بالجوارح، وأمّا عن عدد أركان الإيمان فهي ستّ أركان:[8]

  1. الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
  2. الإيمان بالملائكة عليهم السلام.
  3. الإيمان بالرسل عليهم السلام.
  4. الإيمان بالكتب السماويّة.
  5. الإيمان باليوم الآخر.
  6. الإيمان بالقدر خيره وشرّه.

ما الدليل على أركان الإيمان

إنّ الحديث حول حكم من انكر ركن من اركان الايمان يقتضي وجوبًا ذكر الأدلّة التي أشارت إلى ضرورة العمل والتصديق بأركان الإيمان الستّة التي تمّ ذكرها فيما قد سلف من المقال، ومن هذه الأدلّة:

  • قوله تعالى في سورة البقرة: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”.[9]
  • عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “الإِيمانُ: أنْ تُؤمن بِاللهِ ومَلائِكتِه ، وكُتُبِهِ ، و رُسُلِهِ ، و اليومِ الآخِرِ ، و تُؤمن بِالقَدَرِ خَيرِهِ و شَرِّهِ”.[10]

ثمرات الإيمان

إنّ الإيمان عقيدةٌ راسخةٌ تصدّقها الجوارح بالعمل الصّالح، وقد قال تعالى في سورة الأنفال: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ”،[11] فثمرات الإيمان كثيرة نذكر بعضًا منها فيما يأتي:

ثمرات الإيمان بالله تعالى

إنّ الإيمان بالله سبحانه وتعالى له ثمراتٌ عظيمة، ومن آثاره الإجماليّة أنّ أسماء الله الحسنى تحمل آثارها الخاصّة على حياة المؤمن، فبعضها يملأ القلوب هيبةً لله سبحانه وتقديرًا وتعظيمًا له، ومنها من يخضع القلوب ويُخشعها في حضرة الخالق، ومنها من يملأ القلوب سلامًا ومحبّة، وأمّا عن الآثار التفصيليّة فسيتمّ ذكر بعضًا منها فيما سيأتي:[12]

  • معرفة عظمة الله -عزّ وجلّ- وإجلاله وإعزازه وتقديسه، يملأ القلب بالمحبّة والتوحيد والخشوع، ويدفع الجوارح إلى العمل والانقياد.
  • الثناء على الله تعالى بصفاته وأسمائه الحسنى تعدّ من أهّم أسباب صلاح النفوس والقلوب.
  • التصديق بما أخبر به والالتزام بشريعته والتسليم لأمره وتدبيره وتصرفه.
  • تحقيق الهداية والأمن في دُنيا المؤمن وآخرته.

ثمرات الإيمان بالملائكة

إنّ الإيمان بالملائكة هو الركن الثّاني من أركان الإيمان ويعني الاعتقاد الجازم بأنّ الملائكة موجودون وهم من خلق الخالق سبحانه، ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:[13]

  • تقديم الحبّ لهم وعدم إيذائهم من خلال الشتائم أو الاستهزاء بهم.
  • الإيمان بالملائكة سبيلٌ لتقدير عظمة الخالق وكمال قدرته الكبيرة.
  • الإيمان بالملائكة يدفع المرء المؤمن إلى التشبه بهم في كمال طاعتهم وعبادتهم للخالق سبحانه.
  • الإيمان بالملائكة يدفع المرء إلى الطمع فيما يقدّمه الله -سبحانه- لهم من استجابةٍ لدعائهم واستغفارهم، ممّا يدفعه إلى الانشغال بالذّكر والمسارعة إلى الخيرات.

ثمرات الإيمان بالرسل

إنّ الإيمان بالرسل -عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين- ركنٌ من أركان الإيمان، وإنّ حكم من ينكر وجودهم أو لا يؤمن بهم هو ذاته حكم من انكر ركنًا من أركان الايمان، وأمّا من آمن بهم وصدّق بوجودهم فقد فاز بثمراتٍ كثيرة منها:[14]

  • الاقتداء بهم والتأسي بهم في دعوتهم إلى الله، والاقتداء بأخلاقهم الفضيلة.
  • الإيمان واليقين بأنّه عند الله سبحانه لا يضيع مثقال ذرّةٍ من العمل، فالعاقبة الحسنى للمتقين.
  • محبّتهم لمحبة الله إيّاهم، واتبّاع الحق والرحمة والعمل على النصح للخلق.
  • شكر الخالق سبحانه على نعمة إرسالهم كهدايا للبشريّة لإخراجهم من الظلمات إلى النور.

هل يكفر من ترك ركنا من أركان الإسلام

إن الخوض في بيان حكم من انكر ركن من اركان الايمان يدفع إلى الخوض فيمن ترك ركنًا من أركان الإسلام، فهل ترك أحد أركان الإسلام يكفّر صاحبه كما هو الحال في أركان الإيمان؟ إنّ أوّل ما يهمّ في الإسلام أن ينطق المرء بالشهادتين، فإن نطق بهما كان مسلمًا، ثمّ ينظر إلى صلاته، فالصلاة هي تمام الإسلام، فإن أقامها فقد تمّ إسلامه، فإن لم يصلي فقد ارتدّ، وإن أنكر وجوب الصلاة فقد ارتدّ أيضًا، وإن أنكر أيّ ركنٍ من أركان الإسلام فقد ارتدّ، أمّا إن تركها وهو يعلم أنّها واجبةٌ عليه، فإنّ جمهور العلماء لا يرون تكفيره وإنّما يكون عاصيًا ويستتاب، فإنّ تاب كان خيرًا وإن لم يتب فيقتل حدًّا، وذهب بعض أهل العلم أنهّ يكفر بها كفرًا أكبر، فإن لم يتب يقتل كافرًا، والله ورسوله أعلم.[15]

حكم من انكر ركن من اركان الايمان مقالٌ فيه تمّ التعريف بالإيمان باللغة والمصطلح الشرعيّ، وذكر أركان الإيمان وعددها، بالإضافة إلى بيان حكم من أنكر وجودها ولم يؤمن بها، كما تمّ ذكر بعض الثمرات التي يحصدها المرء من إيمانه بالله سبحانه وتعالى وبملائكته ورسله، وفي النهاية تمّ بيان حكم من يترك واحدًا من أركان الإسلام.

المراجع

  1. ^ marefa.org , أركان الإيمان , 19/10/2020
  2. ^ سورة يوسف , الآية 17.
  3. ^ alukah.net , تعريف الإيمان بالله لغة واصطلاحا , 19/10/2020
  4. ^ سورة النساء , الآية 136.
  5. ^ islamweb.net , كفر من أنكر أصلاً من أصول الإيمان , 19/10/2020
  6. ^ سورة النساء , الآية 150 ،151.
  7. ^ تخريج المسند , شعيب الأرناؤوط، عبدالله بن عمرو، 6703، صحيح
  8. ^ islamweb.net , أركان الإسلام وأركان الإيمان , 19/10/2020
  9. ^ سورة البقرة , الآية 177.
  10. ^ سورة الأنفال , الآية 2.
  11. ^ alukah.net , ثمرات الإيمان بالله تعالى , 19/10/2020
  12. ^ islamweb.net , ثمرات الإيمان بالملائكة , 19/10/2020
  13. ^ alukah.net , ثمرات الإيمان بالرسل , 19/10/2020
  14. ^ binbaz.org.sa , حكم من يترك ركناً من أركان الإسلام , 19/10/2020