كيف أصلي صلاة الوتر … وما هو فضل صلاة الوتر
كيف أصلي صلاة الوتر سؤال فقهي مهم وفي معرفة الإجابة عنه نفعٌ كبير وفضلٌ عظيم، فالوتر هو أحد الصلوات التي يُصلّيها المسلمون إلى جانب الصلوات المفروضة كالصلوات الخمس، والسنن الراتبة، ولكنّ لصلاة الوتر هيئات خاصة وأحكام مختلفة بعض الشيء عن بقيّة الصلوات، وفي هذا المقال سيتم بيان كيفية صلاة الوتر والأحكام المتعلّقة بها.
صلاة الوتر
إنّ الوتر في اللغة يعني العدد الفردي كالواحد والثلاث والخمسة، وقد ُاستخدم بهذا المعنى في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ”،[1] أمّا الوتر في الاصطلاح الشرعي فهو: الصلاة التي تؤدّى ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، وهي الصلاة التي يُتتم بها صلاة الليل، وتُسمّى بذلك لأنّ عدد ركعاتها هو عدد فردي، فتكون ركعة واحد أو ثلاث ركعات أو أكثر،[2] وبالنسبة لحكم صلاة الوتر فهي سنّة واجبة عند جمهور أهل العلم، وبعض الفقهاء قالوا بوجوب صلاة الوتر، ومن الأدلّة على أنّ صلاة الوتر ليست فرض، والدليل قول طلحة بن عبيد الله: “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ”،[3] فلو كانت صلاة الوتر مفروضة لأمره بها رسول الله.[4]
كيف أصلي صلاة الوتر
إنّ معرفة الإجابة عن سؤال: كيف أصلي صلاة الوتر؟ لا تستقيم إلّا بالرجوع لكيفية أداء النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لصلاة الوتر، فهو القائل صلّوا كما رأيتموني أصلي، ويجب اتبّاع النبي محمد في العبادات وعدم الابتداع فيها وفقًا للهوى، وقد أخبرت الأدلّة الشرعية أنّ رسول الله كان يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الوتر سورة الأعلى وفي الثانية سورة الكافرون وفي الثالثة سورة الإخلاص بالإضافة إلى سورة الفاتحة الواجبة في كل ركعة فقراءة هذه السور في صلاة الوتر من الأمور المستحبة والمسنونة.[5]
فرسول الله كان يُحافظ على صلاة الوتر في الحضر والسفر، ولكنّ عدد الركعات التي يُصلّيها في الوتر كانت متنوعة، فكان يُصلّي ثلاث ركعات أو خمسة أو سبعة أو إحدى عشر، إلى غير ذلك من الأعداد الفردية، أمّا عن أفضل وقت لتأدية صلاة الوتر فهو أمر نسبي فأفضل وقت بالنسبة لمن يخاف أن لا يستيقظ قبل صلاة الفجر هو أوّل الليل، وأفضل وقت لمن غلب على ظنّه أنّه سيؤديّ الوتر قبل صلاة الفجر هو آخر الليل، وفيما يأتي مسائل مهمّة تتعلّق بكيفية صلاة الوتر وهيئتها:[6]
عدد ركعات الوتر
يسأل الكثير عن عدد ركعات صلاة الوتر وذلك لأنّ صلاة الوتر ليست محدّدة بعدد معيّن من الركعات، وقد قال أهل العلم بجواز أن يُصلّي الإنسان الوتر ركعة واحدة، وله أن يُصلّيها ثلاث ركعات وهناك هيئتين لصلاة الوتر ثلاث ركعات، حيث يمكن للمصلّي أن يوصل الركعات الثلاث ببعضها ولا يجلس للتشهّد في الركعة الثانية بل يتشهّد مرّة واحدة في آخر ركعة، وله أن يُصلّي ركعتين ويُسلّم ثمّ يأتي بركعة ثالثة، ويمكن أن يُصلّي الإنسان خمس ركعات متصلة بتشهّد واحد، وله أن يُصلّي سبعًا وتسعًا ويجلس للتشهّد في الركعة قبل الأخيرة، ثمّ يتشهّد ويُسلّم في الركعة الأخيرة.[7]
ومن الجدير الإشارة إلى أنّه مع جواز أن تكون صلاة الوتر ركعة واحدة إلّا أنّ أهل العلم يعدّون صلاة الوتر بثلاث ركعات أقل درجات الكمال، وبالإضافة إلى هيئة صلاة الوتر التي ذُكرت سابقًا فإنّ هناك هيئة أخرى وهي تأدية صلاة الوتر ركعتين ركعتين مهما كانت عدد الركعات، أي أنّ المصلي يجلس للتشهّد في كل ركعتين ثمّ يُصلّي ركعةً واحدة يوتر بها صلاته، والدليل على هذه الهيئة قول رسول الله: “صلاةُ اللَّيلِ مَثنى مَثنى، فإذا خشِيَ أحدُكُمُ الصُّبحَ، صلَّى رَكْعةً واحدةً، توترُ لَهُ ما قد صلَّى”،[8] وليس هناك حد لعدد ركعات صلاة الوتر، فإذا صلّى الإنسان عددًا كبيرًا من الركعات خفّف في القراءة والركوع والسجود، وإذا كان العدد قليل أطال القراءة والركوع والسجود.[6]
القنوت في الوتر
القنوت في اللغة هو الدعاء والسكون والخضوع، وفي الاصطلاح فإنّ القنوت هو: الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام، وهو مشروع في صلاة الوتر ويكون بعد الركوع في الركعة الأخيرة، ويمكن أن يكون قبل الركوع، وهو مشروع في جميع ليالي السنة، والدليل على مشروعيته؛ قول الحسن بن علي رضي الله عنهما:
“علَّمَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم كلماتٍ أقولهنَّ في قنوتِ الوِترِ : اللهمَّ اهدِني فيمن هديتَ وعافِني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن توليتَ وبارِكْ لي فيما أعطيتَ وقِني شرَّ ما قضيتَ إنك تقضي ولا يُقضَى عليك ، إنه لا يذِلُّ من واليتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ”،[9] فهذه هي صيغة دعاء القنوت وله صيغة أُخرى وهي: “اللهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاك من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذ بكَ مِنك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفْسِك”،[10] ومن المستحب رفع اليدين في دعاء القنوت دون مبالغة برفع الصوت في الدعاء أو البكاء والابتعاد عن التكلّف والسجع.[11]
فضل صلاة الوتر
بعد الحديث عن صلاة الوتر وبيان أنّها سنّة مؤكّدة لا بدّ من ذكر فضل صلاة الوتر، فالعلماء قالوا أنّها سنّة لبيان حكمها وفقًا للقواعد الأصولية وليس لكي يتهاون المسلمون في أدائها، فهي من آكد السنن وحثّ رسول الله على المحافظة عليها، وفيما يأتي بعض الأحاديث التي تبيّن فضل صلاة الوتر وأهميتها:[4]
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “أَوْتِرُوا قَبْلَ أنْ تُصْبِحُوا”.[12]
- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فأَوْتِرُوا يا أهلَ القُرآنِ”.[1]
- حافظ رسول الله على الوتر في الحضر والسفر والدليل: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ به يُومِئُ إيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ، إلَّا الفَرَائِضَ ويُوتِرُ علَى رَاحِلَتِهِ”.[13]
وبهذا يتبيّن فضل صلاة الوتر وضرورة المحافظة عليها، وذلك بعد أنّ بيّنا ما هي صلاة الوتر وما حكمها، وأجبنا عن سؤال: كيف أصلي صلاة الوتر؟ وذكرنا هيئات صلاة الوتر وعدد ركعاتها، والصيغ الواردة في دعاء القنوت المشروع ترديده في صلاة الوتر.