ما هو التسامح الفكري وأهميته وأنواع التسامح ومظاهره

ما هو التسامح الفكري

ما هو التسامح الفكري ؟ إنّه من المصطلحات التي تعود إلى واحدٍ من أنوع التسامح المعروفة على الصعيد العام، إن كان اجتماعيّاً أم ثقافيّاً أم حتّى دينيّاً. كما أنّ التسامح الفكري قد وضع أسسه وحدّده الفلاسفة والمفكرين المهتمّين بالقضايا والسلوكيّات الاجتماعيّة.

ما هو التسامح الفكري

التسامح الفكري هو الاحترام بالدرجة الأولى، ومن ثمّ التواضع، وقبول الآخر، واحترام الرأي والرأي الآخر، وعدم الإقصاء وعدم الكراهية. كما أنّ التسامح الثقافي لا ينفصل عن التسامح الفكري، ناهيك عن آداب الحوار ومن ثمّ التخاطب الصحيح والسليم. لا سيما أنه كلّ ما هو متعلّق بنبذ العنف وجميع الممارسات التي يفرزها ويخلّفها، وخاصّة التعصّب، والتنمّر، والجرائم. كما يعتقد العديد من العلماء أنه لا ينبغي أن تكون أي أفكار أو وجهات نظر بعيدة عن المناقشة. والتسامح يتطلب الشجاعة، بينما التعصب ونظرة الجبان الفكري لا يتطلب سوى قلم رقيب. في حين أنّه مستغرب ومستهجن كيف يمكن للبعض أن يقرأ كتاب عن (الحرية)، فيُقرأ أحياناً على أنه احتفال بالهرطقة.

اقرأ أيضاً: اخلاقيات العمل .. مفهوم ومصادر أخلاقيات العمل

ما معنى التسامح

من خلال بحثنا ما هو التسامح الفكري فإنّنا نقدم تعريفاً عن معنى التسامح في اللّغة العربيّة. جاء في كتاب لسان العرب لابن منظور بأنّ كلمة التسامح هي مرادفة لكلمة التساهل. وهذه الكلمات مشتقة من فعل سمح. والمسامحة والسماح تعنيان الجود، والكرم، والسخاء، والعطاء، وليس تنازلاً، وبالتالي فإنّ المسامحة بلا منّة. بينما جاء في قاموس المحيط للفيروز أبادي بأنّ المساهلة كالمسامحة. وبالتالي فإنّه سامح وساهل تعني ياسَرَ. كما جاء في كتاب التفسير الكبير للرازي بأنّ اليسر هي من أعمال الخير.

التسامح في الإسلام

إنّ التسامح الفكري في الإسلام هو مبدأ ونهج صريح وواضح من خلال العديد من آيات القرآن الكريم، إلاَّ أنّها لم تأتِ بتسمية واضحة للتسامح بل جاءت كمضمون. ومن هذه الآيات التي تذكر التسامح والتعايش من خلال التساهل والرحمة على سبيل المثال:

  • سورة آل عمران: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” [الآية 159].
  • سورة البقرة: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” [الآية 62]. وأيضاً: “وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” [الآية 109].
  • سورة يوسف: “قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” [الآية 97 – 98].
  • سورة النور: “وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” [الآية 22]

أهمية التسامح الفكري

من خلال موضوعنا ما هو التسامح الفكري، حيث بيّنا المعنى المراد به من هذا المصطلح. فإنّنا نأتي على ذكره وأهميته من خلال المبادئ التي وضعتها منظّمة اليونسكو والتي صدرت في السادس عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1995 م، وذلك احتفالاً بعيد تأسيس المنظّمة الخمسين. وجاء فيها: “إنّ التسامح هو احترام وتقدير للتنوّع الغنيّ في ثقافات هذا العالم، وأشكال التعبير، وأنماط الحياة التي يعتمدها الإنسان”. كما أنّ التسامح الفكري يعزّز فكرة الخير مع الآخرين، ويوطّد مفهوم الاعتذار، حيث يدعم الثقة بين الأفراد والمجتمعات، وبالتالي فإنّه ينشّط الحوارات البنّاءة، وينبذ التطرّف.

اقرأ أيضاً: الفرق بين الليبرالية والعلمانية وعلاقتهما بالديمقراطية

أنواع التسامح ومظاهره

في السياق نفسه ما هو التسامح الفكري، نورد أهمّ أنواع التسامح إنّ كان التسامح الفكري، أو التسامح الديني، وأيضاً التسامح السياسي، بالإضافة إلى التسامح العرقي. وبعض مظاهر التسامح الفكري التي ترتبط بقيم التسامح ارتباطاً وثيقاً، وهي على سبيل المثال:

  • التسامح الفكري: إنّ التسامح الفكري كما أشرنا أعلاه يدخل في صلبه التسامح الثقافي. وهو بالنتيجة يدعو لنبذ التعصّب لأيّ أفكار، وبالتّالي يدعو لاحترام آراء الآخر، وآداب الحوار، وأيضاً التخاطب.
  • التسامح الديني: وهو ما يؤسّس لاحترام الطقوس الدينيّة لكافّة الأديان. ناهيك عن ممارسة الشعائر بكامل الحريّة، بالإضافة على نبذ التعصّب لأيّ مذهبٍ، وحتّى التطرف.
  • التسامح السياسي: هذا النوع من التسامح هو ما يؤسّس للديمقراطيّة الصحيحة والصريحة. بذلك فإنّه يضمن توفّر الحريّات السياسيّة، إنّ كانت فرديّة أو حتّى جماعيّة.
  • التسامح العرقي: وهذا النوع من التسامح يؤسّس لقبول الآخر بالرغم من اختلافاته العرقيّة، وحتّى اللون. في الواقع إنّ التسامح العرقي يناهض التمييز العنصري بكافّة أشكاله.

في الختام، تعرفنا على ما هو التسامح الفكري بصورة عامّة، والذي يعرف أيضاً بالتساهل الفكريّ. لا سيما أنه ظهرت العديد من الكتابات في القرن السّابع عشر في إنكلترا حول التسامح الفكري، والتي أثارت الجدل في العديد من الأمور المتعلّقة بها، خاصّة المتعلّقة بالناحية الدينيّة.

المراجع

  1. ^ quran.ksu.edu.sa , القراءة من مصحف المدينة , 10/6/2021
  2. ^ ideas-idees.ca , On tolerance, the ethos of intolerance, and intellectual courage , 10/6/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *