هل الدخان يفطر الصائم وما حكم استنشاق الدخان للصائم

هل الدخان يفطر الصائم من الأحكام المهمة التي يجب على كل مسلم معرفتها في شهر رمضان المبارك، فمن الجدير أن الصيام يُعرّف في اللغة بأنه الإمساك عن الشيء، وأما في الاصطلاح هو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع، وذلك يكون من أذان الفجر الثاني إلى الغروب، مما يعني حرمة الإفطار في أثناء النهار باستثناء الرخص التي شرعها الله تعالى؛ كالمسافر والحائض والنفاس، لذا يهتم موقع محتويات ببيان بعض الأحكام المتعلقة بالصيام.

هل الدخان يفطر الصائم

اتفق الفقهاء من المدارس الأربعة على أن الدخان أو السجائر من مسببات إفطار الصيام، حيث إن الدخان مادة بطبيعتها تصل إلى الحلق والجوف، وهي أحد المنافذ الطبيعية لإدخال المواد إلى المعدة، ويحتوي الدخان على مواد عضوية كالقطران والنيكوتين، وهي مواد ضارة، وتظهر في الرئتين والحنجرة، ومضت دائرة الإفتاء لتقول إن المدخن يفطر؛ لأن أجزاء من الدخان وجزيئاته تدخل الرئة عمدًا، والتي تعتبر جزءًا من التجويف الذي يتأثر بالفطر بدخوله إليها.

وهو يشبه البخور في تكوينه، ومادته ليست في الحكم، وقد ذهب بعض الحنفية إلى أن سبب الإفطار كان بسبب الدخان، سهولة في اجتنابه، كما تفعله النفس البشرية في طبيعتها، وفيه يريح الإنسان عطش بطنه وجوعه، وهذا يتعارض مع الغرض من الصيام، وهو ترك الأكل والشرب والشهوة في سبيل الله تعالى، ودليل ذلك في الحديث القدسي، قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: “يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي”.[1]

اقرأ أيضًا: هل بخاخ الانف يفطر الصائم

ما حكم استنشاق الدخان للصائم

اتفق الفقهاء على أن التدخين من مفسدات الصيام، لأنه يفطر ويفسد كذلك إذا نزل الصائم دخانه بغير استعماله كالاستنشاق عمدًا، وقد ذكر فقهاء الحنفية والمالكيون على من فعل ذلك عن عمد وجوب التكفير مع وجوب القضاء، على خلاف ذلك الشافعية والحنابلة الذين يعتقدون بوجوب قضاء الصيام فقط، ولكن إذا نزل في حلقه بغير قصد لا يعتبر من الفطر، فمثلاً: التواجد في مكان يشرب فيه دخان ودخل شيء منه في حلقه لصعوبة تجنب الدخول في حلقه، كما أنه يفطر عند المالكية عندما يمضغ الصائم الدخان أو يستنشقه، لأن طعمه يصل إلى الحلق، ويتكيف مع الدماغ، وكذلك التدخين ومص العصا، وليس التدخين من أسباب الفطر أو أعذار.[2]

هل دخان النار يفطر

لا يُعد ذلك من مفطرات الصوم للصائم، لكن بشرط أن لا يتعمد إدخاله إلى حلقه سواء دخان طعام أم غيره؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إذا تعمد إدخاله أفطر به، فيجب على العبد أن لا يتعمد ذلك، أما الشيء الذي عرض يدخل بغير قصد؛ ومثال ذلك: دخانه عود أو دخان حطب أو ماء فلا يفطر ولا يفسد الصيام، لكن كونه يتعمد يستنشق العطر أو ما أشبه ذلك من الدخان، فهذا بعض أهل العلم يراه يفطر، فينبغي له التحرز من هذا.[3]

هل البخور يفطر

اختلف الفقهاء في حكم ذلك على عدة أقوال، وفيما يأتي بيانها:

• الحنفية: وذهب الحنفية إلى أن دخول الدخان ونحوه كالبخور بأي صورة في حلق الصائم مع تذكر صيامه يفطر، وذلك لسهولة الابتعاد عنه والتحرز منه، وهذا ليس كرائحة الورد أو العطر حيترك يمكن تركه؛ لأن جوهر البخور يصل إلى حلقه بفعله ونية منه، أما الورد والعطر فهما هواء يعطر برائحة الورود، ولا يفطر.
• المالكية: وذهب المالكية إلى أن أي نوع من الدخان يصل إلى الحلق بنية يعتبر مفطرًا، وسواء كان الدخان من حرق البخور، أو السجائر، أو غير ذلك، كما في كل شيء يصيبه بالخطأ في الحلق، فإنه لا يفطر.
• الشافعية: وذهب الشافعية إلى أن الروائح التي تصل إلى الجوف كرائحة البخور وغيره من الروائح لا يفطر الصيام؛ ومثال ذلك أيضًا العطور والروائح الطيبة على وجه العموم.
• الحنابلة: يقول الحنابلة أن رائحة البخور لا تفطر، لأنه ليس ما يؤكل ولا يشرب ولا في معناه نوع من المفطرات.

اقرأ أيضًا: حكم ازالة الشعر في نهار رمضان

هل العطر يفطر

يجوز شم العطور أثناء الصيام، مما يعني أنه لا يفسد الصوم، إلا إن كان هذا العطر له رذاذ كالبخور، فلا يجوز استنشاقه، لأن ذلك يؤدي إلى دخول أجزاء منه إلى الجوف؛ مما يعني يصبح من المفطرات، وأما مجرد الرائحة فلا تفسد الصوم، وقال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: “وأما الطيب فكذلك جائز للصائم في أول النهار، وفي آخره ـ سواء كان الطيب بخوراً، أو دهناً، أو غير ذلك، إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور، لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة، إذا استنشق تصاعدت إلى داخل أنفه ثم إلى معدته، ولهذا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للقيط بن صبرة ـ رضي الله عنه: “بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً”، وقال أيضا: رائحة العطر لا تفطر حتى لو استنشق الإنسان هذا العطر، فإنه لا يفطر، لأنه لا يتصاعد إلى جسمه شيء سوى مجرد الرائحة”.[4]

اقرأ أيضًا: هل بخاخ الربو يقطر

حكم التدخين في نهار رمضان

يعتبر التدخين من المواد الجديدة التي لم تكن معروفة في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا في عصر الصحابة – رضي الله عنها – ولا في عصر الصحابة والأئمة، أي المجتهدين بحثوا جيدًا، وقاسوا على العديد من الأمور المحرمة، إلا أنها ظهرت في نهاية القرن العاشر الهجري في مصر وبعض الدول الإسلامية، وعندما ظهرت آراء الفقهاء في حكمه من قِبل أصحاب المذاهب الأربعة؛ لأنها تفيد المجتمع؛ ولأن الدخان ينحسر ويسكر من يأخذه، وهو ما اتفق عليه معظم الفقهاء القدامى والمعاصرين، ودليلهم من القرآن الكريم، قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، ودليل ذلك أيضًا من السنة النبوية الشريفة، قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، كما أن العلماء اعتبر ذلك من إضاعة المال، مستدلين بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- حَرَّمَ علَيْكُم: عُقُوقَ الأُمَّهاتِ، ووَأْدَ البَناتِ، ومَنْعًا وهاتِ، وكَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةَ المالِ”.

هكذا؛ يكون قد تم التعرف على إجابة سؤال هل الدخان يفطر وتبين أنه من المفطرات اتفاقًا بين المذاهب الأربعة: الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة.