من شعب اللسان .. أقسام شعب الإيمان وشعب الكفر
جدول المحتويات
وضع العلماء عددًا من شعب اللسان ؟ حيث أن الإيمان ينقسم بأصله إلى إيمان بالقلب، وإيمان بالجوارح، وإيمان باللسان، ويندرج تحت كل قسم من هذه الأقسام شعب، وقد اجتهد العلماء في إحصاء هذه الشعب من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم، فعدّوا كل طاعة عدّها الله أو رسوله من الإيمان وأحصوها ليضعوا في النهاية شعب الإيمان حسب اجتهاد كل منهم.
شعب الإيمان
في حديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ“، [1] وقد اعتنى الأئمة بهذا الحديث كثيرًا واعتبروه من الأصول لإدخال الطاعات في الإيمان، واعتبروها من شعبه، كما ألفوا في هذا الموضوع بعض المصنفات.[2]
وحسب قول أبي حاتم بن حبان أنه تتبع معنى هذا الحديث مدة وعدّ الطاعات فوجدها تزيد على العدد شيئًا كثيرًا فرجع إلى السنة فعدّ كل طاعة عدها نبي الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان، فوجدها تنقص عن البضع والسبعين، ثم رجع إلى كتاب الله فقرأه بتدبر فعد كل طاعة عدّها الله سبحانه وتعالى من الإيمان، فألفاها تنقص عن البضع والسبعين، فضمّ الكتاب إلى السنن وأسقط المعاد، فإذا كل شيء عدّه الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- تسع وسبعين شعبة، فلا يزيد عليها ولا تنقص، فعلم أن مراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الكتاب والسنن. والله أعلم.[2]
من شعب اللسان
من شعب الايمان حفظ اللِّسَان عَمَّا لَا يحْتَاج اليه، ويندرج تحته شعب متعددة مثل الْكَذِب، والغيبة، والنميمة، وَالْفُحْش،والأمثلة على ذلك من القرآن والسنة كثيرة، [3] مثل قَوْلِه تَعَالَى: “والصادقين والصادقات”، [4] وَقَوله تَعَالَى: “يَا ايها الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين”، [5] وَقَوله تَعَالَى: “وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم”، [6] وَقَوله تَعَالَى: “إِن الَّذين يفترون على الله الْكَذِب لَا يفلحون”. [7]
كما في لِحَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: “إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يَكونَ صِدِّيقًا. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذّابًا”.[8]
أقسام شعب الايمان وشعب الكفر
وشُعَب الإيمان تنقسم إلى شعب قولية وشعب فعلية، وشُعَب الكفر أيضًا تنقسم إلى قسمان؛ قولية وفعلية، ومن ضمن شُعَب الإيمان القولية الشُعَبٌ التي يُوجِبُ زوالُها زوالَ الإيمان كله، ومن شُعَبِهِ الفعلية أيضًا ما يوجب زوالُها زوال الإيمان، وشُعَب الكفر القولية والفعلية مثل ذلك، فمثلما يكفر بالإتيان بكلمة كفر مختارًا، وهذه من شعب الكفر، فأيضًا يَكْفُر بفعل واحدة من شُعَبه؛ مثل السجود للصنم، والاستهانة بالقرآن، فهذا أصل. [9]
حقيقة الإيمان وأقسامه عند أهل السنة
حقيقة الإيمان أنه مركَّب من قول وعمل، فالقول نوعان: قول القلب؛ أي الاعتقاد، وقول اللسان؛ أي التكلم بكلمة الإسلام. وكما ينقسم العمل إلى قسمين: عمل القلب، وهو إخلاص نيته ، وعمل الجوارح، فإن زالت تلك الأربعة زال الإيمان كله، وإن زال تصديق القلب لم تنفع باقي الأجزاء، لأن تصديق القلب يعد شرطًا في اعتقادها وأنها نافعة، وإن زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق، فهذا هو مكان المعركة بين الْمُرْجِئَة وأهل السُّنة؛ حيث يجمع أهل السنة على زوال الإيمان، فلا ينفع التصديق مع ذهاب عمل القلب، مثلما لم ينفع إبليسَ، وفرعونَ، وقومَ فرعون، واليهودَ، والمشركين ممن كانوا يعتقدون بصدقَ رسول الله، ويُقِرُّون به سرًّا وجهرًا، قتلراهم يقولون: هو ليس بكاذب، ولكن لا نَتَّبِعُه ولا نؤمن به.[9]
فإن كون الإيمان يزول بزوال عمل القلب، فغير مستغرب أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح، خاصة إن كان معه عدم محبة القلب وانقياده، والذي هو ملزِم لعدم التصديق الجازم، حيث يلزم من عدم طاعة القلب أن لا طاعة بالجوارح؛ فلو أطاع وانقاد أطاعت الجوارح، ويلزم من عدم طاعته عدم التصديق المستلزِم لهذه لطاعة، وههذه حقيقة الإيمان، فهو ليس التصديق المجرد، وإنما التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وكذلك الهُدى ليس مجرد معرفة الحق وتبيينه، إنما معرفته المستلزِمة لاتباعه، وإن سُمِّي الأول هدى، فليس هذا الهدى التامَّ الذي يستلزِمَ الاهتداء، حتى أن اعتقاد التصديق وإن سُمِّي تصديقًا، فهو ليس التصديقَ المستلزِمَ للإيمان؛ فعليك مراعاة هذا الأصل.[9]
ذكرنا فيما سبق بعضًا من شعب اللسان ، وذكرنا ان الإيمان ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي؛ اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، ويتفرع من كل واحدة منها شعب متعددة اجتهد العلماء في تصنيفها.