تحصين النفس من العين والحسد

تحصين النفس من العين والحسد

تحصين النفس من العين هو من أكثر ما يشغل قلب المسلم، وكلمة العين في سياق المقال مصدرها عان ويعين إذ أصاب شيئًا بعينه،  وتأتي العين بعد الإعجاب بالشيء، وإصابة المعين بسهام خبيثة قد تؤثر به إذا لم يكن محصنًا، وقد تخطئه وترد أحيانًا على صاحبها، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد بالضرورة عائنًا، وقد يعين المسلم نفسه أو يعين غيره بغير قصد، أما الحسد فهو تمني زوال النعمة من الغير وكره سعادته ونجاحه. ويجب على المسلم أن يؤمن بوجود العين والحسد دون الهوس والوسوسة وربط كل ما يصيبه بالعين والابتعاد عن الشعوذة والبدع. [1]

تحصين النفس من العين والحسد

لا تقع العين ولا يصيب الحسد مؤمنًا إلا بقضاء الله وقدره، ولا شفاء إلا من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فتحصن النفس بتلاوة عطرة لكلمات الله تعالى وبالأذكار والأدعية.

ويكون تحصين النفس من العين بما يأتي: [2]

  • كثرة الاستغفار والأذكار: كقول: أستغفركَ يا إلهي وأتوبُ إليك لا إلهَ إلا أنتَ سبحانك إني كنتُ من الظالمين.
  • قرأة التعوذيات: اللهم ربَّ الناس، أَذهِب الباس، اشفِ أنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا”. و”أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كلِّ شيطانٍ وهامَّة، ومن كلِّ عين لامَّة”. و”أعوذ بكلمات الله التامَّات من شرِّ ما خلَق”.
  • قرأة الرقية الشرعية: وهي متكونة من سور وآيات قرٍآنية كسورة الفاتحة وآية الكرسي وقراءة سورة الكافرون، وسورة البقرة، وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين.

ويكون تحصين النفس من العين بعدم ذكر أفضال الله ونعمه من نجاحات مادية ومعنوية إلا للأهل والأقارب لقول طه الحبيب: “استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان؛ فإن كلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ”.[3]

شاهد أيضًا: دعاء الحسد والعين مكتوب

العين والحسد في القرآن الكريم

وردت كلمة الحسد في القرآن الكريم مرات عدة ففي سورة البقرة ذكر الحسد كتكبر ومعصية من إبليس فقال تعالى: ” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِن الكافرين” [4]،
وقال أيضًا في سورة الإسراء: ” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا” [5]، وقال جل شأنه: ” أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا” [6].

وحذر الله سبحانه وتعالى المسلمين من الحسد فقال: “وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” [7]، وقال عز وجل أيضًا: ” وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ” [8]، وقال الله تعالى في سورة آل عمران: “إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” [9]، وقال عز وجل في سورة النّساء: “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ” [10]، وقال تعالى في نفس السورة: “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً” [11].

وقال الله تعالى في سورة يوسف: “إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ” [12]،وقال إخوة يوسف ذلك حسدًا منهم لقربه من أبيه أكثر منهم، كما قال الله تعالى في سورة الفلق: “وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ”. [13]

العين والحسد في السنة

جاء نبينا محمد خاتمًا للأنبياء والرسل ليتمم مكارم الأخلاق ونهى عن السمات السيئة ومنها الحسد والعين، وجاء في السنة أحاديث كثيرة عن تحصين النفس من العين والحسد والنهي عنهما فقال صلى الله عليه وسلم: ” لا تباغَضوا، ولا تحاسَدوا، ولا تدابَروا، وكونوا – عباد الله – إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ”[14]، وقال أيضًا عن الرجل صدوق اللسان: “هو التقيُّ النقيُّ، لا إثمَ فيه، ولا بغيَ، ولا غِلَّ، ولا حسد” [15]، كما روى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يجتمعان في قلب عبدٍ: الإيمان والحسَد” [16]، وقال خير الأنام صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الناس بخيرٍ ما لم يتحاسَدوا، لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا” [17]، وروى أبو دواد في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب”. [18]

إقرأ أيضًا: دعاء التحصين من فيروس كورونا

العين والحسد من الصفات الذميمة التي نهى عنها ديننا الحنيف لعواقبها الوخيمة، فأول الذنوب والخطايا ذنب الحسد وقد عُصي الله به في السماء، فحسد إبليس آدم وأخرجه وزوجه من الجنة، وأول ذنب عُصي الله به في الأرض، فحسد قابيل أخاه هابيل، لذلك وجب تحصين النفس من العين والاعتماد على الله والتوكل إليه.

المراجع

  1. ^ islamqa.info , حقيقة العيْن وطرق الوقاية منها وعلاجها , 07/08/2020
  2. ^ ar.islamway.net , علاج الحسد والعين رابط المادة: http://iswy.co/evarp , 07/08/2020
  3. ^ صحيح الجامع , الألباني، معاذ بن جبل وعمر بن الخطاب وابن عباس وعلي بن أبي طالب، 943، صحيح
  4. ^ سورة البقرة , الآية 34
  5. ^ سورة الإسراء , الآية 61
  6. ^ سورة النساء , الآية 54
  7. ^ سورة البقرة , الآية 109
  8. ^ سورة القلم , الآية 51
  9. ^ سورة آل عمران , الآية 120
  10. ^ سورة النساء , الآية 32
  11. ^ سورة النساء , الآية 54
  12. ^ سورة يوسف , الآية 8
  13. ^ سورة الفلق , الآية 5
  14. ^ صحيح مسلم , مسلم، أنس بن مالك،2559، صحيح
  15. ^ صحيح ابن ماجه , الألباني، عبدالله بن عمرو، 3416، صحيح
  16. ^ صحيح النسائي , الألباني، أبو هريرة، 3109، حسن
  17. ^ تخريج المسند , شعيب الأرناؤوط، أبو بكر الصديق، 17، إسناده صحيح
  18. ^ سنن أبي داود , أبو داود، أبو هريرة، 4903،سكت عنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *