الأصل في حكم الطلاق التحريم

الأصل في حكم الطلاق التحريم

هل الأصل في حكم الطلاق التحريم ؟، من المواضيع التي سيتم التعرف عليها في هذا المقال، فمن الجدير أنّ المقصود بالطلاق لغةً: رفع التقييد، أمَّا اصطلاحًا: فهو رفع عقد النكاح إمَّا بطلقةٍ بائنة، أو بطلقةٍ رجعيةٍ بلفظٍ معيّن، واتفق الفقهاء على أصل مشروعية الطلاق؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)، وأجمع المسلمون على أنّ الطلاق مشروع، ولكن اختلف الفقهاء في الحكم الرئيس للطلاق؛ فذهب الجمهور إلى أن الأصل في الطلاق الإباحة، ولكن في شروط معينة سيتم التعرف عليها.

الأصل في حكم الطلاق التحريم

إنّ الأصل في حكم الطلاق التحريم ، في مدّة حيض الزوجة، وتفاصيل ذلك فيما يأتي وسيتمّ التعرف على العديد من الشروط التي يتحقق فيها الطلاق، حيث اتفق الفقهاء على أنّ حكم الطلاق داخل فيه الأحكام كاملة، وهي: الإباحة والندب والوجوب والحرمة، وتفصيل ذلك على النحو الآتي:[1]

  • الوجوب: يكون الطلاق ضروريًا في حق الزوج الذي وقع في الإيلاء، والإيلاء: هو أن يحلف الزوج على عدم مجامعة زوجته لمدة معينة حيث تبلغ أكثر من أربعة أشهر، فإن مضت المدة ولم يُجامع زوجته أُمر بالطلاق، فإن رفض طلّق القاضي عليه طلقةً واحدةً، أو ثلاثاً، أو فسخ بينهما.
  • الندب: يكون الطلاق في حكم الندب إذا قصرت الزوجة في أداء حقوقها لله التي شرعها؛ كالصلاة والعفّة، أو لوقوع النزاع الشديد بينهما، ويُسنّ للمرأة أن تخلع زوجها إن ترك أيضًا حقاً من حقوق الله تعالى المفروضة.
  • الإباحة: يكون الطلاق مباحاً إذا وُجدت الحاجة من ذلك، كأن تكون الزوجة ذات خلق سيء، أو سيئة العشرة، أو لعدم وجود المحبة بين الزوجين.
  • الكراهة: يكون الطلاق مكروهاً إذا لم توجد حاجةٌ تدعو له؛ لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاقُ)،[2] يُقال أنّ هذا الحديث ضعيف، لكن الحكم باق.
  • التحريم: يكون الطلاق محرّماً إذا كانت الزوجة في مدة الحيض، أو كان طلاق الزوج زوجته في فترة طُهرٍ جامعها فيه، وهذا ما يُسمى بالطلاق البدعي.

هل التحريم يعتبر طلاق

إن الطلاق يختلف تمام الاختلاف عن التحريم، فصيغة التحريم هي: أنت حرام علي كظهر أمي، فالحكم يكون دفع كفارة ولا تكن مطلقة، ممّا يعني أنّ الزوجة باقية في ذمته، فإذا قال: أنت علي حرام، أو أنت علي حرام كظهر أمي، أنت علي كظهر أختي أو مثل بنتي، يقصد تحريمها عليه صار عليه الكفارة؛ كحكم الحلف بالله تعالى، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصايم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعًا، كل واحد له نصف الصاع، كيلو ونصف لكل واحد من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة قبل أن يمسها، قبل أن يتصل بها، هذا حكمه، وأما إذا قال: أنت طالق فهذه طلقة واحدة -إن لم يسبقها شيء من الطلاق- فتعتبر طلقة واحدة ويراجعها وهي زوجته ولا عليه كفارة ولا عليه شيء.[3]

يوجد فرق في الطلاق بين الجاد والهازل

اختلف الفقهاء في وقوع طلاق الهازل حيث ذهب الجمهور إلى وقوع هذا النوع من الطلاق، واستدلوا بما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- ‏‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏: (ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاقُ، وَالرَّجْعَةُ )، وتضمن هذا الحديث العديد من الأمور وهي: أن المكلف إذا هزل بالطلاق أو النكاح أو الرجعة: لزمه ما هزَل به، فدلَّ ذلك أن كلام الهازل معتبر  ويقع فيه الطلاق وإن لم لم يكن كلام النائم والناسي، وزائل العقل والمكرَه معتبرًا، ومن الجدير بالذّكر أنّ المقصود بالهزل هو: الطلاق غير الجاد؛ أي الواقع مزاحًا.

وهنالك نوعان من طلاق الهازل وهما: أن الهازل قاصدٌ للفظ غير قاصد لحكمه، وذلك ليس إليه، فإنما إلى المطلق، وأما ترتب مسبَّبَاتها وأحكامها: فهو إلى الشارع، سواء قَصَدَه المكلف أو لم يقصده، والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله وتكليفه، فإذا قصده: رتَّب الشارع عليه حكمه جدَّ به أو هزل مما يعني وقوع الطلاق، وهذا بخلاف النائم والمبرسم “وهو الذي يهذي لعلة في عقله” والمجنون وزائل العق ، فإنهم ليس لهم قصد صحيح، وليسوا مكلفين، فألفاظهم لغو بمنزلة الطفل الذي لا يعقل معناها ولا يقصده.

وورد عن ابن عثيمين أنه يقع الطلاق من الجاد ومن الهازل, والفرق بينهما أن الجاد قصد اللفظ والحكم, والهازل: قصد اللفظ دون الحكم؛ فالجاد: طلق زوجته وهو يقصد الطلاق, وأما الهازل: فهو قاصد للفظ غير قاصد للحكم، فهو يقول مثلاً: كنت أمزح مع زوجتي أو أمزح مع صديقي فقلت: إن زوجتي طالق أو ما أشبه ذلك، حيث يقول: ما قصدت أنها تطلق ولكني قصدت اللفظ فقط، وهذه الصورة يترتب الحكم عليها، لأن الصيغة قائمة والحكم إلى الله، ما دام وجد لفظ الطلاق بنية معتبرة من إنسان يعقل ويميز ويدري ماذا يعني فإنه يقع، فكونه يقول: أنا ما قصدت أن يقع فهذا ليس إليه , بل إلى حكم الله.[4]

شاهد أيضًا: إجراءات الطلاق في السعودية للمقيمين

أنواع الطلاق

إنّ للطلاق أنواع عديدة وفيما يأتي بيانها:[5]

الطلاق البائن بينونة الصغرى

وهو عندما يطلق الرجّل كامل العقل زوجته بلفظ الطلاق لمرة واحدة، فمن الجدير بالذّكر أنه حتى لو تلفظ بالطلاق لأكثر من مره في نفس المكان فيعتبر طلقة واحدة، ففي هذا النوع من الطلاق يمكن للزوج أن يراجع زوجته إلى ذمته متى يريد بدون مهر وعقد جديدين في حال لم تتم عدتها أي ثلاثة شهور بعد وقوع الطلاق، أما إذا أتمت  الزوجة عدتها وتجاوزتها فلا يستطيع الرجل إعادة الزوجة، هنا يتحول إلى طلاق بائن بينونة كبرى.

الطلاق البائن بينونة كبرى

وهو أن يطلق الزوج زوجته ثلاث مرّات أو طلقات ليس في الوقت ذاته، وإنما في جلسات متباعدة، وتكون قد أتمت عدتها التي هي ثلاثة أشهر.

الطلاق بالخلع

يكون ذلك بالاتفاق بين الزوجين أن ينهيا عقد زواجهما عن بعضهما مقابل أن تدفع الزوجة للزوج حقوقه المالية، ومثال ذلك: تنازل الزوجة عن المهر الّذي في عقد الزواج أو جزء منه، وبالرغم من أن الشريعة الإسلاميّة وضعت حق الطلاق بيد الرجل، ولكن أعطت الزوجة المظلومة مع زوجها الحق في الانفصال عن الزوج إذا لم تستطع إتمام عيشها معه ولكي تأخذ حقها بالزواج من غيره وذلك بشروط معينة.

الطلاق من خلال القاضي

يكون ذلك من خلال قيام القاضي بطلاق الزوجة من زوجها في حالات معينة، مثل: إذا كان الزوج غائب ولا أحد يعرف مكانه أو وقت عودته، أو في حال ترك الرجل لزوجته وهجرها لمدة طويلة بدون أن ينفق عليها أو يعطيها حقوقها الشرعية، أو في حالة زواج امرأة مسلمة من رجل غير مسلم حتى وإن كان ذلك في حضور والدها، فإذا وصل الخبر إلى القاضي ورفع الموضوع إليه معترضين على الزواج فإنّ القاضي يطلقها.

شاهد أيضًا: هل يجوز الطلاق في رمضان

شروط الطلاق في المحكمة

إليكم شروط الطلاق في المحكمة التي تسمح للقاضي أنْ يُطلق الزوجة من زوجها عند طلبها الطلاق للضرر من خلال المحكمة، وهي كالآتي:

  • عدم نفقة الزوج على زوجته، أو عدم توفير المسكن للزوجة والأبناء.
  • وجود عيب بالزوج يمنع من إعطاء الحقوق.
  • غيبة الزوج بلا عذر.
  • حبس الزوج لأكثر من 3 سنوات ويشترط أن ترفع الدعوى بعد مضى سنة كاملة وتحقق المحكمة ذلك طلقتها المحكمة.
  • حصول الضرر الثابت بسبب الزوج كأن يضربها، أو يسبها، أو يؤذيها بالقول أو الفعل، ونحو ذلك.
  • إصابة الزوج بمرض معدي يُسبب الأذى للزوجة.
  • الخيانة الزوجية.
  • الإصابة بعلة أو مرض كالجنون وغيرها من الأمراض التي يستحيل فيها ممارسة العشرة الزوجيّة.

شاهد أيضًا: طريقة الطلاق الإلكتروني في السعودية من الألف إلى الياء

إلى هنا نكون قد بينا الأصل في حكم الطلاق التحريم ،  وقد تبين أنّ التحريم وارد في حالة الطلاق البدعي؛ أي الطلاق في فترة حيض الزوجة، كما تعرفنا على أحكام الطلاق الخمسة، بالإضافة إلى أنواع الطلاق.

المراجع

  1. ^ منصور البهوتي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، بيروت: دار المؤيد- مؤسسة الرسالة، صفحة 559-591. بتصرّف , 17-02-2021
  2. ^ رواه ابن الملقن، في خلاصة البدر المنير، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2/218، إسناده صحيح
  3. ^ binbaz.org.sa , التفرق بين الطلاق والتحريم , 17-02-2021
  4. ^ islamqa.info , حكم طلاق الهازل , 17-02-2021
  5. ^ محمد بن سالم بن حفيظ، المفتاح لباب النكاح، صفحة 22-23. بتصرّف , 17-02-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *